عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Nov-2019

ببراعة وحشية تغلبت إيران على الاحتجاجات - بقلم: عاموس هرئيل وينيف كوفوفيتش

 

هآرتس
 
بعد أقل من أسبوعين على بداية موجة الاحتجاجات الأخيرة في ايران فان اجهزة الاستخبارات في الغرب وفي إسرائيل تقدر بأن السلطات في طهران تغلبت على الاضطرابات. موجة الاحتجاجات التي تسببت حسب تقديرات مختلفة بجبي أرواح 300 شخص تقريبا اعتبرت الانتفاضة الاقوى ضد النظام في ايران منذ الثورة الاسلامية التي في اعقابها استولى النظام على الحكم في العام 1979. مع ذلك، رجال المخابرات يشعرون بأن السلطات اظهرت وحشية وبراعة ونجحت في هذه المرحلة في كبح انتشار الاحتجاجات.
الاضطرابات في ايران بدأت في نهاية الاسبوع في 15 الشهر الماصي على خلفية قرار الحكومة رفع اسعار الوقود بشكل كبير. هذا القرار اتخذ على خلفية الازمة الاقتصادية الشديدة التي ألمت بايران، في اعقاب العقوبات الشديدة التي تفرضها الولايات المتحدة. الاضطرابات اتسعت لتصل الى معظم مناطق الدولة وشملت المظاهرات والتجمعات والمواجهات مع قوات الأمن في مئات المدن والقرى في ارجاء ايران. خلالها، اضافة الى القتلى (الذين من بينهم كان عدد من رجال الأمن الذين اصيبوا في المواجهات مع المتظاهرين) اصيب كما يبدو أكثر من اربعة آلاف شخص وتم احراق مئات فروع البنوك ومحطات الوقود في ارجاء الدولة.
النظام في إيران ينسب هذه الاضطرابات لمؤامرة خارجية ويتهم اجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية بالتحريض الذي أدى الى المظاهرات. وحسب تقدير الاستخبارات الغربية، إيران تعتقد أنه تجري ضدها حملة متعددة الابعاد بقيادة الولايات المتحدة كجزء من خطة مركزية هدفها اسقاط النظام. بالنسبة لهم، العقوبات الأميركية هي جزء من هذه العملية مثل الهجمات الإسرائيلية المتعمدة ضد تمركز إيران العسكري في سورية.
القيادة في إيران قلقة، الى جانب التأثير المتزايد للعقوبات الاقتصادية، ايضا من ابتعاد معظم الجمهور عن قيم الثورة الإسلامية ومن هبوط شرعية النظام بالنسبة للمواطنين بسبب الاتهامات التي تقول بأن جهات رفيعة في قيادة الدولة فاسدة وابناء عائلاتها يعيشون في ترف.
في المظاهرات الأخيرة سمعت هتافات مثل “الثورة كانت خطأ”. في شهر شباط (فبراير) القادم يتوقع اجراء انتخابات للمجلس، البرلمان الإيراني، وهناك تخوف في طهران من مقاطعة الجمهور للمشاركة في الانتخابات التي ستهز اكثر شرعية الانتخابات وشرعية النظام.
في المظاهرات الدورية، في ايام “الثورة الخضراء” الفاشلة في حزيران (يونيو) 2009 والسنوات التي تلتها، تناولت معظم الشعارات طلبات اقتصادية (بصيغة “خبز وعمل”)، والتذمر من وجود فساد واتهامات بشأن تزوير نتائج الانتخابات. منذ العام 2017 تنتشر في المظاهرات شعارات اكثر عدائية وفيها تصريح بأن الثورة الاسلامية كانت خطأ، ودعوة “الموت للديكتاتور”. الرد الشديد والسريع والعنيف للنظام على المظاهرات هو جزء من الدروس التي استخلصها من الاضطرابات في 2009 حول الحاجة الى قمع الاحتجاجات في أسرع وقت قبل انتشارها.
