عمون - -
لا يختلف اثنان على أن الزعيم العربي الأكثر اطلاعا ومعرفة وادراكا لما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو جلالة الملك عبدالله الثاني، كيف لا وهو من يحمل القضية إلى المحافل الدولية كافة، وقد تحمل ودولته ما تحمله دفاعا عن الأقصى والقدس والوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية فيها.. فكانت كنيسة القيامة عنده كما المسجد الاقصى لا فارق بينهما ولا خلاف على قدسية أي منهما، ولذلك كان على هذا الكاتب الأمريكي الاسرائيلي المسيحي المتشدد جويل سي روزنبرغ أن يعتذر.
المسيحيون في القدس مهددون، هذه حقيقة قالها الملك من قبل أمام الجمعية العمومية في الأمم المتحدة عام 2022، ويقر بها اليوم الكاتب المعترض، بعد أن اعترض على حديث الملك في محاولة منه للدفاع عن كيان لا يمكن أن تغطى جرائمه بقلم ولا حتى بكل أقلام الدنيا، فالشمس لا تغطى بغربال.
ليس مفاجأة أن يعتذر روزنبرغ، فالاعتداءات الإسرائيلية طالت ابناء طائفته المسيحية "الطائفة الإنجيليكانية" والتي ينتمي اليها، فإذا سكت هو لن يسكت عنه ابناء طائفته، فكانوا سيعرونه بانفسهم ويكشفون تواطؤه مع الكيان المحتل..
روزنبرغ يتحدث اليوم عن مضايقات وتهجمات ضد المسيحيين في إسرائيل، هذا ما حذر منه الملك حينما قال إن المسيحية في المدينة المقدسة معرضة للخطر، وحقوق الكنائس في القدس مهددة.
الملك قال أيضا حينها أن هذا لا يمكن أن يستمر، فالمسيحية جزء لا يتجزأ من ماضي منطقتنا والأراضي المقدسة وحاضرها، ويجب أن تبقى جزءا أساسيا من مستقبلنا مؤكدا الالتزام بالدفاع عن الحقوق والتراث الأصيل والهوية التاريخية للمسيحيين في منطقتنا، وخاصة في القدس.
ليتهم يستمعون للملك جيدا بدلا من أن يتنطحوا لمواجهة تحذيراته التي تعري الاحتلال الاسرائيلي وتكشف زيف تعهداته والتزامه باتفاقاته، ألم يحذر الملك مرارا وتكرارا من استمرار العنف الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدا أن المنطقة لن تر سلاما دون حل عادل وشامل للقضية الفلسسطينية؟
ألم يحذر الملك من نتائج كارثية على مستقبل المنطقة واستقرارها جراء استمرار محاولات اسرائيل فرض واقع جديد على الأرض؟، ألم يقول إن نتائج استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في القدس سيؤجج الصراع الديني؟
اما إذا كان المجتمع الدولي يصر على صم أذانه، ولا يريد أن يستمع لتحذيرات صاحب الوصاية الهاشمية، والذي يصون العهدة العمرية بالحفاظ على الأثار المسيحية وكنائسها، فعليهم أن يستمعوا جيدا لتأكيده بأن الاردن سيواصل التصدي لأي محاولة لتغيير الوضع القائم في القدس، وفي الوقوف بوجه محاولات التقسيم، الزماني أو المكاني، للمسجد الأقصى الحرم القدسي الشريف.