عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Feb-2021

مواطن تحت القانون ولا أقبل الوصاية من أحد*القس وليد المدانات

 الدستور

أتردد كثيرًا في الكتابة بقضايا بديهية وطنية تخص المواطن كفلها القانون وكُتِبَتْ في دستور المملكة الأردنية الهاشمية.
ولكن حين يقف أشخاصا عارفين بالقانون موقفًا مخالفًا للقانون والدستور. دفعني هذا إلى التساؤل عمن يقف وراء هذا الأمر  ليتجاهلوا الدستور والقانون وليِّ ذراع الحقيقة والواقع تلبية لمصالح  لا نفهمها ولا نعرف الهدف منها، والتي تقد في نهاية المطاف إلى مبدأ «أكلت يوم أكل الثور الأبيض».
ففي دولتنا الأردنية التي نفتخر بها، وبرعاية العائلة الهاشمية٬ أطال الله بعمر مليكنا المحبوب وراعي المقدسات المسيحية والإسلامية، ومن تاريخ تأسيسها لم نعرف التفرقة بين مسيحي ومسلم، ولم نسمع بأن قاضيًا أو حاكمًا إداريًّا أو موظف حكومي سأل مسيحيًّا قبل أن يبحث في أوراقه «هل أنت أرثوذكسي أم كاثوليك أم سبتي أم أسقفي أم أرمني أم سرياني أم انجيلي....؟» والمستهجن والمستغرب في هذه الأيام وجود تدخل «خفي» ومُسيَّس لزعزعة المسيحيين وفسخهم بعضهم عن بعض ونشر الخلافات، والاستقواء على فئات في المجتمع والتي لطالما أسهمت في بناء هذا الوطن العظيم وتبوأ مواطنو الكنائس الإنجيلية أعلى وأرقى مناصب في الدولة الهاشمية.
  وتغيب عن حضراتهم أن المسيحيين في عشائرهم من الشمال إلى الجنوب هم باقة جميلة من طوائف متعددة لم ولن يقبلوا بمثل هذه المهاترات وتحريض الأخ على أخيه؟ ومن يقبل التطاول الحاصل الآن من فئات تدعي الوصاية على المسيحيين أن التكلم بالنيابة عنهم، ونجد من ينعتوا أحدهم الآخر بمعتقده الطائفي الذي اختاره بملء إرادته ودون ضغوط أو مصالح معينة، أو أن ينعت المسيحي أخاه المسيحي «بالصهيوني»! صدقاً هذا عيب! منذ متى سمعنا أن المواطن الأردني المسيحي مدفوع بأجندات أجنبية أو «صهيونية»؟ مَن الذي روج لهذه الإشاعة؟ وما الغاية منها؟ ومنهم من جاء ليخوّن و»يشيطن» و»يصهين» إخوة له في الوطن والدين! إن هذه تصرفات مثل «سرطان خبيث» الذي يعطيك انطباعًا أنك بصحة جيدة وهو بالحق مرض مهلك.
ومن ناحية أخرى، هل تريدون مني أن أصدق أن المسيحيين الأرثوذكس «مستقيمي الرأي»- بالمناسبة عشيرتي العريقة منهم- والكاثوليك «الكنيسة الجامعة» التي درست في مدارسها وتعلمنا المحبة والخلق الطيب، هم رعاة التفرقة ورفض الآخر وناشرو مبدأ عدم محبة القريب؟ حاشا! وأقول ما قال يسوع المسيح: «ابعد عني يا شيطان.»
وهل تريدون مني أن أصدق أن الدولة الأردنية بقوانينها الراسخة ورؤساء حكوماتها الأكارم وقضاتنا النبلاء حماة الدستور أن يغفلوا عن محاولات فئة تحاول تضليل المجتمع بكلام ملتو لإظهار أن المواطن الفلاني بصفته الفلانية قوَّام على «الإنجيليين» أو حتى «المسيحيين»؟ لأن فلان ادعى ذلك؟ أمر مضحك بالفعل!
القانون والدستور حفظ حق المواطن وحفظ حقوق كنائس قائمة وعاملة في الأردن قبل تأسيس المملكة وبعد تأسيسها. نعم هو أمر مضحك ومبكٍ!
وهنا أقول ولغايات التوثيق والتوضيح،  أضع بين أيديكم المعلومات التالية وباختصار شديد أولاً؛ نبذة عن تسجيل الكنائس الرسمية الإنجيلية المعترف بها في الأردن، وبحسب الجريدة الرسمية. وثانياً؛ قرارات رؤساء الحكومات السابقة التي نحترمها ونعتز بها والتي يحاولون التلاعب بها وطمس الحق.
(أولاً) تسجيل الكنائس الانجيلية في الجريدة الرسمية وبحسب الاقدمية التاريخية:
أولًا: سجلت كنيسة الاتحاد المسيحي بتاريخ ٢٢/ ٢/ ١٩٢٧م بموجب الإعلان المنشور في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم (١٥١) ٣١/ ٣/ ١٩٢٧م.
ثانيًا: سجلت كنيسة الناصري الإنجيلية بتاريخ ١٠/ ١٠/ ١٩٥١م بموجب الإعلان المنشور في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم (١٠٨٣) ٢٣/ ١٠/ ١٩٥١م.