على الرغم من غضب الجمهور في ايران في اعقاب اشتداد الوضع الاقتصادي ورغم الاضطرابات الشديدة التي واجهتها في الشهر الماضي، حكومتان صديقتان لإيران، العراق ولبنان، يبدو أن النظام في طهران نجح في المواجهة مع الاحتجاجات الواسعة. في اجهزة الاستخبارات الغربية يصفون الاحداث الاخيرة في ايران كنتيجة للقمع العنيف: اضافة الى اعتقالات كثيرة وعنف شديد استخدم ضد المتظاهرين نجح النظام في ان يفصل بسرعة تقريبا كل مناطق الدولة والسكان عن الانترنت.
الفصل الذي خطط مسبقا كما يبدو كي يتم تنفيذه في زمن حدوث ازمة وتم تنفيذه بسرعة، فصل الجمهور في ايران بشكل كامل تقريبا عن العالم الخارجي خلال اقل من يوم. هذا الامر منع نشر الافلام القصيرة في الشبكات الاجتماعية التي فيها توثيق للعنف، الامر الذي صعب على المتظاهرين ومن يعارضون النظام تنسيق خطواتهم.
ايضا كان للفصل عن الإنترنت تداعيات اقتصادية شديدة على النظام نفسه، تقدر بمليار ونصف دولار. في بداية الأسبوع عاد الإنترنت للعمل في ايران بالتدريج. والإثنين الماضي وصل الى مستوى ربط يقدر بنحو 80 % من المتوسط في يوم عادي. يبدو أن القيادة في ايران اتخذت القرار بسبب الضرر الاقتصادي الذي تسبب به الفصل، ومن خلال الشعور بأنها تسيطر تقريبا على الوضع ويمكنها مواجهة الاضطرابات. حسب معرفتنا، الولايات المتحدة ودول غربية اخرى لم تقم خلال الاحتجاج بخطوات لاعادة التقاط جزئي للإنترنت في ارجاء ايران، رغم أن هذه الخطوات كان يمكن أن تساعد معارضي النظام.
رغم النجاح النسبي في القمع يمكن التخمين بأن غضب الجمهور الايراني للنظام ازداد وأن الاحتجاج سيتجدد مستقبلا بحجم اكبر. في المرة القادمة عندما تكون هناك ذريعة لاشتعال الاحتجاج. الوضع الاقتصادي في ايران يواصل كونه صعبا. وقبل السنة المالية القادمة التوقعات تتحدث عن معطيات غير مسبوقة: نمو سلبي بنسبة 9.5 % في السنة.
صحيح أن طهران نجحت في تجاوز جزء من العقوبات المفروضة عليها بواسطة صفقات سرية لبيع غير مباشر للنفط، لكن هذا غير كاف من اجل اعادة اصلاح اقتصادها. السلطات تقلص رواتب موظفي الخدمة المدنية على نطاق واسع وتضطر الى انفاق اموال من صندوق التنمية الوطنية الذي يتم فيه توفير الارباح من بيع النفط في محاولة للتغلب على الازمة. يبدو أنه في السنة القادمة لن يكون امام ايران أي مناص من القيام بخطوات تقليص واسعة اخرى.
ورغم الاحتجاجات الشديدة والانتقادات الموجهة جزئيا بصورة محددة ضد الرئيس الايراني حسن روحاني المتماهي مع المعسكر الاكثر اعتدالا في النظام فقد جمعت القيادة في ايران صفوفها بسرعة ازاء الضغط الخارجي. الزعيم الروحي علي خامنئي لم ينتقد بشكل علني روحاني ولم يتهمه بالمسؤولية عن الوضع الذي نشأ، بل اعطى حتى الآن الدعم لخطواته. النظام ايضا لم يخضع للضغوط لوقف رفع اسعار الوقود التي كانت الذريعة للاحتجاجات.