الغد-نادية سعد الدين
تواجه الإدارة الأميركية والوسطاء عقبات كبيرة أمام مساعيهم لتحويل وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى خطة سلام وإعادة إعمار دائمة.
ويعود ذلك لصعوبة تنفيذ العديد من بنود خطة الرئيس السابق "ترامب" وضبابية مسارها، وسط قلق متزايد من انهيار الاتفاق بسبب خروقات الاحتلال المتواصلة لتنفيذه.
وتزداد خشية الوسطاء من انهيار وقف إطلاق النار مع اقتراب موعد تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار إنشاء القوة الدولية، مما يُعقّد الانتقال إلى المرحلة التالية بسبب استمرار خروقات الاحتلال.
وتسعى الإدارة الأميركية لاستبعاد ما يُعيق إقرار قرار إنشاء القوة الدولية في مجلس الأمن، الذي يُتوقع التصويت عليه غدًا الجمعة أو مطلع الأسبوع المقبل، وذلك في ظل استمرار جهود الوسطاء لمنع انهيار اتفاق غزة جراء الخروقات المستمرة منذ سريانه.
ويُبدي مسؤولون في إدارة الرئيس "دونالد ترامب" قلقاً، حسب الأنباء المتداولة، من انهيار الاتفاق الذي يندرج ضمن خطة "ترامب"، ويرجع ذلك لصعوبة تنفيذ بنودها الأساسية وعدم وضوح مسارها، بالإضافة إلى العقبات التي تواجه واشنطن والوسطاء في مسعى تحويل وقف إطلاق النار إلى خطة سلام وإعمار دائمة في غزة.
وفي غضون ذلك، يواصل الاحتلال خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار، بينما يعاني "90 % من سكان قطاع غزة من مستويات مختلفة من سوء التغذية"، وفقاً للمستشار الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، عدنان أبو حسنة.
وأكد أبو حسنة، في تصريح له أمس، أن الاحتلال لا يسمح بدخول مئات الأصناف من المساعدات إلى قطاع غزة، موضحاً عدم دخول أي مساعدات عبر معبر "زيكيم" شمالي القطاع.
وحذر من كارثة كبيرة إن لم يسمح الاحتلال بإدخال الخيام ومعدات الإيواء، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء واهتراء خيام النازحين مع طول الاستخدام ومعاناة النزوح التي عاشها النازحون خلال الإبادة الجماعية.
وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" قد أكدت في وقت سابق، أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ما تزال مروعة بعد مرور شهر على وقف إطلاق النار.
وأوضحت منسقة الطوارئ في المنظمة، كارولين سيغوين، أن سلطات الاحتلال "تعرقل إدخال مساعدات أساسية مثل الأدوية، ومستلزمات الإيواء والنظافة، مؤكدة أن المعاناة الحالية "يمكن تجنبها تمامًا".
وأشارت إلى أن آلاف الفلسطينيين المهجرين يعيشون في خيام تفتقر للماء والكهرباء، وسط تكدس للنفايات وتفشٍ للأمراض الجلدية والتنفسية والهضمية، مع اقتراب فصل الشتاء.
وطالبت المنظمة بالسماح الفوري بزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق أو قيود مشددة على دخولها كما يحدث الآن.
ونتيجة لعدوان الاحتلال المستمر، فإن مستشفيات القطاع، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، قد استقبلت خلال الـ24 ساعة الماضية 3 شهداء و4 إصابات.
وأوضحت "الصحة الفلسطينية"، في تصريح لها أمس، أنه منذ وقف إطلاق النار بتاريخ 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2025، بلغ إجمالي عدد الشهداء 245 فلسطينياً، فيما وصل عدد الإصابات إلى 627، وبلغ عدد من تم انتشالهم 532.
وأفادت، بأن حصيلة عدوان الاحتلال المتواصل ارتفعت، منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، إلى 69,185 شهيداً و170,698 إصابة، ضمن أكثر من 239 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلاً عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.
من جانبها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إن "الكيان الصهيوني المُجرم مستمر في حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده"، مشيرة إلى أن الاحتلال "وسع في الآونة الأخيرة من عدوانه ليشمل العديد من المدن والقرى والمخيمات في الضفة الغربية".
وقالت "الجهاد" في تصريح لها أمس، إن "العدو الصهيوني في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، يواصل عدوانه وخروقاته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والذي يؤدي إلى ارتقاء المزيد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، وسط صمت دولي مُطبق لا يرى في ذلك خرقاً يستحق المعالجة، إلا إذا سقط قتيل صهيوني".
وأشارت إلى عدوان الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية، معتبرة أن الأعمال العدوانية لوحدات جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين، وعمليات الاعتداء والترويع بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، هو استمرار لنهج الإبادة والتهجير والتنكيل الذي يواصل الاحتلال ارتكابه ضد قطاع غزة.
وقالت الحركة إن "حكومة الاحتلال وداعميها والساكتين على جرائمها يتحملون وحدهم مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور؛ إذ لا يمكن للشعب الفلسطيني ولا لقوى المقاومة أن تبقى مكتوفة الأيدي وهي تشاهد كل هذه الاعتداءات".