عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jan-2021

المنطقة العربية إلى أين؟ منذ الاحتلال الأمريكي*د. عبدالرزاق الدليمي

 الدستور

البريطاني للعراق في 2003، دخلت أغلب دول المنطقة شاءت أم أبت في أتون صراعات داخلية أسهمت فيها قوى عالمية وإقليمية. ولكل من هذه القوى أهدافه ومصالحه فتركيا لا ترغب في قيام دولة للأكراد التي تحوي على أعداد كبيرة منهم، ويشاطرها في هذا التوجه نظاما إيران وسوريا حيث يحويان كل منهما أعدادا لا يستهان بهم من الأكراد الطامحين للاستقلال عنهما أما الأكراد في العراق فرغم أن نسبتهم أقل عدداً مما موجود في بقية دول المنطقة فإن وضعهم هو الأفضل بين الأكراد في دول الجوار من جانب آخر فإن دول الخليج والجزيرة العربية يخشون من تمدد النظام الإيراني وهيمنته على العراق مما يزيد من حجم التهديد ضدها.
 
لذلك وانطلاقا من هذه الاعتبارات لا تزال الإدارات الأميركية المتعاقبة (جمهوريون وديمقراطيون) لحد الآن على إرسال تطمينات إلى حلفائها من كل الدول المحيطة، بأنها لا تستهدف وحدة العراق ولا تسعى إلى إنشاء دويلات فيه، ولكن المشكلة التي ما زالت تواجه الولايات المتحدة هي ضعف وهشاشة العملية السياسية التي فرضتها على العراقيين والتي سلمت زمامها الى الأطراف المتخلفة الموالية لها والتي جاءت خلف دبابات الاحتلال، والتي ثبت فشلها على القيام بإنجاز أية عملية تغيير إيجابي بنفسها، الأمر الذي تسبب باندلاع اضطرابات داخلية ما تزال هناك صعوبات في السيطرة عليها. لذا فإن سيناريو الفوضى والأزمات سيبقى يلقي بظلاله على حاضر ومستقبل العراق المحتل فالولايات الأمريكية المتحدة التي فرضت نظام الوصاية على العراق وتسيطر على موارده، وخصوصاً النفط، غير مهتمة في السيطرة على الصراعات الداخلية العراقية، والتي قد تؤدي إلى تطور حالة من الفوضى الأكبر والحرب الأهلية والمقاومة المتنامية للمشروع الأميركي. ناهيك عن أن هذا الوضع المأساوي في العراق لاسيما بعد أن دخل النظام الإيراني كلاعب أساسي فيه إلى جانب الأمريكي وبالتنسيق والتخادم بينهما سيؤثر على استقرار الأنظمة المحيطة ويدفعها إلى تصليب سياساتها، خصوصاً بعد جني الكيان الصهيوني الثمار من هذا التغيير واندفاع عدد من الأنظمة العربية لبناء علاقات مع الصهاينة وستستمر محاولات الصهاينة والأنظمة الأخرى الإستفادة من هذه الظروف المتشابكة إلى أقصى الحدود على حساب الأطراف العربية. صحيح أن الظروف الحالية ستؤثر سلباً على النظام في إيران وتسعّر الصراعات الداخلية التي تعيشها وستحاول الولايات المتحدة الاستفادة من ذلك للتأثير على النظام في إيران التي تعتبره أطراف أمريكية عديدة انه أخطر من العراق قبل احتلاله.
 
وفي ظل غياب ديناميكية عربية للتغيير نحو أنظمة ديمقراطية ومجتمعات متماسكة وموحدة، فإن برنامج «الديمقراطية» بالإكراه وبالاحتلال وبالقوة قد يمتد إلى أنظمة عربية أخرى من أجل إطباق الولايات المتحدة على المنطقة، وتأمين سيطرتها على موارد المنطقة، وتأمين أنظمة تناسب مصالحها وقيمها. وهكذا تستكمل دورة ترتيب أوضاع المنطقة بكاملها.
 
إن عودة الاستعمار والاحتلال العسكري والهيمنة المباشرة على الموارد، كان يعتقد انها ستلاقي مقاومة شديدة ومنظمة، لتنتهي إلى حركة عامة متصلة مع قوى وحركات اجتماعية وأنظمة في كل العالم تقاتل ضد هذا التسلط وهذه الهيمنة المتعجرفة للامبراطورية الأميركية المتوسعة إلا أن ما حصل للأسف وسيحصل يؤشر اتجاهات أخرى مغايرة تماماً.
 
إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحتل العراق وتعمق وجودها في الوطن العربي لتعود من دون ترسيخ أهدافها الاستراتيجية، ويؤمّن لها وصول ما تريده إلى أراضيها ولم يكن وجودها في العراق إلا بداية، لمشروع أهداف جديدة على درجة كبيرة من الأهمية ما تزال تعمل الولايات المتحدة من أجلها.