عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Sep-2022

في خطاب الكراهية و«التواصل الاجتماعي»*محمد يونس العبادي

 الراي 

لا يمرّ أسبوع، دون أن تطرق وسائل التواصل الاجتماعي، ونقاشاتها، وخلافاتها، أبواب قضايا الرأي العام، حتى بتنا نرى جدلاً لا يهدأ، محوره الخلاف، حول كل قضية، وهذا الأمر، لا يقتصر على مشهدنا المحلي وحسب، بل يمتد إلى أنّ يصبح ظاهرةً عالميةً، تعاني منها الكثير من المجتمعات، شرقاً وغرباً.
 
حتى بات الحديث عن خطاب الكراهية، أحد الحقول الواسعة لمحاولة فهم التفاعلات الاجتماعية اليوم، فلم يعد الاختلاف هو الأصل، بل بات الحديث عن الخلافات، والفروقات، والأنا والآخر، والكذب والصدق، والقيم الحقيقية، حديثاً واسعاً، تثيره كل قضية، أو طرح، وتحديداً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
 
وقد يسأل البعض، لماذا يعود الحديث عن خطاب الكراهية، أو تخشاه الكثير من الدول اليوم؟ والجواب بسيط، ذلك أنّ سمة التحريض على العنف، والتحزب بمفهومه «العصبوي» البغيض، وتبادل الشتم، والافتراء، وخلق الصور السلبية، ومحاولات النيل من كرامة الأشخاص، أو إهانتهم، تولد العديد من المخاوف من الانتقال إلى المجتمع والشارع، ما يولد عنفاً.
 
وأبرز التعريفات لخطاب الكراهية، هو تعريف الأمم المتحدة، بأنه: «أي نوع من التواصل من خلال الكلام أو الكتابة أو السلوك، يهاجم أو يستخدم لغة تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الدين أو العرق أو الجنسية أو اللون أو النسب أو الجنس أو أي عامل هوية آخر».
 
وقد رأينا الكثير من آثار هذا العنف في عددٍ من بلدان العالم، وكيف تحول الخطاب الجامع، والقيم العُليا، التي تجمع الشعوب والمجتمعات، وحل مكانها قيماً ومفاهيم ومفردات جديدة، أزاحت الإيجابي في وعي الشعوب ولا وعيها، وباتت مفاهيم الكراهية، وخطابها، هي التي ترفد وتغذي الخيال الشعبي، لذا، فالتنبه إلى خطاب الكراهية، ومنصاته أمر بحاجة اليوم، إلى انتباهةٍ كبيرةٍ، وخاصة من قبل علماء الاجتماع، وتحديداً الحقول الجديدة في هذا العلم، وعلى رأسها علم الاجتماع الرقمي، وهو فرع حديث بات يعنى بدراسة ثقافة المجتمعات، والأشكال الج?يدة من الاتصالات وكيف أثرت بها، ومحاولة إدراك آثار التكنولوجيا الرقمية على المجتمعات.
 
فاليوم، تعيش مجتمعاتنا، وتحديداً العربية، حالةً من الألفة مع الشبكات الرقمية، بشكلٍ غير مسبوق، وبات التعامل مع هذه المواقع، والتفاعل اليومي، مع طروحاتها، ورؤىً روادها، في حالةٍ من الاعتماد والتبادليةٍ والتكيف، ولا نعرف كيف ستسير الأمور بالنسبة للجيل الحاضر في مقبل الأيام، وللأجيال اللاحقة.. ولكن، ما يجب إدراكه اليوم، بأنّ تحسين لغة الخطاب والتخاطب عبر هذه المنصات، بات ضرورة تربوية ومجتمعية، وثقافية، وقيمية، وهو أمر حتمي يجنبنا لربما الكثير من مفرداتٍ الكراهية ومخاوفها.
 
فاليوم، أكثر ما نحتاج كأفرادٍ ومجتمعاتٍ إلى السعي لمحو أميةٍ الإعلام الرقمي، وتعزيز مهارات الفكر الناقد، ومحاولة الحديث عن بناء ثقافةٍ مضادةٍ لأيّ خطاب كراهيةٍ أو معلوماتٍ مضللة، فالثقافة المضادة أكثر جدوى وحصانةً من الحديث عن القانون، وبنوده، وعقوباته، على أهمية هذا الأمر في تحقيق الردع المطلوب.
 
فالأرقام تقول، إنّ عدد مستخدمي «فيسبوك» مثلا في الأردن يبلغ نحو 6.5 مليون مستخدم مع نهاية العام الماضي، كما وصل عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة بالمجمل إلى 8.7 مليون مستخدم وبنسبة انتشار 98.3% مع نهاية العام الماضي، وهذه أرقام تشير إلى عبءٍ كبير يقع على أكتاف المتخصصين، في مجتمعنا... ويضاف إليها هموم «الترندات» اليومية..!