عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Sep-2020

الاجتماعات الرقمية.. ميلاد حقبة جديدة من الأنشطة والأعمال

 الراي- تالا أيوب

 
يجلس أمام جهاز الحاسوب المحمول في بيته، يرتدي ملابس رسمية في النصف الأعلى من جسده، وملابس عملية في النصف الأسفل منه، يناقش زملاءه من خلال شاشة حاسوبه، ويتحاور معهم حول مهام وقرارات مهمة تتعلق بالعمل.
 
مشهدٌ شوهد في كثير من بيوت العاملين والعاملات أثناء جائحة كورونا في أيام الحظر الشامل أو الجزئي، وأيام العمل، اذ يقبلون على استخدام التطبيقات الذكية للقيام باجتماعات رقمية؛ منعاً للتجمعات التي تتسبب بانتشار الوباء، واستكمالاً لسير العمل، وللحصول على التعليم بمختلف مستوياته، وللقيام بالاجتماعات، والدورات التدريبية وغيره (...).
 
يقول خالد علي الذي التحق بدورة تدريبية متخصصة عبر تطبيق لـ«أبواب-الرأي»: «كانت تجربة جيدة وجديدة، لم نألفها، وهذا ما ميزها بأنه تدريب عن بعد باستخدام تقنيات حديثة».
 
وحول آلية التدريب وبرنامجه يشير الى أن منظمي الدورة والمدربين حاولوا جاهدين إيصال المعلومات للمتدربين، وإفساح المجال قدر الإمكان لفتح باب المشاركة الفاعلة لتبادل الخبرات والمعلومات بين المشاركين؛ لتعم الفائدة على الجميع.
 
ووفق خالد علي: «فإن التدريب عن بعد لا يعطي المتدرب القدر الكافي من المعلومات والمهارات الموجودة في التدريب المباشر؛ لأنه يفتقد لحالة التفاعل الإيجابي والحوار البناء المفيد للجميع.
 
ويلفت إلى عدد من التحديات التي تواجه عملية هذا النوع من التدريب، والمتمثلة بضعف شبكة الانترنت في بعض الحالات، وعدم افساح المجال لجميع المشاركين لإبداء آرائهم، وملاحظاتهم، وأسئلتهم، واستفساراتهم، لأسباب تقنية وأخرى متعلقة بضيق الوقت.
 
وحول إيجابياته يقول خالد علي: «إنه وباستخدام التطبيقات الذكية يوفر الجهد والوقت والكلف المالية على المتدربين والمنظمين من جهة، ويفسح المجال لمشاركة أكبر عدد من المتدربين من مختلف دول العالم من جهة أخرى».
 
الاجتماعات الرقمية والمرأة
 
حول الاجتماعات الرقمية وأثرها على المرأة، تقول عضو مؤسسة صداقة رندة نفاع لـ«أبواب - الرأي»: «لقد ساهمت هذه الاجتماعات بإيصال صوت المرأة ورسالتها من داخل بيتها، في ظل تحديات عدم تواجدها لأسباب تتعلق بالإجراءات الإحترازية لجائحة كورونا، لمنع التجمعات أو التنقل بين المحافظات».
 
وتشير الى أنهن في المؤسسة لجأن الى مثل هذا النوع من الاجتماعات منذ اليوم الأول من الجائحة داخليا على مستوى المؤسسة، وخارجياً من أجل حوارات مع أطراف معنية في بعض القضايا التي تتعلق بهن.
 
أما فيما يتعلق بالجانب السلبي لهذه الاجتماعات على المرأة العاملة تقول نفاع: «ما زالت المرأة هي المسؤولة الوحيدة عن الأعباء المنزلية، اذ لا توجد تشاركية بين أفراد الأسرة، ما تسبب لها مضايقات نفسية، واجتماعية، بسبب تعدّد الأمور الرعائية التي تقوم بها داخل المنزل».
 
الأثر النفسي
 
يشير أخصائي الصحة النفسية الدكتور عمار التميمي الى أن الشخص الذي يحاور ويجتمع عن بعد يشعر بالارتياح بنسبة أكبر من الاجتماعات الواقعية.
 
ويتابع مبينا السبب: «إن لغة الاتصال غير اللفظي أو لغة الجسد تشكل نسبة أعلى من 55% من عملية الاتصال الكلية، بالإضافة الى دخول المشاعر في الاجتماعات الواقعية، فيحسّ الشخص بأنه تحت التقييم المباشر».
 
