عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Oct-2019

مديرية شرطة باريس: التحقيق لم يحسم بعد دوافع مقتل 4 من الشرطة

 

باريس - الشرق الاوسط-  ميشال أبونجم - ما زالت الضبابية الكاملة تهيمن على حادثة إطلاق النار، الذي قتل فيه أربعة من رجال الشرطة، والتي كانت مديرية شرطة باريس وتحديدا قسم المخابرات مسرحا لها. وبالإضافة إلى الإرباك الذي أحدثته لأنها حصلت في مكان له رمزيته الخاصة ويفترض أن يكون الأكثر أمنا في فرنسا كلها، فإنها أثارت على صعيد المسؤولين والمواطنين الكثير من التأثر وخصوصا الكثير من الأسئلة.
 
ورغم مرور نحو يومين على حصول المقتلة، وفتح تحقيق قضائي بشأنها ودهم منزل الجاني الواقع في ضاحية لاغونيس «شمالي باريس» وتوقيف زوجته لضرورات التحقيق ومصادرة حاسوبه الخاص وهاتفه الخليوي وأجهزة إلكترونية أخرى، لم تعرف بعد الدوافع الحقيقية التي جعلت ميكاييل هاربون يتحول ظهر أول من أمس إلى قاتل. وحصيلة جريمة هذا الرجل الذي كان يعمل منذ العام 2003 في قسم المعلوماتية، سقوط أربعة قتلى من زملائه في مديرية الشرطة بينهم امرأة ووقوع عدة جرحى بينهم امرأة حالتها خطرة ثم القضاء عليه بطلقة رشاش في ساحة المديرية الداخلية.
 
القراءة الرسمية والقضائية الأولى استبعدت أن يكون الحادث عملا إرهابيا والدليل على ذلك أن مدعي عام فرنسا لم يوكل التحقيق للجهاز المتخصص في مسائل الإرهاب ولا أشار إلى ذلك في مذكرة طلب التحقيق. إلا أنه مع توافر معلومات إضافية حول سيرة الجاني وشخصيته وشهادات أشخاص عرفوه إما في مكان سكنه أو في مكان عمله، أخذت الأمور بالتحول ولم تعد أي فرضية مستبعدة. وتبدى ذلك أمس في تصريح لمدير شرطة باريس ديديه لالمان الذي أعلن أنه «لا يتعين استبعاد أي مسار» في البحث عن الدوافع وتفسير العمل الإجرامي.
 
بداية، يتعين التذكير بأن ميكاييل هاربون، المولود في العام 1974 في مدينة فور دو فرانس في جزيرة لا مارتينيك التابعة لفرنسا في بحر الكاريبي، المتزوج وله ولدان، قد اعتنق الإسلام وهو ديانة زوجته، منذ 18 شهرا. بيد أن شهادات جيرانه تفيد أن دخوله الإسلام أقدم زمنيا. وتفيد هذه الشهادات التي جمعتها الوسائل الإعلامية الفرنسية أن ميكاييل هاربون كان يتردد بشكل منتظم على مسجد «لا فوكونيير» الواقع في مدينة غونيس مرتديا جلبابه للصلاة برفقة «رجلين» لم يفصح عن هويتهما. بيد أن الأمر المثير للانتباه أن شاهدا نقل عن رجل شرطة يقيم في المبنى نفسه حيث تقيم عائلة هاربون سمع الأخير في الليلة التي سبقت المقتلة يصيح ليلا لمرتين «الله أكبر». كذلك، فإن زوجته أفادت، وفق ما جاءت به قناة «بي إف إم» الإخبارية وإذاعة «فرانس أنفو» نقلا عن مصادر قريبة من التحقيق، أن زوجها ألمت به رؤى وسمع أصواتا في الليلة التي سبقت تنفيذ جريمته مضيفة أن كلامه كان يفتقد للانسجام فضلا عن أنه كان شديد الإثارة والحراك وقد استفاق في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل. وأفادت هذه المرأة أن ميكاييل هاربون الذي يعاني من الصمم والخرس، كان يشعر بالغبن في عمله وأنه لم يحرز تقدما رغم أقدميته البالغة 16 عاما إذ أنه بقي في الفئة الأخيرة من ترتيب الموظفين. وكانت شهادات من داخل مديرية الشرطة قد أشارت إلى خلافات بينه وبين رئيسته المباشرة التي كانت من بين الضحايا. ومما تم تداوله أن هذه المسؤولة استدعته لتعرف منه الأسباب التي تمنعه من أن يحيي النساء العاملات في القسم الذي يعمل فيه.
 
رغم أهمية هذه الشهادات، يصعب الاستنتاج أن ميكاييل هاربون قد تحول إلى متشدد إسلامي أو إلى جهادي طالما لم يعثر المحققون على قرائن مادية. وهذا الواقع هو الذي يدفع المدعي العام ومدير الشرطة والمسؤولين بشكل عام إلى التزام الحذر وإبقاء كافة الاحتمالات مفتوحة. وفي هذا السياق، قالت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية سيبيت نداي إن اعتناق الإسلام لا يعني التحول إلى جهادي. وقد أشار كريستوف كاستانير، وزير الداخلية الذي زار مجددا وبرفقته وزير الدولة لشؤون الأمن لوران نونيز مديرية الشرطة، أن تصرفات ميكاييل هاربون لم تكن تنم عن «صعوبات مسلكية».
 
هل هو عمل إرهابي أم لوثة جنون أم خلاف شخصي؟ حتى الساعة، الأمور لم تحسم والإجابات الشافية لن تعطى قبل أن يتم الانتهاء من التحقيق. ولكن مهما تكن الدوافع، فإن نتائجها المباشرة أنها وحدت الطبقة السياسية في التعبير عن دعم مديرية الشرطة والأجهزة الأمنية التي ضربت في الصميم من الداخل وفي عملية لم يكن أحد يتخيلها على الإطلاق.
 
بيد أن القوى الأمنية ومن بينها الشرطة ستكون معبأة اليوم ليس للتظاهر أو لمسيرة جديدة كما حصل يوم الأربعاء الماضي حيث ضمت «مسيرة الغضب» نحو 25 ألف رجل وامرأة من كافة أجهزة الشرطة للمطالبة بتحسين شروط وظروف عملهم بل ليكونوا بمواجهة «السترات الصفراء» كما في كل يوم سبت منذ 17 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.