عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Sep-2022

الطوال يحول منزله لمكتبة “زمكان” ويستقبل هواة المطالعة

 الغد-أحمد الشوابكة

 بعد انقضاء نحو عامين ونيف على تحويل المواطن رائد الطوال، منزله إلى مكتبة أطلق عليها “زمكان”، يقصده هواة المطالعة من داخل المدينة وخارجها لتكون نقطة إيجابية لإحياء ثقافة الكتاب، لأن المكتبة عنوان الثقافة والحضارة، وهي مخازن المعرفة للناس، والتشجيع على حركة الإنتاج الثقافي، وفق حديثه لـ”الغد”.
وفي خطوة إيجابية تشجيعية، زارت وزيرة الثقافة هيفاء النجار، يوم الجمعة الماضي، المكتبة، للاطلاع على ما تحتويه من كتب تقدر بالآلاف وتعكس التراث الأردني، وتستقبل زوارها مجاناً.
وتجولت الوزيرة في مرافق المكتبة التي تحتوي على شتى أنواع الكتب، جمعها صاحب المبادرة المواطن رائد الطوال للتشجيع على القراءة وإثراء المعرفة والثقافة لدى الشباب.
هذه المبادرة تحكي قصة مواطن أردني يعشق الكتاب، وعمل على مشروعه الخاص بتحويل منزله لمكتبة عامة، ورغم إمكانياته المادية المتواضعة يتميز المكان بالإبداع والابتكار وبطابعه السياحي كون المنزل قديما.
وقالت النجار، إن الوزارة ستساعد هذا المشروع الثقافي الإبداعي بتصنيف الكتب والإسهام في تحويله إلى مكتبة إلكترونية، ووضعها على خريطة السياحة في مادبا، مشيرة إلى أن هكذا مبادرات تتطلب دعم مختلف الجهات من الثقافة والسياحة والبلدية والمجتمع المحلي للحفاظ عليها.
وأعادت التأكيد أن مثل هذه المبادرات تخلق عوامل تحفيزية تشجع القراء على الذهاب للمكتبات، بالاستعانة بمحتواها المتوافر من كتب وموسوعات، لكون المكان مهيأ تماماً للقراءة والراحة النفسية في آن واحد، معتبرة المكتبات “الدعامة الأساسية لثقافتنا، ويجب أن نسعى جاهدين لتحقيق حركة القراءة من خلال المكتبات كركيزة ثقافية مهمة في الشأن الحياتي”.
وأكدت النجار أن الوزارة تسعى الى تشجيع القراءة واقتناء الكتاب والعمل على بناء مكتبة في كل بيت، والمساهمة في رفع مستوى الوعي الثقافي لأفراد الأسرة الأردنية كافة، إضافة الى توفير الدعم للكتاب وضمان وصوله للمواطن بأسعار رمزية، من خلال مكتبة الأسرة.
إن إنشاء مثل هذه المكتبة يجعل قراءة الكتب واقعاً ملموساً خارج الفضاءات المألوفة كـ”المكتبات العادية”، إلى جانب تشجيع الجيل على اقتناء الكتب والتباحث في القضايا الراهنة، ويعد نهجا للثقافة الإيجابية، لبذل قصارى الجهد لتشجيع حركة الإنتاج الثقافي الذي يعنى بالإبداع في مجال الكتب والنشر والفنون والموسيقا وجميع مجالات الثقافة والفن، وفق صاحب فكرة إنشاء المكتبة رائد الطوال.
ويؤكد أن هذه الحركة لها مكونات وجوانب يجب أن تعمل معاً في عملية منطقية وتآزرية يؤدي نتاجها إلى تحقيق الهدف المنشود.
والطوال الذي درس علم “اللاهوت”، أصر على أن ينشئ مكتبة في منزله الذي يقبع على طريق ماعين السياحي، الذي شيده والده العام 1982، ليكون منزلا للعائلة، لكنه استدرك أهمية الفكر والثقافة، ما دعاه الأمر، بحسبه، إلى الاستدلال على هذا المشروع الثقافي النهضوي الذي سيعيد فيه عشقه إلى الثقافة والإبداع، كونه رساما تشكيليا، إضافة إلى أنه يعشق المطالعة والقراءة.
