ملف نزاع الصحراء يفتح من جديد أمام مجلس الأمن الشهر الجاري في دورته نصف السنوية
محمود معروف
الرباط –« القدس العربي» : يعود ملف نزاع الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو ليفتح من جديد أمام مجلس الأمن الدولي في الدورة نصف السنوية التي يعقدها المجلس للتداول في تطورات الملف المفتوح منذ 1976، لرفض الجبهة المدعومة من الجزائر استرداد المغرب الصحراء الغربية من إسبانيا وتسعى لانفصالها وإقامة دولة مستقلة عليها، فيما يقترح المغرب لإنهاء النزاع، منح سكانها حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية.
وقال بلاغ وزعته البعثة الدائمة لجنوب إفريقيا التي تترأس مجلس الأمن، لشهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إن المجلس يعقد جلساته حول الوضع في الصحراء الغربية أيام 16.8، و30 من الشهر الجاري، وستتخلل الاجتماعات مشاورات غير رسمية حول مسودة القرار الذي سيصدر نهاية الشهر والذي يتضمن تمديد ولاية البعثة الأممية في الصحراء (المينورسيو) وتنتهي نهاية الشهر الجاري، لمدة 6 شهور تنتهي مع نهاية نيسان/ أبريل 2020.
واتفق مجلس الأمن على تحديد جدول أعماله، حيث خصص ثلاث جلسات لمناقشة النزاع قبل نهاية ولاية البعثة الأممية «المينورسو» يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري بموجب القرار رقم 2468 الصادر يوم 29 نيسان/ أبريل 2019 على أرضية تقرير قدمه الأمين العام بداية الأسبوع الجاري للمجلس حول تطورات النزاع خلال الشهور الست الماضية، وقالت المصادر إن المجلس سيدعو في ختام هذه الدورة، بالإضافة إلى تمديد ولاية المينورسيو، دعوة الأمين العام للأمم المتحدة الدورة للدفع بالجهود نحو الإسراع في إيجاد حل للنزاع الذي طال أمده».
وبرمج مجلس الأمن الدولي جلسته الثانية لملف الصحراء الغربية بتاريخ السادس عشر من الشهر الجاري، وهي الجلسة المخصصة للبلدان المساهمة في البعثة الأممية «المينورسو»، والتي سيحضرها كل من رئيس البعثة كولن ستيوارت، ورئيس قوات البعثة الجنرال الباكستاني ضياء الرحمن. فيما تكون الجلسة الثالثة يوم 30 الشهر الجاري قبل يوم واحد من موعد نهاية ولاية «المينورسو»، حيث سيجري فيها اعتماد القرار النهائي لمجلس الأمن بعد تصويت أعضاء المجلس.
وقالت مصادر الأمم المتحدة إن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وجه مساء يوم الثلاثاء الماضي، تقريره حول الحالة في الصحراء إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي لدراسته قبل بدء مناقشته، ثم التصويت على مشروع قرار جديد، تقوم بالعادة البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة بإعداده بالتشاور مع أعضاء المجلس، ويتم عادة التوافق عليه قبل عرضه للتصويت.
من جهة أخرى وفي تقرير قدمه للدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن «شعوره بالتفاؤل إزاء استمرار طرفي النزاع في وقف إطلاق النار والتقيد بالاتفاقات العسكرية ذات الصلة، رغم ما يسجل من انتهاكات بين الحين والآخر»، مشيراً إلى أن «الحفاظ على سلمية الوضع واستقرار الميدان شرط أساسي لتهيئة الأجواء المناسبة لعودة العملية السياسية».
وقال غوتيريش إن «حالة إحباط كبيرة تسود أوساط سكان مخيمات تندوف، بسبب غياب تقدم للعملية السياسية»، وإن «تقلص حجم الإعانات الدولية يعمق من الأمر، وهو ما ترتب عنه انتشار سوء التغذية»، وحث «أعضاء مجلس الأمن الدولي وأصدقاء الصحراء والفاعلين الآخرين المعنيين على تشجيع المغرب وجبهة البوليساريو من أجل اغتنام الفرصة الماثلة أمامهم، ومواصلة الإسهام بنية صادقة ومن دون شروط مسبقة في المسار القائم».
وأبرز غوتيريش في تقريره أهمية المينورسو التي قال إنها «تبقى أداة جوهرية في الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل و دائم و مقبول من طرفي النزاع» يضمن حق تقرير مصير الصحراويين.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره عن أمله في الحفاظ على «الزخم» السياسي الذي تمّ التعهد به العام الماضي لإيجاد حل للنزاع في الصحراء الغربية، رغم عدم وجود مبعوث خاص مكلف بهذا الملف منذ أربعة أشهر، وقال إن المبعوث السابق للأمم المتحدة، هورست كوهلر، الذي استقال في أيار/مايو لأسباب صحية «تمكّن من إعادة دينامية وزخم إلى العملية السياسية، من خلال طاولاتٍ مستديرة جمعت كلاً من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا»، وإنه نجح في وعد توقف الحوار وقتاً طويلاً، اجتمع أطراف النزاع حول طاولتين مستديرتين في سويسرا في كانون الأول/ديسمبر وآذار/مارس، من أن يُسفر ذلك عن تقدم كبير.
وقال غوتيريش الذي يسعى إلى تعيين خلفٍ لكوهلر بعد أربعة أشهر من تركه منصبه: «من الضرورة عدم إضاعة هذا الزخم»، إلا أن اختيار الخلف لم يكن سهلاً، إذ تسعى الولايات المتحدة ليكون الخلف من جنسية أمريكية، وفق التناوب بين أوروبا والولايات المتحدة على هذا المنصب، إلا أن الأوروبيين يقولون إن كوهلر لم يكمل مدته، وإن الممثل الشخصي الجديد هو استكمال لهذه المدة، على غرار ما جرى في منصب للأمين العام للأمم المتحدة في نوبته الإفريقية، حين تم اختيار كوفي عنان لولاية ثانية بعد عدم ترشيح بطرس غالي.
وفيما لم يصدر أي تعليق رسمي مغربي حول تقرير غونتيرس، حذرت جبهة البوليساريو من مطبات تعطل المسار الأممي لحل نزاع الصحراء، مشيرة إلى أن «قضية الصحراء مرتبطة بالأمن والاستقرار في المنطقة ولا يمكن فصلها عما يقع على المستوى الإقليمي».
ودعا الأمين العام للجبهة، إبراهيم غالي، إلى «اتخاذ خطوات جادة نحو إيجاد حل عادل يضمن تحقيق حقوق الصحراويين، مؤكّداً على «تعاون الجبهة الدائم وتعاطيها الإيجابي والبناء مع الأمم المتحدة»، ومهاجماً أطرافاً دولية معروفة مثل فرنسا «لحماية الأطروحة المغربية، والتي ترفض التعاطي الإيجابي مع قرارات الأمم المتحدة»، وقال في رسالة بعث بها إلى رئيس مجلس الأمن الدولي إن تأخر تعيين مبعوث شخصي جديد مما أدى إلى «شل العملية السياسية».