ثالثًا: سجلت الكنيسة الإنجيلية الحرة بتاريخ ١٢/ ٣/ ١٩٥٥م بموجب الإعلان المنشور في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم (١٢٢٢) ١٦/ ٣/ ١٩٥٥م.
رابعًا: سجلت كنيسة جماعات الله الأردنية بتاريخ ٩/ ٣/ ١٩٥٧م بموجب الإعلان المنشور في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم (١٣٢٣) ١٧/ ٣/ ١٩٥٧م.
خامسًا: سجلت طائفة الكنيسة المعمدانية بتاريخ ٨/ ٥/ ١٩٥٧م بموجب الإعلان المنشور في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم (١٣٣٩) ٦/ ٧/١٩٥٧م.
(ثانياً) أما عما أصدره دولة رؤساء الوزراء الاكارم:
أولًا: دولة الرئيس نادر الذهبي بتاريخ ٢١/ ١/٢٠٠٩م رقم ٢/ ١٣/ ٢/ ١٥٠١ والذي أشار أن مجلس رؤساء الكنائس معني بأعضاء مجلسه وهذا من حقه، وأقتبس: «أن المجلس غير مسؤول عن مؤسسات مسيحية موجودة في الأردن وغير تابعة لسلطة المجلس الدينية.»
ومن قال إن الكنائس الإنجيلية تابعة لسلطة المجلس أو تحت مسؤوليته؟ لذا تم التوضيح والتأكيد على هذا الأمر لاحقًا من قبل الكتاب الصادر من الرئيس دولة سمير الرفاعي.
ثانيًا: دولة الرئيس سمير الرفاعي بتاريخ ٥/ ٧/ ٢٠١٠م رقم ٢/ ١٣/ ٢/ ١٢٩٠٢ وأقتبس: «مراعاة أن الرئيس الروحي لأي من الكنائس الرسمية والمعتمدة في المملكة هو الجهة المفوضة بتمثيل الكنيسة التي يترأسها وبمخاطبة الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات العامة في جميع الشؤون الخاصة بها ومتابعة شؤونها ومعاملاتها وفق أحكام التشريعات النافذة»
وهذا ما تقوم به كل الكنائس الإنجيلية الخمس حتى قبل أن يؤسس مجلس رؤساء الكنائس وحتى يومنا هذا مع العلم بوجود فئة  تحاول تجريد الكنائس الإنجيلية الرسمية من حقوقها، والضغط عليها !
ونستغرب ونستهجن ممن يحاول التلاعب بقرارات الحكومات السابقة والحالية لمأسسة مجلس رؤساء الكنائس المحترم والزج به «كدولة» داخل الدولة!
ثالثًا وأخيرًا: دولة الرئيس عبدالله النسور بتاريخ ١٧/ ٣/ ٢٠١٣م رقم ٢/ ٣/ ٢/ ٦٦٧٤ ثبت قرار دولة الرئيس سمير الرفاعي وبالحرف.
لا زالت كل الكنائس الإنجيلية في الأردن تصدر شهادات زواج مصادق عليها من دائرة الأحوال المدنية ودفتر عائلي لا يختلف عن الدفتر العائلي لأي مواطن أردني مسيحي كان أم مسلم. ورعاة الكنائس الانجيلية مسجلين بحسب كنائسهم في الضمان الاجتماعي وتصادق وزارة التربية على أوراق مدارسها وباقي الوزارات على مختلف أوراقها والبنوك تفتح حسابات بنكية بأسمائها ودائرة الأراضي تمنح أوراق تثبت ملكيتهم لعقاراتهم٬ لم يختلف شيء ولن يختلف شيء مهما حاولوا  النيل من القانون والدستور.
نعلن أن الحكومة الأردنية، وعلى مدى سنين طويلة مضت ولغاية يومنا هذا، تقدر وتحترم حرية المعتقد للمواطن المسيحي العريق ومتجذر في أصول بلدنا الحبيب. وتكفل الدولة للكنائس الإنجيلية حق إقامة شعائرهم الدينية المختلفة وتوثيق شهادات زواجهم واستخراج دفاتر عائلة وإقامة مؤسسات ومستشفيات ومدارس منذ القرن الماضي وإلى هذا اليوم.
نشكر الله على أردننا العزيز واحة الأمن والأمان وبلد القانون والدستور الذي كفل لي، أنا الأردني المسيحي، حينما كنت مسيحيًّا أرثوذكسيًّا، وأنا اليوم مسيحي أنتمي إلى كنيسة الناصري الإنجيلية، وأتمتع بحسب القانون، بصفتي رئيسًا للطائفة، «بمخاطبة الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات العامة في جميع الشؤون الخاصة بها ومتابعة شؤونها ومعاملاتها وفق أحكام التشريعات النافذة» دون أن يمن أحد عليَّ بشيء؛ فهذا حق قانوني مكتسب قائم ما دام القانون والدستور الأردني قائمًا.
 حفظ الله الأردن سالمًا في ظل صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.