عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Dec-2019

وعي اللبنانيين.. أهم إنجازات الثورة - أواب المصري

 

الجزيرة - أكثر من ستين يوماً مرت على التظاهرات في لبنان المطالبة برحيل الطبقة السياسية الفاسدة. ستون يوماً مرت ولم يظهر في الأفق نهاية للعقم الذي تشهده البلاد، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وبات واضحاً أن الطبقة الحاكمة لا تأخذ ما يجري في الشارع على محمل الجد. وبعض هذه الطبقة عِوض التفكير في الاستجابة لمطالب الناس، يبحث في كيفية استغلال تحركاتهم، لابتزاز خصومه. ومن غير الواضح، هل سترضخ الطبقة السياسية لمطالب الناس، أم تنجح في الالتفاف على المطالب، وجر الشارع لمواجهات طائفية مذهبية، وصولاً لإجهاض الحراك تحت عنوان الحفاظ على السلم الأهلي؟ من المبكر الإجابة على هذا السؤال لكن في الحالتين، فإن هناك ما يمكن البناء عليه والاستفادة منه أياً كانت نتيجة هذا الحراك.
 
الفائدة الأولى التي أدركها اللبنانيون أخيراً، هو أن المعاناة التي يرزحون تحتها والخناق الاقتصادي الذي يشتد حول رقابهم، هو نتيجة أداء الطبقة السياسية الفاسدة التي أفرزتها نتائج الانتخابات النيابية. استحقاق استهتر به كثيرون ولا يولونه الأهمية التي يستحق، فيتقاعسون عن القيام بواجبهم في التصويت، فيما يسعى البعض الآخر للاستفادة من هذه المناسبة، فيبيع صوته لمرشح لا يعرف عنه شيئاً سوى ورقة المئة دولار التي يأخذها رشوة لبيع صوته.
 
طالت الأيام أم قصرت الحراك في الشارع سينتهي، ما سيبقى هو الوعي الذي وصل إليه اللبنانيون، والإرادة الصلبة بالتغيير، والقناعة بأن الطبقة السياسية التي تتحكم بهم ليست قدراً، ويمكن ببعض الوعي الإطاحة بها وتغييرها من خلال صناديق الاقتراع
الذين يتقاعسون عن الإدلاء بأصواتهم لديهم وجهة نظر، فهم يقولون بأنهم غير مقتنعين بجميع المرشحين، أو أن القانون الانتخابي الذي تجري على أساسه الانتخابات مفصّل لإيصال أطراف بعينها للندوة البرلمانية، أو أنه منشغل بأموره الشخصية في يوم الانتخاب، أو أنه غير مستعد للوقوف في الطابور أمام القلم الانتخابي للتصويت لمرشح يدرك مسبقاً أنه لن يكون أفضل من سابقيه. والذي يبيع صوته هو أيضاً لديه وجهة نظر. هو يقول بأن النائب الذي سينتخبه سواء كان صالحاً أو طالحاً فإنه لن يتمكن من التأثير على المنظومة السياسية التي ينخرها الفساد، لذلك عِوض أن يذهب صوته الانتخابي هدراً، فإنه يبيعه بحفنة دولارات تساعده على تأمين متطلبات منزله. تنتهي الانتخابات وتسفر عن فوز مجموعة من النواب تحدد مصير اللبنانيين لأربعة سنوات قادمة، وتواصل فسادها وسرقاتها ونهب خيرات البلد.
 
اليوم ونتيجة الحراك في الشارع، أدرك معظم اللبنانيين أن لصوتهم قيمة كبيرة، وأن هذا الصوت الذي استهتر كثيرون باستخدامه هو الذي أوصل الطبقة السياسية لما هي عليه، وهو الذي جعل فاسدين يتحكمون برقابهم. أما الفائدة الثانية، فهي أن التظاهرات والاعتصامات والحوارات والإطلالات الكثيفة عبر وسائل الإعلام خلال الشهرين الماضيين، أبرزت مجموعة كبيرة من الوجوه والطاقات والكفاءات وأصحاب الأفكار والمقترحات التي كانت مغمورة في السابق، بسبب طغيان وجوه وحضور الطبقة السياسية. فحين كان يُسأل مواطن لم انتخبت فلاناً وأنت تعرف فساده، كانت الإجابة أنه لا يوجد بديل، ومن نعرفه أفضل ممن لا نعرفه، و"جود من الموجود". أما اليوم، فلم يعد للمواطن حجة بعدما كشف حراك الشارع عن مجموعة واسعة من البدائل المقبولة الذين لا ضير من تجربتهم بدل تكرار انتخاب نواب ومسؤولين ثبت فسادهم.
 
طالت الأيام أم قصرت الحراك في الشارع سينتهي، ما سيبقى هو الوعي الذي وصل إليه اللبنانيون، والإرادة الصلبة بالتغيير، والقناعة بأن الطبقة السياسية التي تتحكم بهم ليست قدراً، ويمكن ببعض الوعي الإطاحة بها وتغييرها من خلال صناديق الاقتراع.