عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Feb-2020

مـاذا سـيـفـعـل الـضـم بـإسـرائـيـل؟ - يوسي كلاين

 

السؤال هو ليس ما سيفعله الضم بالعرب، بل ما الذي سيفعله بنا. هل الضم هو الخط الأحمر الذي أقسمنا على عدم تجاوزه؟ ربما لا. وربما يكون جيدا للفلسطينيين. وربما لن يحدث في عهدنا، لهذا هو لا يهمنا.
يمكن التعايش مع الضم مثل التعايش مع الاحتلال. أي أن الأمر غير سيئ. مع الاحتلال نعم، ومع الفساد لا. مع القمع نتدبر الامر، لكن مع الفساد لا نتدبر. ولن نوافق على أن يلطخ فساد الحكومة عباءة احتلالنا ناصعة البياض. الفساد لدينا هو وضع ثابت. والاحتلال مؤقت كما يبدو. الضم هو أبدي.
من الصعب التكيف مع الضم؛ لأنه لا يأتي وحده في أي مرة. الابرتهايد والترحيل دائما يرافقانه. مع الابرتهايد نحن اصدقاء، دائما كان لنا تعاطف معه.
ما الذي سيصنعه بنا الاحتلال، ليس كدولة بل كبشر؟ طالما أن الطائرات تحلق والسلال مليئة فنحن سنواصل الجلوس على المؤخرة ونشتكي من بربرية الأخ الاكبر.
إذا لم يقوموا بالمس بالميلكي فنحن لن نشوش عليهم في موضوع الاحتلال. من يستطيع وضع الاحتلال في بطنه مدة 53 سنة فهذا دليل على أن له معدة قوية. فهو سيقوم بابتلاع الابرتهايد وهضم الترانسفير. وفي نهاية المطاف سيؤمن بأن الخالق اختاره ليكون السيد واختار الفلسطينيين ليكونوا عبيده. وعندما يكون لديك 2.5 مليون من العبيد فستبدأ بالايمان بأن كل ذلك من السماء، وأنك ابن شعب السادة، وليس مجرد سادة، بل سادة برعاية من الله.
ما الذي سيفعله الضم بالدولة؟ سيحولها الى جنوب افريقيا، مع نفس الايمان بتفوق العرق ونفس النهاية التي لا مناص منها. سيحذف «الابرتهايد» من الكتب التعليمية. وفي المدنيات سنتعلم عن الانفصال وليس عن الابرتهايد. في اطار «الانفصال» سيقول رافي ريشف: «لقد تم نقل 500 عائلة الى منطقة الحدود مع الأردن، والآن سنتحدث مع سائق شاحنة عن الصعوبات اللوجستية التي كانت لهذه العملية المعقدة».
سيكون ابرتهايد، لكننا لن نوافق على أن نكون «دولة ابرتهايد. ونحن سنتمسك بـ «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط». وسنوجه اتهامات اللاسامية، وسنذكر بالكارثة وسنقوم بتجنيد شلدون ادلسون ودونالد ترامب. وسندعي بأن الدولة الفلسطينية التي نقوم برعايتها هي في الحقيقة بنتوستان إسرائيلي. ولكن رجاء لا تقولوا إننا جنوب افريقيا. من الواضح أن نهايتنا لن تكون مثل نهايتها.
بعد الانفصالية سيأتي الانفصال (ايضا الترانسفير سيتم محوه). هذا لن يكون مجرد «انفصال». كل «انفصال» سيكون طوعيا وكل «تخفيف» على السكان سيتم بمحبة. في العام 1968 صاغت وزارة الخارجية وثيقة أطلقت عليها اسم «تشجيع الحركة من غزة الى المناطق، ومن هناك الى مناطق اخرى في العالم العربي». «أن تشجع» لا يعني أن تقوم بنقل عائلات في الشاحنات - لا سمح الله - بالركل واللكم، بل حبسهم في غيتو دون حقوق، باستثناء حقهم في أن يستبدلوا السود الحقيرين في تنظيف المطاعم والمنازل.
وسيكون هناك من لا يستطيع تحمل الاهانة وسيعلن بأنه سائح، ضيف بحوزته جواز سفر اجنبي. وسيقول لنفسه بأن الدولة هي في الاصل دولة بتسلئيل سموتريتش وآريه درعي، وليست دولته لأنه فقط يقف متفرجا، لكنه ايضا سيتعود على ذلك.
هو ايضا سيتنازل عن الخطوط الحمر. وسيواصل الذهاب في كل صباح الى مكتبه، حتى لو كانوا امام ناظريه يضربون العرب ويبصقون عليهم وينكلون بهم ويطلقون النار عليهم. ربما هذا سيذكره بشيء ما. وعندما سيتذكر أن يطلب منا عدم المبالغة، وسيعلن بأن المقارنة مضحكة. وسيسأل نفسه هل يعتقد أحد بأننا سنفعل بالعرب ما فعله بنا الألمان؟.
«سنقوم بالاستلقاء في الشوارع وسنمنع الترانسفير بأجسادنا. ولن نسمح لكم بتنفيذ الترانسفير، حتى اذا اضطررنا الى تقسيم الدولة والجيش. وحتى اذا اضطررنا الى الاستلقاء تحت دواليب الشاحنات. وحتى اذا اضطررنا الى تفجير الجسور»، هذا ما كتبه عاموس عوز قبل 26 سنة. وعن ذلك يقال الآن «حقا، بربكم؟».
 
«هآرتس»