عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jan-2024

"ديجور" توليفة فنية يصنعها المخرج سميرات تتوج بجوائز إقليمية

 الغد-رشا كناكرية

 في حبكة فنية مشوقة سردت وحشية الوحدة وفقدان الأمل والرغبة في النجاة وسط الصحراء القاحلة، حقق الفيلم الأردني "ديجور" للمخرج معتصم سميرات، نجاحا محليا وإقليميا بمواهب أردنية شابة.
نسج المخرج الفنان سميرات توليفة فنية في "ديجور"، الذي تناول قصة شاب تائه في صحراء الأردن يحاول أن يبقى على قيد الحياة، بعد موت صديقه أثناء رحلتهما، لينقل خلال 20 دقيقة مشاعر متخبطة مر بها في تلك الرحلة.
وحصد "ديجور" العديد من الجوائز الإقليمية، آخرها الجائزة الكبرى لأفضل فيلم قصير في مهرجان ابن جرير في المغرب، إضافة الى جائزة أفضل فيلم روائي قصير في مهرجان القدس السينمائي الدولي 2022، وجائزة أفضل إخراج في مهرجان العودة السينمائي الدولي 2023، والجائزة الكبرى في المهرجان الدولي للفيلم بوجدة- المغرب 2023، كما حصد جائزة أفضل ممثل "معتصم سميرات" في المهرجان الدولي للفيلم بوجدة 2023، وجائزة أفضل إخراج في المهرجان الدولي للفيلم بوجدة 2023.
وفي حديث خاص لـ"الغد" مع الكاتب والمخرج والممثل لفيلم "ديجور" معتصم سميرات، قال إن فكرة الفيلم بدأت معه خلال جائحة كورونا ومن وسط العزل وحظر التجول الذي عاشه العالم، إذ أصبح لدى الجميع فراغ كبير للتفكير، فكان دائما يشعر أن هنالك شعورا واحدا مسيطرا على كل شخص منا، حتى بعد انتهاء الحظر الشامل.
وأوضح سميرات أنه من هذا الشعور بدأت لديه فكرة "ديجور"، وأصبح يفكر كيف يكتب عن الوحدة، ولكن بصورة لافتة، ولذلك حاول دمج أكثر من شعور بتقاطعات تصل للنقطة ذاتها، كما سلط الضوء على بعض المشاعر التي تأتي وتذهب باختلاف الوقت والمكان، ولكن بالنهاية تجمعنا. مبينا أن "ديجور" اسم عربي معناه شدة الظلام أو الظلام الحالك، وكان اختياره بناء على معنى الفيلم في شعور الوحدة وسط التيه. وأضاف، أنه أراد أن يتحدث عن وحشية الوحدة التي تذهب وتعود للإنسان في بعض الأوقات، وبهذا بنى الفكرة وبعدها بدأ بكتابة قصة لائقة وغريبة نوعا ما، وخرج بفيلم "ديجور" الذي انتهى منه العام 2020.
وأشار سميرات إلى أنه بعد الانتهاء من كتابة "ديجور"، عرضه على أكثر من صديق لأخذ الآراء، مبينا أن الفنان يجب أن يشارك أعماله لأصدقائه الفنانين الذين يثق بهم، ففي النهاية هو يبني حالة، وجميعهم متشاركون في الهم والقضية ذاتهما، ووفقا لذلك، كانت هنالك مراحل تطوير للفيلم استمرت لأكثر من عام وانتهت العام 2021، ومن بعدها بدأ رحلة البحث عن مصادر تمويل، وقدمه لوزارة الثقافة ضمن مهرجان الأفلام الأردني وحصل على الدعم.
ويشير سميرات إلى أنه حرص على أن يكون الأشخاص المشاركون بالفيلم هدفهم صناعة فن ينقل فكرة الفيلم بصورة حقيقية وواضحة وبمعان عدة، ويرى أن هذا الأمر يعد من أسباب نجاح الفيلم، فكل عناصر العمل كان هدفها الرئيسي عمل فيلم بصورة جميلة بعيدا عن ضعف الإمكانيات المادية والتحديات التي كانت تواجههم، فالجميع عمل بشغف.
وأكد أن الهدف الأكبر للفيلم هو إخبار كل شخص في الخارج أن هنالك صناع أفلام أردنيين محترفين يصنعون أفلاما مميزة في الشرق الأوسط وبكل مكان، وكان هدفهم عمل فيلم بصورة جميلة وغريبة، وليس فقط فيلما يتم إنتاجه ووضعه في الدرج، لذلك كان هنالك تضحية كبيرة واجتهاد من كل الفريق الذي عمل في الفيلم.
والفيلم تم عرضه في مهرجان الفيلم الأردني، وفي البدايات لم يأخذ صدى الجوائز، ولكن أخذ صدى الجمهور بصورة كبيرة، فمنذ بداية عرضه في المهرجان، كان دائما هنالك تساؤلات حول كيفية نجاح الشباب في صنع هذا الفيلم.
ويرى سميرات أن سبب النجاح الأكبر للفيلم أنه كان مدروسا بصورة كبيرة من ناحية أخذ الجمهور من مشهد الى آخر وإدخالهم الى القصة، ولذلك لم يكن أحد يشعر بالمدة الزمنية للفيلم التي وصلت لـ20 دقيقة، وهو يعد طويلا نوعا ما وفقط على شخصية واحدة وموقع واحد التي قد تصيب البعض بالملل، ولذلك كل مشهد كان يضاف له الإيقاع، إلى جانب الزيادة في خط التساؤلات أكثر لشد المتابع.
