عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Apr-2021

رمضان: فرصة لتطييب الخواطر*حسين الرواشدة

 الدستور

في رمضان فرص ليس لها حدود: فرصة للأثرياء حتى يتساووا في الجوع مع الفقراء، فيدفعهم «نداء» الجوع الى الإحساس بإخوانهم المحتاجين ليتقاسموا معهم مال الله الذي آتاهم، وفرصة للراغبين في «التوبة» والمشتاقين الى المغفرة ليكفروا عن خطاياهم ويلتمسوا ما فرطوا في جنب الله، وفرصة «للخائفين» واليائسين والمحرومين من الأمل حتى يحرروا أنفسهم من «أثقالها» ومن طين الأرض وأحساكها وحتى يستعيدوا فطرتهم الأولى: فلا عبودية ولا رقّ، ولا يأس ولا قنوط.. «انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون».
في رمضان فرصة لأهل الخير لكي يتجردوا من حساباتهم الدنيوية الباهتة، ويمدوا ما انهدم بينهم من جسور، ويستعيدوا ما تبدد من ثقة، ويغسلوا ما تراكم من أخطاء وخطايا «بماء» الصيام الذي تبتل به العروق الناشفة.
في رمضان فرصة -ايضا - للسياسي لكي يصوم ويتذوق سر الصوم، فتهدأ نفسه وينشرح صدره ويقهر قراراته المستعجلة ويجدد ثقته بالناس وإيمانه بمعاناتهم وحاجاتهم، فلا يغضب ولا يتعجل ولا ييأس -ايضا - من إمكانية الاصلاح، او جدوى المشاركة الحقيقية ولا يغلق «لواقطه» عن استقبال ذبذبات عيال الله التي تبحث عمن يفك شيفرتها ويرد على أسئلتها بما يلزم من إجابات.
فرص رمضان لا تنتهي، والصيام موسم لحوار الذات مع الذات، والذات مع الآخر، فرصة لتطييب الخواطر وتأجيل الاختلافات وعقد التفاهمات والصفقات، فرصة للخروج من الأزمات وتبديد الالتباسات لإعادة «البوصلة» وإعادة «صفو» الوفاق والاتفاق على المشتركات وحسم القضايا المعلقة بلا إجابات.
رمضان، في الاصل، شهر للعبادة، والتقوى، والتوبة، وايقاظ الضمائر النائمة، وتنشيط دورة الايمان، واحياء قيم الخير في نفوس الناس، وهو مدرسة للثورة على البطن وتحرير النفس من الشهوة وردم الفجوة بين الفقراء والاغنياء، وتدريب على الصبر، ويمكننا ان نضع باروميترا لقياس هذه الثمرات والمقاصد، وان نضع لأنفسنا ولأمتنا ايضا، ما تستأهله من علامات لاجتياز امتحان، يا ليتنا نفعل ونكتشف النتيجة.
ربط الله تعالى الصوم برجاء حصول التقوى، واكد سبحانه ان هذه العبادة متعلقة به وهو يجزي عليها، وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصيام المجروح الفاسد الذي لا حظّ لأصحابه منه سوى الجوع والعطش، لكن الصورة التي اصبح عليها رمضان في زمننا تغيرت، فقد ربطناه - للأسف - بالدراما والاستهلاك، وتعاملنا مع طقوسه بدل ان نحقق مقاصده، واكتفينا بتغيير مواقيت الاكل والشرب والنوم، لدرجة ان بعضنا لا يشعر في صيامه حتى بالجوع والعطش.
تقبل الله صيامكم،،