ويلفت إلى أن المشاعر ليست ثابتة بكل الاجتماعات، إذ كان هدف الاتصال مقابلة توظيف سيتخللها نفس القلق الذي يشعر به عندما يكون بمقابلة وجها لوجه، اذ ان الشخص نفسه عندما يشعر بأنه تحت تقييم أو مشاهدة أو مناظرة من قبل الآخرين سيتأثر أداؤه وسيرتفع مستوى قلقه.
 
ويشير إلى إمكانية إتاحة هذه الوسائل اجتماعات صوتية دون صورة، والتي تتحلّى بأريحية أكبر؛ لأن الشخص عندها يجلس في المكان الذي يرتاح فيه و يتحرر من القيود والضغوطات، كما يقلل من مصادر الضغط الخارجية المرتبطة بلقاءات وجها لوجه؛ لأنه يتطلب أن يكون الإنسان حاضراً ذهنياً ومشاعريا، ويراعي لغة الجسد، وردود أفعاله، وطريقة كلامه، وبالتالي سيكون مستوى قلقه أعلى.
 
الأثر الاقتصادي
 
يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ«أبواب–الرأي»: «إن هذا الشكل من الأنشطة أصبح أمراً معتاداً، وبالتالي فإن تطوير التقنيات المسهّلة له هو ميدان جديد للتكنولوحيا الرقمية، ناهيك عن أن العمل عن بعد يعني أن الوظيفة بمعناها التقليدي في سبيها للزوال، وأن العمل بالقطعة، أو العمل الحر هو الذي سيكون متاحا من الآن فصاعدا، وأن أصحاب المهارات الرقمية والتقنية هم الذين سيجدون الوظائف، لذلك فهذا الشكل من التواصل الرقمي لا يعبر عن تطور في تقنيات التواصل والعمل عن بعد، بل يعبر عن ميلاد حقبة جديدة من الأنشطة والأعمال ستوفرها شبكة الجيل الخامس أو انترنت كل شيء اعتباراً من الآن.
 
ويضيف: «إن هذا النوع من الاجتماعات يؤدي الى السرعة في إنجاز المهام والواجبات واتخاذ القرارات، لافتا إلى أن جائحة كورونا عجّلت في الحاجة لمثل هذه التقنيات وجعلها أمرا واقعا، ومواجهتها بخسائر أقل».
 
ويشير إلى أن هذه الاجتماعات تولي للوقت أهمية أكبر إذ أنها توفره أذ لم يعد هناك حاجة لإضاعته، كما أنها تقطع المسافات، الأمر الذي أضفى عليها سمات السهولة والدقة والإنجاز.
 
وحسب عايش يقلّل هذا النوع من الاجتماعات من الكلف المالية، واستهلاك الطاقة، فضلا عن مساهمتها في التقليل من حوادث الطرق، وبموازاة ذلك انعكاساتها الإيجابية على الانتاجية وزيادة مستوياتها، وكذلك تجابه التسيّب الوظيفي ليصل الى أدنى مستوياته.
 
ووفق عايش فإن الاجتماعات الرقمية أو التواصل عن بعد مكّن جميع الأطراف من المشاركة من الاستعداد الجيد والفهم العميق لمواضيع تخصصاتهم المختلفة، مشيرا في هذا السياق الى أن مثل هذه اللقاءات مكنت الموظفين من تجاوز حاجز الدوام التقليدي بما لا يؤثر على سير العمل واستمراره.
 
ويلفت الى أن الاجتماعات الرقمية لها أثرها الإيجابي على جميع جوانب الحياة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، الأمر الذي سهّل عملية التواصل بالرغم اختلاف التوقيتات بين الدول.
 
ومن إيجابيات التواصل الافتراضي على مستوى إدارة المشاريع وفقا لعايش، تتمثل في أنها ألغت الحاجة الى التواجد في مكان العمل، وأن الموظفين قادرون على إدارة دفة أعمالهم عن بعد، في حال كان المشروع داخل الحدود أو خارجها.
 
ويختم حديثه بالإشارة الى أن التوجه الحالي يقوم على زرع شريحة رقمية في الدماغ للتواصل مع الحواسيب والأجهزة المتصلة بالانترنت وتمكن الشخص من إنجاز الأعمال وحل المشكلات والتواصل مع الآخر أيا يكن بكل سهولة وببساطة أي أن الاجتماعات مستقبلا يمكن أن تضم أشخاصا لا يتحدثون بلغة واحدة حتى مع كل ما يعنيه ذلك من ابتكار وابداع قد تشهدها أو توجدها تلك الاجتماعات التي تتخطى الحدود الجغرافية الى آفاق غير محدودة.