عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Apr-2025

مستقبل غزة*إسماعيل الشريف

 الدستور

«غزة فخّ موت»، و»أخطر مكان في العالم»، و»مكان لا يرغب أحد في العيش فيه»، وإذا أخذت الفلسطينيين ونقلتهم إلى دول مختلفة، فستجد الكثير من الدول التي ستفعل ذلك... «ستكون لديك منطقة حرة»   ترامب.
من الواضح أن استراتيجية مجرم الحرب نتن ياهو في تدمير حماس وتهجير سكان غزة تمنى بالفشل، إذ لم يتغير شيء منذ ثمانية عشر شهرًا. ويؤكد هذا الفشل تامير هايمان، المدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي «الإسرائيلي» والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، وأحد أبرز المحللين الصهاينة الذين يحظون باحترام كبير، بقوله: لا تزال حماس تحافظ على سيادتها في القطاع.
وتزامنًا مع زيارة نتن ياهو الثانية إلى واشنطن، أطلقت حماس عشرة صواريخ على مدينتي عسقلان وأشدود، وهو أكبر وابل صاروخي منذ استئناف الإبادة، في دلالة واضحة على أن حماس لم تُهزم، مفنّدةً بذلك رواية نتن ياهو عن «الانتصار المطلق» الذي يسوق له.
وتشير تقارير استخباراتية إلى أن السلاح لا يزال يتدفق إلى حماس من سيناء ومن داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبر تهريب ينفذه بدو عابرون للحدود، وجدوا في ذلك تجارة رابحة. فعلى سبيل المثال، حصلت حماس مؤخرًا على عشر طائرات مسيّرة بقيمة مليون دولار، قامت بتعديلها لتحمل سبعين كيلوغرامًا من المتفجرات، لكنها لم تُستخدم بعد.
وسياسيًا، من المرتقب أن يزور وفد من حماس القاهرة لمناقشة الاقتراح المصري الجديد، والذي ينص على وقف لإطلاق النار لمدة تتراوح بين 40 و70 يومًا، مقابل الإفراج عن ثمانية محتجزين صهاينة من بين ما يُقدّر بـ59 محتجزًا تحتفظ بهم الحركة، إلى جانب عدد غير محدد من الفلسطينيين الأسرى لدى الاحتلال. وقد سبقت هذه الزيارة المرتقبة زيارة وفد من حركة فتح إلى القاهرة، في محاولة من الحركة لتولي إدارة غزة بعد الحرب، وإقناع حماس بتسليم سلاحها وخروج قادتها من القطاع.
وفي مقابل هذه الخطة، تتبلور مبادرة بديلة تقضي بتشكيل إدارة مدنية من رجال الأعمال والتكنوقراط الفلسطينيين لتتولى إدارة القطاع بعد الحرب، بدفع من بعض الدول العربية التي تضغط في هذا الاتجاه. وقد عاد اسم محمد دحلان إلى الواجهة مجددًا كمرشح محتمل لرئاسة هذه السلطة الإدارية. ويُرجّح أن تكون السلطة الفلسطينية قد وافقت ضمنيًا على هذا السيناريو، خصوصًا بعد إصدار رئيسها محمود عباس عفوًا عامًا عن جميع أعضاء فتح المنشقين، وعلى رأسهم دحلان.
ويبدو أن هذا السيناريو مقبول من الولايات المتحدة أيضًا؛ فرغم أن رئيسها لا يزال يتحدث عن تهجير سكان غزة وتحويلها إلى «ريفييرا» خاضعة للسيطرة الأميركية، إلا أنه للمرة الأولى يطرح علنًا فكرة نشر قوات دولية لحفظ السلام هناك ،خلال زيارة نتنياهو له في إشارة بانه يرفض احتلال الكيان لغزة حسب ما يروج الساسة هناك، وأبلغه   في الغرف المغلقة بضرورة إنهاء المجزرة، مؤكدًا أن المهلة التي منحها له قد انتهت. فالرئيس الأميركي لديه ملفات يعتبرها ذات أولوية، أبرزها الملف الإيراني والحرب الاقتصادية التي أشعلها، كما يخطط لزيارة حلفائه في دول الخليج، وهو يعلم أن استمرار الإبادة سيقابل بإجماع واضح على مطلب وقفها، مما قد يعكر الأجواء الاحتفالية التي يسعى إليها.
وفي إطار محاولاته للتسويق لفكرة الترحيل، صرّح نتن ياهو من البيت الأبيض بأن دولًا وافقت على استقبال سكان غزة، لتسارع أرض الصومال   المرشحة الأولى حسب التقديرات  إلى نفي الأمر، مؤكدة أنها لن تستقبل أحدًا.
وفي المقابل، تجمع مراكز الدراسات وأبرز المحللين على أن حماس ستبقى في غزة، وأن الحل العسكري لن ينجح في إزاحتها كما يروّج نتن ياهو، فهي حركة أيديولوجية لا تُحسم بالمعارك.
لذلك، قد يبدو السيناريو الأقرب لمستقبل غزة هو تشكيل إدارة مدنية من التكنوقراط الفلسطينيين لا صلة لها بحماس، برئاسة محمد دحلان، مع وجود قوات دولية لحفظ السلام. وسينتهي بذلك سيناريو الترحيل القسري لسكان القطاع، وإن فُتح الباب طوعيًا أمام من يرغب بالمغادرة، فيما ستبقى حماس واقعًا قائمًا يتم التعامل معه لاحقًا، وبهدوء.