وبدأت فكرة إنشاء المكتبة منذ أكثر من عشرة أعوام، بحسبه؛ حيث تحتوي المكتبة على أكثر من 15 ألف كتاب في شتى حقول المعرفة والأدب، وتم الحصول عليها من مصادر عدة، وبعضها تبرعات من مؤسسات رسمية وثقافية، وبعضها الآخر من أفراد.
واستخدم الطوال خامات بسيطة لتنفيذ مكتبته، فمن صناديق الخضار والفواكه الخشبية صنع رفوفاً متعددة، ونظمها بشكل جيد، وهي متاحة الآن للزوار من شرائح المجتمع كافة للجلوس والقراءة واستعارة الكتب، ضمن ضوابط معينة.
ولا يبدي الطوال خشيته من إفشال مشروعه الذي راوده منذ الصغر في إنشاء مكتبة على الطراز القديم بمختلف مكوناتها، ليجتمع فيها شرائح المجتمع كافة الباحثة عن العلم والمعرفة، ما دعاه الأمر للإسراع في إنجاز مشروعه الثقافي والإبداعي، حيث سمحت مكتبته لمستخدميها بشراء مختلف أنواع الكتب بأسعار تشجيعية.
ويضيف الطوال، أن هذا المشروع الثقافي، نقطة ارتكاز لكل المثقفين في مدينة مادبا التي يخرج من رحمها العديد من المفكرين والمثقفين والمبدعين على مستوى العالم، ولاستمرارية هذه الحالة، مبينا “كان يتوجب علي أن أكرس هذه المفاهيم الحية على أرض الواقع، وأن أقدم شيئا أعشقه لهذا العالم الإبداعي، ومن دون مقابل، حتى نؤسس معاً فكرة إعادة بريق المطالعة والقراءة في ظل وجود العولمة الصاخبة التي غيرت مفاهيم كثيرة”.
ويقول “يمكن للباحثين وهواة القراءة والبحث العلمي أن يستفيدوا منها في تنمية ثقافتهم ومعرفتهم دون أن يتكبدوا عناء البحث عن الكتب أو شرائها، خاصة أن الكتاب هذه الأيام لم يعد رخيص الثمن”.
ويصر الطوال على إعادة ألق قراءة الكتب وتذليل عقبات اقتنائها ومطالعتها، وفق ما ذكر، أن المشروع بدأ يستقطب العديد من المهتمين بالحركة الثقافية والإبداعية في محافظة مادبا وخارجها من الباحثين عن الكتب الفريدة والنوعية.
ويتابع “إضافة إلى الكتب المترجمة من إحدى عشرة لغة عالمية، وهذه كتب نادرة تعود طباعتها إلى أكثر من نصف قرن، ما أسهم باستقطاب الأجانب السياح المقيمين في مدينة مادبا للمجيء إلى المكتبة والاطلاع على كتب للمطالعة وشرائها، والجلوس ساعات طوال، للاستمتاع بجمالية المكان، واحتساء مشروباتهم الساخنة من القهوة والشاي والأعشاب الطبيعية”.
ويضيف “لأنني أعيش في مدينة مادبا، وأعرف كل شيء يقوم على أرضها، كنت دائما أطمح إلى تأسيس مكتبة في هذه المحافظة التي أحب؛ إذ يتواجد فيها مكان واحد لقراءة الكتب أو توفيرها، كما لا يوجد لدى الكثير من السكان ثقافة القراءة، فأحببت أن تكون انطلاقة مشروعي من مدينة مادبا، حتى أستطيع تغيير الناس وثقافتهم من خلال القراءة”.
ويؤكد أن تمويل هذه المكتبة بجهد شخصي، خصوصاً وأنه يملك البناء، ويقول “وهذا ساعد على تحقيق حلمي؛ إذ أخذت أفكر بطريقة ما لتمويل هذا المشروع كي يخرج إلى النور وأرى مادبا تلك المدينة التي تقرأ”.
ويعد المشروع ناجحا، لأنه يعزز الثقة بين المستخدمين الذين يقيمون درجة انضباطهم في الاستمتاع بالقراءة وشراء الكتب والجلوس في المكان، بحسب الباحث حنا القنصل؛ إذ إن هذا المكان ملائم جداً للقراءة ويعطي حافزا لفهم ما يحتويه الكتاب، ويجب دعم هذا المشروع، إضافة إلى تصنيف محتواها من بناء وكتب وجلوس، مؤكدا أن المكان مبهر ومتوهج، ومن اللازم أن يدعم ليستمر في تقديم الخدمة الفضلى للمثقفين والباحثين عن العلم والمعرفة.