عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Apr-2019

أسئلة الهوية الوطنية والدولة المدنية - د. فيصل غرايبة

الراي - إن بلورة رؤية واقعية لمستقبل الدولة الأردنية تزامناً مع اقتراب وصولها إلى ختام مئويتها الأولى، ووضع الخطوات الأولى والانطلاقة الواثقة نحو المئة الثانية من حياة الدولة تتطلب توافر مساهمة الجميع في وضع خطة استراتيجية واحدة للمعرفة والعلم والتكنولوجيا والابتكار والابداع، تساهم في استثمار الموارد البشرية اقتصادياً واجتماعياً، تكون غايتها استثمار الإنسان الأردني بطاقاته وقدراته لدخول المئوية الثانية بثبات، وافق واسع. فالدولة التي نريد هي دولة القانون والإنتاج والتكافل، تحافظ على كرامة الإنسان وتحسن واقع الخدمات العامة وتطور أنظمة الحماية الاجتماعية، إذ أن بناء دولة القانون يقود إلى دولة الإنتاج، بينما تعتمد القدرة على تحقيق التكافل على الإنتاج وتحقيق الوفر. كما أن وحدة نسيج الشعب الأردني، أحد الركائز الأساسية لمواجهة أية مخططات تصفوية، لذلك لا بد من الوقوف على هوية وطنية واحدة دون تجاهل التحديات ومن أبرزها التركيبة السكانية والأمن القومي والهيكل الاقتصادي والفساد والبطالة ومخرجات التعليم، وما الأوراق الملكية النقاشية، إلا دعوة جلية للجميع وطرح فكري أمامهم ليهتدوا به نحو بناء وطني يبدأ بإطلاق حوار فكري من أجل تعزيز الديمقراطية وتجذيرها.

ولا يغربن عن بالنا أن «المواطنة» تقوم على أربعة أركان، الركن الأول هو المساواة في الحقوق والواجبات، وأمام القانون وبدون أي تمييز بين المواطنين، والركن الثاني هو الحرية باعتبارها ضمانة للحقوق الديمقراطية السياسية، أما الركن الثالث فهو الهوية الوطنية التي تحافظ على المساواة والحرية واحترام حقوق الأغلبية وحقوق الأقلية، وأما الركن الرابع فهو العدالة التي تنشر التنمية المستدامة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتستند إلى الحريات والحقوق المدنية والسياسية.
يضاف الى ذلك ان الشخصية الوطنية الأردنية شخصية عروبية ديمقراطية متمسكة باهداف الدين، تحب الحرية وتعتز بالكرامة وتحافظ على الأمان وتفخر بالأنجاز ويصدر عنها الأبداع، بينما ترسي المواطنة الحقوق وتؤكد الالتزام بالواجبات التي تشكل التعبير الحقيقي عن الوطنية.
وقد حافظت هذه القناعة في المحافظة على بقاء الدولة واستقرار النظام وتحقيق المصالح الوطنية وممارسة دور أقليمي لخدمة القضايا العربية، فكان الاردن بوابة للعرب وساحة للدفاع عن القضايا العربية، وما زال صامدا في قضاياه وقضايا امته، وليس اولها الوصاية الهاشمية على القدس الشريف، في الوقت الذي يكرس فيه هذا البلد الذي نشأ على فكر النهضة العربية الكبرى سيادة القانون والوحدة الوطنية والوعي المستنير باحتياجات هذا البلد والدعوة لمزيد من التضامن والتكامل بين العرب. إلا أن الأردن يواجه جملة من التحديات تبعاً لتطورات القضية الفلسطينية ومن بينها السياسة الأميركية المنحازة للكيان الصهيوني، والتي تستهدف تصفية
القضية الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في إقامة دولته الوطنية على أرضه مع ما يتبع هذه السياسة المتحيزة من تبعات سالبة على هذا البلد العزيز.
المطلوب في هذه المرحلة هو حماية الدولة الوطنية من ارتدادات المشاريع السياسية الاستعمارية في المنطقة، هذه الدولة التي تحافظ على توازن معادلة توافقية داخلية، تواجه من خلالها مختلف التحديات، الأمر الذي يتطلب توحيد الجهود، لتصب في هذا الاتجاه.