عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Mar-2019

قصص واقعية تجسد ظاهرة زواج الشاب العربي بأجنبية !

 

عمان _ الدستور - منى جمال نعلاوي  -حديث لشابين كانا يجلسان في مقعد في حافلة نقل عام, قال أحدهما « أنا افكر بالزواج من ألمانية حال سفري هناك ، لأحصل على الجنسية ولتدعمني في عمل جيد».
رفيقه رد بمباركة وتشجيع، فبرز السؤال «هل أصبحت رغبة الشاب العربي واقدامه على الزواج من فتاة أجنبية ظاهرة انتشرت في مجتمعاتنا العربية بشكل ملحوظ؛ بعد أن كانت مجرد أفكار وأمنيات تترجم على شكل نكات ومزاح تتداولها  الأوساط الشبابية فيما بينها أو على مواقع التواصل الاجتماعي»؟
تجربة الشاب « يوسف»تاليا تجسد أنموذجًا حيًّا واجابة عن السؤال
«يوسف .ج» شاب أردني سافر الى الولايات المتحدة الأمريكية بهدف العمل , هناك في احدى مدن ولاية « بوسطن « تعرف على « ليزا « جارته الروسية , التي استطاع أن يخلق معها جسرا من التواصل الانساني بين ثقافتين مختلفتين، ثقافته العربية وثقافتها الغربية .
يقول يوسف : « كانت ليزا نموذج الفتاة التي احلم بالارتباط بها شكلا وعقلا وأخلاقا , فأنا حتى لو كنت أحلم بالزواج من أجنبية في النهاية أنا ابن بيئة عربية شرقية وأرغب بزوجة تناسب مجتمعي العائلي , أو على حد تعبيرنا نحن العرب « بنت عيلة , تربية بيوت «.
ويتابع يوسف قائلا :» أؤمن أن التوافق الفكري والعاطفي بين الطرفين بالاضافة الى درجة كافية من الوعي هو ما يخلق حياة زوجية صحية مبنية على أساس سليم , حتى لو كان الزوجين من هويتين وثقافتين مختلفتين «.
وردا على سؤال :  ما اذا كان فكر بمصير أبنائه مستقبلا , خاصة مع اختلاف ثقافتي وهويتي الأم والأب , أجاب بثقة :» بالعكس أكثر ما فكرت به هو أبنائي مستقبلا , فاختلاف الثقافات بيني وبين زوجتي قد يكون نافذة تثري ثقافة أطفالي , وتربيهم على تعزيز مبدأ التعايش وتقبل اختلاف الآخر, وهذا ما نفتقده غالبا في مجتمعنا العربي . بالاضافة الى فرصة أبنائي في الحصول على أكثر من جنسية , اضافة الى تعدد المهارات اللغوية التي تعزز اطلاعهم  الدائم على التباين في الموروثات والمعتقدات بين بلدي الأم والأب , وهذا كله ولم ندخل في موضوع الامتيازات التي يحصل عليها ابناء هذا الزواج من مستقبل اقتصادي وعملي صحي «.
اجراءات عقود زواج اردني من أجنبية هي أكثر الصعوبات 
وعن صعوبة واجهها يوسف في هذه العلاقة الزوجية قال « لا مكان للصعوبات في حال وجود التفاهم والوعي بين الطرفين , ولكن الصعوبة كانت في اتمام اجراءات عقد الزواج , فاجراءات زواج الأردني من اجنبية تتطلب الكثير من الأوراق والثبوتيات الشخصية والشهادات الصادرة عن المحكمة الشرعية وغيرها , بالاضافة الى الوقت الكبير في ارسال عقود الزوج لأخذ بعض الموافقات من جهات أمنية معينة ,  بالاضافة الى الوقت في اصدار تصريح من وزارة الداخلية للموافقة على الزواج , وكل هذا قبل اتمام عقد القران على يد المأذون الشرعي او المحكمة الشرعية «.
أود أن ألفت الانتباه الى ملحوظة فيما يتعلق بكلمة الفتاة «الأجنبية « , فالأجنبية في القانون الأردني « هي أي فتاة لا تحمل الجنسية الأردنية سواء كانت عربية أو غربية , ولكن ما نقصده نحن هنا في حديثنا عن الأجنبية المعنى المتعارف عليه اجتماعيا ليس قانونيا  , وهو الفتاة من جنسية غربية .
 
 « بلال»: تجربتي انتهت بالطلاق وعادت زوجتي الأجنبية الى بلادها ..
« بلال . ع « له قصة مشابهة في المضمون , ولكنها مختلفة النتيجة عن تجربة يوسف , فعلى حد تعبير بلال «تجربته فاشلة بكل المقاييس « , فباختصار « بلال « تزوج من فتاة أمريكية تعرف عليها عن طريق الانترنت , تركت بلادها وجاءت الى الأردن بقصد الزواج من بلال وتأسيس حياة زوجية مستقبلية معه , ولكن بعد الزواج ومع مرور الوقت لم تستطع التأقلم مع بيئته العائلية التي لا تتناسب مع انفتاحها الغربي ورفضت التجاوب مع عادات وتقاليد مجتمعه , وبين أخذ ورد انتهت العلاقة بطلبها الطلاق وعودتها الى بلادها .
 