وأكد سميرات أنه سعيد وفخور بجميع الجوائز التي حصدها "ديجور"، فهذه الجوائز تقدير وتقييم فني لعملهم ومن ضمن نجاحات الفيلم.
ويعتقد أن العمل إذا كان نابعا من إيمان مطلق من صانعه، سيصل للجمهور بصورة واضحة وصريحة، مبينا أن سبب نجاح الفيلم أن كل شخص بالفريق كان مؤمنا برسالة الفيلم وبمكانه فيه، وأنه سيحدث نقلة نوعية، فالأشخاص عملوا بشغف كبير، وهذا أوصل للجمهور شعورا صادقا وواضحا وحقيقيا، إضافة إلى أن عنصر التشويق في الفيلم كان عاليا، وتم إعطاء الجمهور جرعة جديدة من التشويق مع كل مشهد وتساؤل جديد ليشد المتابع ليبقى للنهاية.
هذا وقد اكتشف سميرات شغفه في عالم السينما منذ الصغر، إذ كان والده الممثل محمد سميرات يصطحبه معه دائما الى موقع التصوير، ومن هنا أصبح لديه حب لهذا المكان وأخبر نفسه "مكاني هنا".
ويقول "انغمست في الحالة قبل أن أكون واعيا لفكرتها"، فأول مسرحية شارك بها سميرات كان في التاسعة من عمره، وعبر عن ذلك بقوله "كنت في هذا المكان وأنا صغير، وفعليا اكتشفت أنه المكان الأقرب لقلبي"، فقد آسرته الفكرة بأنه يستطيع أن يظهر مشاعره، ويزرع فكرة جديدة، ويوصل رسالة للجمهور بطريقته وبمدرسته الفنية.
وسعى سميرات ليطور من موهبته عبر السنين بالمواكبة والتجربة وتحدي نفسه، ودائما كان لديه تغذية بصرية وفكرية من خلال متابعته للسينما والمسلسلات، إلى جانب قراءة الكتب ومشاهدة المسرحيات، موضحا أن المواكبة كانت السبيل الأول للتطور، مبينا أنه كفنان أراد تثقيف نفسه وتطويرها بقراءة كتب علم النفس والعمل مع العديد من المخرجين، وكذلك تلقي الدورات التدريبية وعمل تجارب الأداء واكتساب الخبرات وليس فقط المحلية، وكذلك خارج الأردن، وجميع هذا أسس لمسيرته الفنية وفتح له مجالا أكبر في الوسط الفني.
"ديجور" ليس الفيلم الأول للمخرج معتصم سميرات، في رصيده عدد كبير من الأفلام القصيرة والمسرحيات، عدا عن أدواره التمثيلية في عدد كبير من المسلسلات والمسرحيات والأفلام.
وأوضح المخرج، أن كل مشروع هو خطوة أولى وانطلاقة جديدة، لأنه دائما هنالك شيء جديد يتعلمه، مبينا أن الخطوة الأولى له من ناحية تجربة حقيقية ومدعومة وفريق عمل كبير وتحضير هي فيلم "ديجور"، وقد سبقه 11 فيلما جميعها اجتهادات شخصية منه ومن الأصدقاء، منها فيلم "مريض صفر"، وفيلم "قانون نيوتن الثالث" وفيلم "الفصل الأخير".
ويفصح سميرات أن التمثيل هو الأقرب لقلبه، وهو الطريق الذي أوصله للكتابة والإخراج، خاصة أن بداياته كانت في المسرح، وهو المكان الذي علمه التمثيل وأشعره بكيفية الانتقال للأبعاد الأخرى، والتفكير بعوالم مختلفة، وتجارب المسرح كانت موفقة له مع أشخاص بخبرة عالية، فقد كانت تجربة ثرية وأساساته بصورة جميلة.
وأكد سميرات، أنه في الأردن لدينا طاقات شبابية عظيمة وكبيرة سواء في التمثيل أو الإخراج أو الكتابة، ولكن للأسف دائما يواجهون بقلة الدعم وقلة تسليط الضوء، فالشباب لديهم شغف كبير للعمل، ولكن الإمكانيات قد تقف عائقا أمام البعض منهم، لذلك هناك حاجة الى تسليط ضوء على الأعمال السينمائية الأردنية وتوفير إمكانيات، ففي النهاية الثقافة هي التي تبني شعوبا وتزرع عند الجمهور فكرة هذا البلد ورؤيتها وجمالها.
وبين أن تجارب السينما الأردنية التي تحدث سواء أفلاما أو مسلسلات أو مسرحيات مهمة يكون لها صدى جماهيري جميل وهذا واضح، لأنها تترشح لمهرجانات وتحصد جوائز، وهذا دليل على أن السينما الأردنية لها مستقبل مشرق.
وأشار إلى أن هنالك فيلما جديدا تم كتابته العام 2021 ويحاول صناعته هذا العام، وحاليا يسعى لإيجاد مصدر دعم ووقت مناسب لصنعه، مؤكدا بذلك أن جميع خططه المستقبلية تركيزها في الإخراج والتمثيل.
وختتم سميرات حديثه، بأنه يسعى لعمل فن بصورة لائقة وجميلة وهذا طموحه الأكبر، عمل فن لأجل الفن وليس فقط للمتعة أو الدهشة، بل صنع فن واع وهادف وليس فنا يعرض اليوم وننساه غدا، ويؤسس ويبقى الناس يتحدثون به ويذكرونه، ليحدث بصمة ويترك أثرا بفنه وهذا الأهم.
 
 
 
 
 
 
المخرج الفنان معتصم سميرات-(من المصدر)