عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Dec-2019

سلطة فشلت بإدارة البلد.. وتحترف خرق الدستور - أواب المصري
 
الجزيرة - تؤكد كل الطبقة السياسية في لبنان حرصها على تطبيق الدستور والتمسك به. لكنها في الواقع، تعمل في كل مناسبة على خرق الدستور ومخالفة روحه، وفرض أعراف جديدة تتناقض معه.
 
أبرز خرق ارتكبه رئيس الجمهورية قبل أسابيع -وما زال- بتجاوز ما نص عليه الدستور من الدعوة لاستشارات نيابية ملزمة تمهد لتكليف رئيس حكومة جديد. ففخامة الرئيس أراد التذاكي على الدستور، واستغلّ عدم تحديد النص الدستوري مهلة زمنية بالتكليف، متجاهلاً أنه المسؤول الوحيد في الدولة الذي أقسم اليمين على تطبيق الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، فأهمل الدعوة للاستشارات النيابية، ومنح نفسه حقاً لا أصل له بإجراء مشاورات غير دستورية حول هوية الشخص المكلف، وكلّف صهره مفاوضة الشخصيات المقترحة والاشتراط عليها، ضارباً عرض الحائط حقيقة أنه لا هو ولا صهره ولا حلفاؤه يحق لهم التدخل بتسمية رئيس الوزراء المكلف، اللهم إلا من خلال النواب الذين يمثلونهم في الاستشارات. أما عن الحكومة، فرئيس الحكومة وحده هو المسؤول عن إجراء الاتصالات والمشاورات لتشكيلها.
 
سلطة أثبتت بجدارة فشلها في إدارة البلد ومعالجة أزماته، لكنها أثبتت براعتها في خرق الدستور واختراع أعراف لا تؤدي سوى لمزيد من الفساد والانهيار
العرف الآخر الذي نجح رئيس الجمهورية وفريقه بفرضه دون وجود سند دستوري له، هو أن يمتلك بشخصه حصة وزارية إضافة للحصة التي ينالها فريقه السياسي. أي أنه فعلياً حاز حصتين وزاريتين رغم أنه طرف واحد. يستند الرئيس وفريقه إلى سابقة حصلت في عهد الرئيس ميشال سليمان، حينها تم منحه حصة وزارية نظراً لعدم امتلاكه كتلة نيابية ممثلة في الحكومة، وقيل يومها أنه من غير المنطقي أن لا يتمثل الرئيس في الحكومة، فكان المخرج بمنحه حصة وزارية. يومها اعترض العماد ميشال عون واعتبر منح الرئيس حصة وزراء هرطقة دستورية، لكنه حين وصل لموقع الرئاسة، أُعجب فجأة بهذه الهرطقة وألزم بها الآخرين.
 
من الأعراف الغريبة التي يحاول رئيس الجمهورية فرضها في المرحلة الراهنة هي ربط وجود الرئيس سعد الحريري على رأس الحكومة بوجود صهره جبران باسيل في عدادها، فإما يكونان معاً في الحكومة، وإما يكونان معاً خارجها. هذا المنطق يتضمن مخالفتين، الأولى دستورية والثانية سياسية. أما عن المخالفة الدستورية، فكما أشرنا فإن من يحدد هوية رئيس الحكومة هم النواب من خلال الاستشارات الملزمة التي يفترض أن يدعو إليها رئيس الجمهورية فور قبول استقالة الحكومة، ولا علاقة لا لرئيس الجمهورية ولا لصهره بنتيجة هذه الاستشارات، سواء جاءت لمصلحة سعد الحريري أو لغيره. أما المخالفة السياسية، فهي ربط وجود سعد الحريري على رأس الحكومة بوجود جبران باسيل فيها، علماً أن التسوية –الكارثة- التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية يقضي ركنها الثاني بمجيء سعد الحريري رئيساً للحكومة، ولم يرد في هذه التسوية أي ذكر لجبران باسيل. وعليه فإن اشتراط الربط بين الحريري وباسيل لا محل له من الإعراب.
 
الأعراف الجديدة المخالفة للدستور لا تنحصر برئيس الجمهورية وفريقه السياسي، فهي تشمل كل القوى السياسية الأخرى. على سبيل المثال لا الحصر، حزب الله يفرض على الحكومة نصّاً معيناً لبيانها الوزاري يشرّع سلاحه الذي يحتفظ به دون بقية اللبنانيين، ورئيس مجلس النواب نبيه بري يشترط عُرفاً مخالفاً للدستور أن يكون وزير المالية في الحكومة تابعاً له. الرئيس سعد الحريري بدوره ليس خارج منظومة ابتكار أعراف مخالفة للدستور. فهو استحدث قبل أيام عُرفاً جديداً، حين استخدم دار الفتوى وسيّدها لإحراج وإخراج أحد الذين طُرحت أسماؤهم لتولي رئاسة الحكومة، وحين زار المرشح المفتي أتاه الجواب أن مرشح دار الفتوى لرئاسة الحكومة هو سعد الحريري، علماً أنه لا علاقة لدار الفتوى بتحديد هوية رئيس الحكومة، كما لا علاقة لبكركي بانتخاب رئيس الجمهورية، ولا علاقة للمجلس الشيعي الأعلى باختيار رئيس لمجلس النواب.
 
سلطة أثبتت بجدارة فشلها في إدارة البلد ومعالجة أزماته، لكنها أثبتت براعتها في خرق الدستور واختراع أعراف لا تؤدي سوى لمزيد من الفساد والانهيار.