وبين المؤيد والمعارض .. تبقى الكلمة الأولى والأخيرة لطرفي العلاقة فقط ..
برأي « فاطمة « المؤيدة لزواج العربي من أجنبية أن أخلاق الفتاة لا تحددها هويتها واصلها  , فترى فاطمة في كثير من الأحيان أن الأجنبية أكثر تاقلما من الزوجة العربية مع بيئة زوجها العربي  , وتقبل الأجنبية ثقافة مجتمع الزوج العربي أكثر مرونة من الزوجة ذات الهوية العربية .
أما « رسمية « فتجد في تقبلها زواج ولدها من اجنبية فكرة من ضرب الخيال والمستحيل , فتعبر رسمية عن رأيها بشيء من المزاح الممزوج بالجدية قائلة « احنا العربية يا دوب متفاهمين معها , وعلى راي المثل ؛ يا متجوز من غير بلدك لا الك ولا لاولادك «.
عوامل انتشار ظاهرة زواج العربي بأجنبية 
يقول الاستاذ الدكتور» عبد المهدي السودي « استاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية أن أهم أسباب انتشار ظاهرة زواج العربي من أجنبية هي الضغوطات الاقتصادية التي يعاني منها الشباب العربي والأردني تحديدا , وانعدام فرص العمل في بلادهم , وبالتالي اثناء سعيه للبحث عن رزق أو عمل أو دراسة يبحث الشاب عن فرصة حياة تمنحه امتيازات اقتصادية ومالية , فتتجسد هذه الفرصة على شكل علاقة زواج تربطه بأجنبية توفر له مصلحة مستقبلية .
ويسترسل « السودي في حديثه قائلا « أن هناك أسباب أخرى تدفع الشاب العربي للارتباط بفتاة أجنبية , وهي ان تكاليف الزواج من أجنبية أقل من تكاليف الزواج من عربية , وخاصة مع الفرق بين الفتاة العربية والغربية في كون الغربية صاحبة قرار فهي سيدة نفسها وتملك مصيرها بعيدا عن تدخل عائلي فيها حسب عادات مجتمعها , أما العربية فتحكمها منظومة عائلية وتلجمها قيود العادات والتقاليد الموروثة , اضافة الى أسباب أخرى لانتشار هذه الظاهرة وهو البحث عن الشكل الجمالي للأجنبية من باب تحسين النسل , فالجمال أهم دوافع الارتباط بها , أما عن الدوافع العاطفية , ففي حالات معينة نلاحظ تعلق الشاب بفتاة أجنبية بدات معرفته بها وتواصل معها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي الى أن وصلت علاقته بها لرغبته في الزواج منها حبا لها وتعلقا فيها .
 
ماذا عن أطفال هذا الزواج 
يشير « السودي « الى أن الشاب غالبا ما يتبنى شعار الغاية تبرر الوسيلة , فاذا كانت الغاية هي السعي وراء الرزق والهجرة والجنسية والعمل والدراسة  ؛ فالزواج افضل الوسائل وأسرعها لتحقيق هذه الغاية, وفي مرحلة ما قبل الزواج أو في بداية الزواج , يكون تفكير الشاب منصبا حول أكثر ما يمكن كسبه من هذه العلاقة ماديا واقتصاديا , ويتمحور تفكيره على طموحه في الحصول على جنسية زوجته الأجنبية, ولا يتنامى الى تفكيره ما قد ينتج لاحقا عن هذا الزواج من مشكلات قد تضعه في دوامة لا يستطيع الخروج منها, وأهم هذه المشكلات وأكثرها تعقيدا المتعلقة ب» الأولاد « , فمثلا أي مشكلة بين الطرفين أول من يدفع ضريبتها الأبناء, خاصة وأن القانون الغربي عموما يعطي الأم حق الحضانة الكاملة حتى بلوغهم السن القانونية, اضافة الى أن الطفل يتأثر بثقافة الأم ولغتها ومعتقداتها كونها الأقرب اليه, وخاصة اذا كان مكان الاقامة هو دولة الأم, وكل هذا في النهاية يصب في مستقبل الأولاد سواء  كان سلبا أو ايجابا .
ووجه السودي رسالة الى الشباب مفادها «اذا كان هذا الخيار الوحيد أمامك لتحسين ظروفك الاقتصادية والمادية, فالزواج مؤسسة أسرية مبدأها الاستقرار والمودة, فحول المصلحة المنتظرة من الزوجة الى أساس سليم لتأسيس حياة أسرية معها مبنية على الاختيار السليم لهذه الزوجة ذات الخلق والعلم, ولا مانع من  منفعة تحققها الزوجة للزوج في سبيل انجاح هذا الزواج بمختلف نواحي الحياة حاضرا ومستقبلا .