عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Mar-2025

ثورة التعليم هي العنوان لكل إصلاح*مالك العثامنة

 الغد

كنت في الأيام الماضية أقرأ عن التجربة الرواندية في النهوض من رماد العدم الذي خلفه دمار الحروب الأهلية والإبادة التي ألحقها الروانديون بأنفسهم.
ومثل ماليزيا التي يدلل عليها الكثيرون كتجربة عالمية مميزة، كانت رواندا أيضا قد اعتمدت قطاع التعليم كركيزة للنهوض والانبعاث من جديد في هذا العالم.
اضافة اعلان
 
كانت مذبحة عام 1994، واحدة من أكثر مذابح القرن العشرين وحشية، فقد تم ذبح عدد كبير من المعلمين ومن نجا منهم فر إلى الدول المجاورة، وتم تدمير الغالبية العظمى من المدارس فصار النظام التعليمي والكوادر البشرية العاملة به في حاجة إلى إعادة التشكيل والتدريب لمحاولة بدء نظام تعليمي غير ذلك الذي انهار تماما، لقد تطلب الأمر أن يبدأ الروانديون العملية من تحت الصفر.
وبعد عملية المصالحة الأهلية وترسيخ الوعي بأهمية البناء بدءا من التعليم، بدأت العمل على المشروع التعليمي في تلك البلد، لتحصل رواندا على جائزة الكومنولث الأولى لأفضل الممارسات في مجال التعليم عام 2012.
كما ورد في تقرير جودة التعليم لسنة 2014 الصادر عن اليونسكو أن رواندا من أفضل 3 دول في تجربة النهوض بالتعليم.
كثيرة هي الأمثلة التي يمكن أن نستدل بها على أهمية التعليم وجودته للنهوض بالدول ورفعتها، من ماليزيا إلى الصين في آسيا إلى أوروبا ما بعد الحربين العالميتين وليس انتهاء برواندا التي أراها مثالا متميزا على الخروج من تحت الصفر.
وكل هذا أسوقه وأنا أفكر بالأردن الذي لم يتعرض لكوارث – لا سمح الله والحمد له دوما على ذلك- لكن كارثة التعليم فيه استفحلت إلى حد كبير بينما نتحدث ليل نهار عن إصلاح سياسي وإداري واقتصادي واجتماعي.
أتابع الصحافة صباح يوم كتابة هذا المقال لأجد خبرا رئيسا عن ترأس وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة اجتماعا للجنة التخطيط الموسعة وقد انعقد في نادي المعلمين في عمان.
حديث الوزير المحافظة مهم، وهو يقود– برأيي الشخصي- أهم عملية إصلاح في الدولة الأردنية، نجاحها في المحصلة هو حجر أساس أي إصلاح، والتعثر فيها هو تعثر "مؤجل الاستحقاق بكوارثه" لأي محاولة إصلاح في الدولة وعلى أي مستوى أو محور.
كل ما أتمناه أن أرى أو أسمع أو أشاهد إسنادا على مستوى كل الدولة ومؤسساتها ووزاراتها "ورئيس حكومتها" لمشروع التعليم المنتظر، والذي يتم العمل فيه بهدوء، وأكبر المخاوف والتحديات أمام هذا المشروع أن يتم استخدامه في مناكفات المشهد السياسي المليء بالعبث والتصيد، غير قلة الموارد المخصصة له.
ليس مطلوبا الحضور باجتماعات على مستويات عالية لغايات الدعم المعنوي بالصور وحسب، بل تسخير الحد الأقصى من القدرة المالية واللوجستية من كل الدولة الأردنية للنهوض بالتعليم في الأردن، وإنقاذه من حالة التردي الذي وصل إليه.
أعرف أن المشروع يشرف عليه رأس الدولة شخصيا، وعناية خاصة من ولي العهد نفسه، والوزير المحافظة لديه رؤية واضحة تشمل المناهج وتطويرها والأبنية المدرسية (التي تحتاج إعادة تأهيل التشريعات) ومستوى المعلمين المهني والمعيشي والذي يحتاج إستراتيجية تمويلية مبنية على منهجية واضحة تعيد للمعلم مكانته في الغرف الصفية ولا تضعه في مهب الحاجة أو التحشيد "السياسي" العبثي في خانة المناكفات، والتي كلفتنا الكثير من ضياع الوقت والجهد خلال سنوات ماضية.