يجتمعون على ضرب استقرارنا*د. محمد كامل القرعان
الراي
على طول الحدود الأردنية السورية المشتركة الممتدة نحو 370 كلم، ومنذ اندلاع الأزمة السورية لا سيما الأخيرة منها في الجنوب السوري، تخوض قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة (الجيش العربي) حرباً مفتوحة ضد ميليشيات تهريب السلاح والمخدرات الآتية من الأراضي السورية.
وتصاعدت في الفترة الاخيرة وتيرة عمليات الميليشيات على أكثر من جبهة، مما دفع الجيش العربي خوض حرب ضد تلك الميليشيات، وضد عصابات تنظيم «داعش» الإرهابي من جهة ثانية؛ وهما الخصمان اللذان جمعهما مشترك واحد وهو ضرب استقرار المملكة.
نعم فالأردن يخوض حرباً حقيقية على طول الحدود الشمالية والشرقية بكامل التعبئة العسكرية، وأن ما يجري على حدودنا هناك يعتبر حربا كاملة الأهلية عسكرياً، وهي خط دفاع أول وأخير، عن عمق إقليمي يتجاوز النقاط الحدودية الأردنية.
ولم يعُد سرّاً أن الاردن لديه خيارات مفتوحة تضمن مباغتات ومفاجآت للتعامل مع هذه الاعتداءات الصارخة والموجهة ضد أمننا واستقرارنا ومواقفنا الثابتة تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وما يحصل اليوم أخذ أبعاداً جديدة من الحرب على عصابات المخدرات؛ فعمليات التهريب أخذت طابعاً متطوّراً بعد دخول الطائرات المسيّرة (الدّرون). وإذا كان المعتاد أن تحمل تلك الطائرات مواد مخدّرة، فإن الجديد حملها لمتفجرات الـ(تي إن تي)TNT التي تقعد لها دفاعاتنا العسكرية بالمرصاد وتتعامل مع تحرّكات مستمرة واستفزازات قريبة من حدودنا، طامعة الوصول إلى أهداف متقدّمة لتنفيذ مخطّطات إرهابية.
وليس كل ما يقوم به الجيش على الحدود الشمالية قابلاً للتداول إعلاميا حول خطورة الأحداث، واحتمالات ارتفاع حدة الحرب على المخدرات مقابل عدم جدية الجانب السوري وعدم الاكتراث في تنفيذ التزاماته الأمنية تجاه ضبط الحدود من جهته، وردع الميليشيات المحسوبة على حلفائه التي صنعت اقتصاداً متكاملاً من تجارة المخدرات والسلاح، وأصبحت قوى ذات نفوذ واسع. وعلى الرغم من كل المحاولات لحضّ الجانب السوري على وقف محاولات تهريب السلاح، والمخدّرات، وتموضع تنظيمات وميليشيات قرب حدودنا، فإن شيئاً لم يتغير بشكل جذري.
فهناك البعد السياسي والأمني بكل ما تحمله وتعنيه هذه الكلمة من مغزى وذلك لانخراط الميليشيات في عمليات التهريب في محاولة لزعزعة بلدنا أمنياً وفرض سيناريوهات لا تتماهى وقيم الاردن، تدعمها قناعات لدى بعض الأوساط هناك أن تهريب المُخدّرات إلى الأردن ودول أخرى مُعاقبةً لها على مواقفها في فترة الحرب، كما ينم عن قناعة لدى البعض بأن ملف تهريب المخدّرات ورقة سياسية للطرفين سواءً للضغط السوري في ملف المساعدات من الخليج أو إعادة الإعمار و إيرانياً للتفاوض حول مصالحه ليس هذا فحسب، بل هو ورقة للضغط والابتزاز السياسي، ما يؤشّر على أن عمليات التهريب لن تتوقّف في المدى المنظور.
وقد تنبه الاردن مبكراً إلى تأثير انشغال روسيا بحربها مع أوكرانيا على منطقتنا، وقد تحقق تحذير جلالة الملك من تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا.