عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Nov-2020

المؤرخ عمر العرموطي..وموسوعة عمان أيام زمان

 الراي - وليد سليمان

 
تنوع كبير ومدهش هو ما نراه من معلومات عن مدينة عمان عاصمة الأردن في كتب ومؤلفات الباحث والمؤرخ الأردني «عمر محمد نزال العرموطي», حيث بدأ بجهود جبارة وفردية في إعداد موسوعة شاملة عن تاريخ مدينة عمان من كل جوانبها: السياسية والإجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية والعمرانية والتراثية.
 
وكان ذلك من خلال لقاءات المؤرخ عمر العرموطي مع شخصيات معمرة في السن والتجارب والذكريات والمناصب المختلفة في حياة عمان.. ففي العام 2017 صدر له «موسوعة عمان أيام زمان» بثمانية أجزاء بلغ مجموع صفحاتها ما يُقارب «3500 » صفحة, مع نشر صور قديمة وحديثة ملونة بلغت المئات لشخصيات وأماكن ومناسبات مختلفة جميعها لها علاقة بحياة وتاريخ عمان.. مع العِلم ان الجزء التاسع من تلك الموسوعة سيصدر قريباً.
 
من ليس له قديم ليس له جديد
 
ويشير عاشق عمان ومؤرخها العرموطي في مقدمة تلك الموسوعة الضخمة عن عمَّان بقوله:
 
هناك مثل شعبي دارج جاء فيه «من ليس له قديم ليس له جديد!!», فعمان عاصمة الأردن المدينة القديمة ذات الماضي العريق والحاضر المتقدم كانت مدينة مزدهرة... لكن الكوارث والغزوات أدت إلى تراجعها وهجرة سكانها، وأصبحت مقصداً للبدْو لإرواء أنعامهم وإبلهم من مياهها.. ولم تلبث أن دبت الحياة في عمان من جدید عن طريق الشراكسة الفارين بدينهم إليها، فقد أنزلتهم الدولة العثمانية فيها أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، مما أدى إلى نمو هذه القرية الصغيرة الناشئة بين الآثار والأبنية القديمة.
 
ولم يلبث أن وصل إليها الخط الحديدي الحجازي في عام 1903م, وبذلك أصبحت عمان محطة سفر واتصال مع المدينة المنورة جنوباً، ودمشق شمالاً فازدادت أهميتها.
 
منذ عهد الإمارة
 
وفي الثاني من آذار عام 1921م وصل إليها سمو الأمير عبدالله الأول ابن الحسين (جلالة الملك فيما بعد)، واتخذها عاصمة لإمارة شرقي الأردن الناشئة.. وكان هذا حدثاً بارزاً في تاريخ عمان، أدى إلى استمرار النمو فيها، وخلال عصر الإمارة وصلها الكثير من أبناء الأقطار العربية المجاورة واتخذوها مقاماً لهم.
 
وفي عام 1973 قام الحاج محمد علي بدير وشركاؤه بإنارة عمان بالكهرباء, حيث انتقلت العاصمة من العتمة إلى النور.
 
المهاجرون والأنصار
 
ثم يقول: وبعد حرب عام 1948 اضطر كثير من أهل فلسطين نتيجة للمجازر والاعتداءات الصهيونية إلى النزوح من أراضيهم، ووصل كثير منهم إلى عمان، واتخذوها موضع إقامة لهم, وكان بينهم رجال أعمال ومال أنشأوا شركات تجارية ومؤسسات صناعية، فاتسع العمران في عمان, وانتشرت المنازل على سفوح الجبال المحيطة بعمان الأصلية مما أدی الى اتساعها وزيادة عدد سكانها.
 
وبعد حرب عام 1967م، جاءت موجة ثانية من المهاجرین الفلسطينيين فازداد اتساع عمان. وزاد عدد سكانها، وبعد حرب الخليج عام 1991م نزحت موجة ثالثة من الكويت إليها، حيث زاد اتساع عمان وعدد سكانها أيضاً.
 
وبعد اندلاع المعارك والاضطرابات في سوريا بعد العقد الأول من القرن الواحد والعشرین نزحت أعداد كبيرة من الإخوة السوريين إلى عمان طلباً للأمن والأمان.
 
وإضافة إلى هذه الهجرات الخارجية، كان هناك هجرات داخلية إلى عمان من القرى القريبة والبعيدة وذلك بهدف العمل والإقامة في هذه المدينة الحديثة المزدهرة، مما أسهم في اتساعها وازدياد عدد سكانها.
 
أول مجلس بلدي في عمان
 
ويشيرالمؤرخ العرموطي كذلك بقوله: قديماً تأسس أول مجلس بلدي في عمان برئاسة إسماعيل بابوق في عام 1909م، ولم تلبث أن تحولت بلدية عمان إلى أمانة العاصمة، التي تحولت فيما بعد إلى أمانة عمان الكبرى.. وأدی هذا التحول إلى توسع عمان من حيث المساحة توسعاً مذهلاً، وقد عمل رؤساء بلدية عمان وأمناء العاصمة، وأمناء عمان الكبرى على خدمة هذه المدينة.
 
وقد أدت التحولات الاجتماعية والتطورات الاقتصادية في مدينة عمان–الآمنة الوادعة المطمئنة في ایام زمان التي كان أهلها يحب بعضهم بعضاً، ويعطف غنيهم على فقيرهم، والزيارات مستمرة بين الأهل والأرحام والجيران- إلى أن تشابكت الحياة فيها وأصبح الناس مشغولين بأعمالهم.
 
إضافة لا بد منها
 
ويتابع عاشق مدينة عمان العرموطي موضحاً: ليس الهدف من هذه الموسوعة عرض تاريخ عمان القديم أو الوسيط، أو عرض آثار عمان القديمة أو الوسيطة، حيث تم تأليف كتب كثيرة في هذه الموضوعات، وصدرت أبحاث عديدة فيها، فهذا الكتاب ليس تكراراً لهذه المعلومات، ولكنه يراكم عليها ويعتبر إضافة لا بد منها.
 
وتهدف الموسوعة للتأریخ لمدينة عمان من جميع نواحي الحياة منذ ما قبل الهجرات الشركسية، وذلك قبل أكثر من مئة عام بقليل إلى يومنا هذا.
 
وتحتوي الموسوعة على تفصيلات ومعلومات تم الحصول عليها مباشرة من عدد من بناة عمان أو أبناء ذواتها، أو من شخصيات هامة لعبت دوراً في تاريخها، ومن ثم فإن المعلومات والتفصيلات في هذه الموسوعة الشفوية هي معلومات جديدة، أخذت من مصادر قيمة, وذلك بهدف تقديم وثيقة تاريخية هامة تتضمن معلومات غزيرة عن عمان أيام زمان.
 
الذين ساهموا في بناء النهضة
 
فعمان العاصمة الأردنية العزيزة تفخر برجالاتها الأوائل الذين ساهموا في بناء النهضة التي نشهدها في بلدنا المحبوب في شتى النواحي، هؤلاء الرواد الذين عايشوا عهد جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه منذ عام 1921م.
 
وعبدالله الأول ابن الحسين هو أحد قواعد الثورة العربية الكبرى التي قامت عام 1916م من أجل توحيد البلاد العربية وتحريرها من نير الاستعمار والتبعية.
 
وكان الملك الملك عبدالله الأول واخوانه الملك علي والملك فيصل والأمیر زید طيب الله ثراهم رواد الثورة وأبطالها الغر الميامين من آل هاشم.
 
ثم يسرد المؤرخ قائلاً: وكان حظ الأردن الكبير أن یكون الملك عبدالله (الأمیر آنذاك) من نصیب شرقي الأردن الذي قاد بحكمته وحنكته السياسية مسيرة النهضة ووطد الأمن والإستقرار، يعاونه على ذلك الرواد الكبار من شعبه المناضل مثل:
 
((سعيد باشا خير، وسعيد باشا المفتي، والشيخ مثقال الفايز، والشيخ ماجد العدوان، والشيخ رفيفان المجالي، والشيخ كليب الشريدة. والشيخ حمد بن جازي، والشيخ حسين الطراونة، والشيخ عودة أبو تايه، والشيخ نزال العرموطي، والشيخ محمد المنور الحديد، والشيخ سعود القاضي، والشيخ سالم الرقاد، والشيخ موسى النهار المناصير، والشيخ فلاح العابد الدعجة، وصبري باشا الطباع وآخرون كُثر... رحمهم الله)).
 
وهذه الموسوعة محاولة لإحياء ذكرى هؤلاء السادة البررة والتنويه إلى دورهم الوطني في إسناد ودعم جهود الملك المؤسس الباني، ومن الوفاء أن نذكر لهؤلاء الزعماء والقادة دورهم في ترسيخ الأمن والإستقرار والنهضة العمرانية الكبيرة.
 
قيادتنا الهاشمية المجيدة
 
ويشير كذلك الى أن هذه الموسوعة تحكي عن تطور عمان أيام زمان, وكيف انتقلت بهمة هؤلاء البناة من أول درجة في سلم النهضة والحضارة إلى أعلى درجة فيه، وأصبحنا بنعمة الله اخواناً نعتز بقيادتنا الهاشمية المجيدة، فمن عبدالله الأول ابن الحسين المؤسس إلى طلال بن عبدالله إلى الحسين بن طلال طيب الله ثراه إلى عبدالله الثاني أطال الله عمره وأعز ملكه.
 
عشر سنوات مع الموسوعة
 
وينوه الباحث الدؤوب عن حياة عمان عمر العرموطي بقوله: لقد استغرق العمل في إعداد هذه الموسوعة حوالي عشر سنوات من العمل المتواصل والمضني، تركز العمل في المقابلات الشخصية مع عدد كبير من رجالات عمان او أبناء المؤسسين في عمان القديمة وكبار السياسيين وعدد من الفعاليات المؤثرة في العاصمة.. وقد قمت بهذا العمل بجهد شخصي إضافة إلى أنني قد استعنت بعدد من الإخوة والأخوات الأساتذة الأفاضل الذين أثروا هذه الموسوعة بمقالاتهم وتجاربهم وابحاثهم وقد دونت هذه المقالات والأبحاث بأسمائهم فلهم الشكر والتقدير.
 
وقد بادرت قبل سنوات أثناء حفل إشهار الأجزاء الأولى من الموسوعة بتكريم 50 شخصية من البناة الأوائل والشخصيات التي خدمت عمان وأهلها وكان لهذه المبادرة أطيب الأثر عندهم.. وان شاء الله سوف أستمر بهذا النهج.
 
وهذه الموسوعة تحفظ الكثير من القصص والروايات. التي لولا تدوينها لذهبت أدراج الرياح!! وهي تمثل جزءاً هاماً من تاريخ عاصمتنا الحبيبة عمان.. حيث قام العرموطي بمسح جميع مناطق العاصمة، وقابل الكثير من الشخصيات المؤثرة الذين تحدثوا للمؤرخ عن معظم المواضيع الهامة في التاريخ العمَّاني القديم والحديث.
 
لذا فقد حصل الكاتب والمؤرخ العرموطي على الكثير من المعلومات عن عمان, إضافة إلى وضع اللمسات الهامة من التحليل وتمحيص الأمور من خلال شخصيات مؤثرة في مختلف القطاعات، وإبداء رأيه في النقاط الهامة التي تهم الحياة المدنية في مختلف النواحي.
 
عمَّان وأهلها الطيبين
 
هذا ويأتي إصدار هذه الموسوعة الضخمة والواسعة من الباحث المؤرخ العرموطي جاهداً لتحويل هذا المشروع إلى مؤسسة دائمة قابلة للتجديد والاستزادة باسم (موسوعة عمان أيام زمان).
 
حيث يقول: أعتقد بأنني بذلك أخدم عمان الحبيبة وأهلها الطيبين بحفظ الكثير من قصصها ورواياتها وتراثها وأدبها الشعبي من خلال هذا التدوين.. فماذا نقول عن عمان، وعن رجالات عمان، الذين بنوا وأسسوا حتى أصبحوا تاريخاً زاهراً.. فلهم المجد والخلود.