عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jun-2020

مشهد الشهور المقبلة؟ - جميل النمري

 

الدستور- لن يكون هناك لحظة أو خط فاصل بين ما قبل وما بعد، بين وجود الوباء واختفائه، بين الاجراءات الاستثنائية والعودة الكاملة عنها. الحكومة بدأت برنامج إنهاء الحظر وفتح القطاعات وهي من حين لآخر تعدل القرارات ويحدث حولها بلبلة وخلافات. لكن بالإجمال تعود معظم القطاعات للعمل، وهناك المزيد للايام القادمة ضمن شروط وتعليمات ينبغي التقيد بها. وقد يكون آخر القرارات الغاء القيود نهائيا على حركة السيارات. لكن الحياة لن تعود تماما الى ما كانت عليه قبل الوباء.
 
عودة بعض القطاعات كالنقل الجوي للركاب لا يعتمد علينا وحدنا وسيمر بمخاض معقد، وبعض القطاعات المستثناة حتى اليوم كالمطاعم والمقاهي ومرافق الترفيه وحفلات المناسبات قد لا تعود تماما كما كانت من قبل؟! نحن لا نعرف بالضبط مسار الوباء وننتظر سلوكه في الصيف فهناك انحسار في دول لكنه يتمدد في أخرى ويقول بعض العلماء ان الفيروس لن يختفي وسيظلّ موجودا معنا مثل فيروسات الانفلونزا، ويجب انتظار عام على الأقل ومعرفة أثر اللقاحات لوضع الفيروس في اطار محدد. وقد يذهب العالم الى سياسة التكيف مع إجراءات دائمة للتباعد وتطبيق الاحتياطات. ولننظر مثلا الى القيود والاجراءات التي فرضت نفسها مع بروز ظاهرة الارهاب وتستمر بصورة دائمة في المطارات والفنادق وغيرها وأصبحت جزءا من الحياة العامة في كل مكان.
 
لا نقدر على التنبؤ بشكل الحياة للشهور المقبلة بأكثر من القول ان الحياة لن تعود تماما وكليا الى ما كانت عليه قبل الوباء. وبالتبعية فإن الاقتصاد لن يعود تماما الى ما كان عليه، وهناك كلفة مستمرة لذلك فوق الكلفة التي ترتبت على فترة الغلق. كلفة ثقيلة على الناس والأعمال والموازنة، ولذلك فإن تعبير» التعافي» قد لا يكون دقيقا لوصف المرحلة المقبلة  وأكثر دقة القول بالتكيف. لكن كيف؟!
 
لقد حظي أداء الحكومة الحازم لمحاصرة الوباء بالاجماع والثناء لكن هذا كان العمل الأسهل، والأصعب يأتي الآن وفي الأيام المقبلة لمعالجة الآثار الناجمة عن الاغلاق وحساب الكلف ودفع الثمن وتوزيع الاعباء وقد نشب الخلاف مباشرة مع أول القرارات بهذا الشأن  وهي حاولت بصورة ما تقسيم العبء ما بين الخزينة والضمان والعاملين وأرباب العمل لكن التعليمات الأخيرة خصت العاملين والموظفين في القطاع الخاص حيث ستنخفض رواتب كثيرين الى جانب فقدان آخرين لوظائفهم والمشكلة لن تقتصر على شهري ايار وحزيران فالمعاناة سوف تستمر. ومن المتوقع أن نجد أنفسنا في الفترة المقبلة وسط نزاع وتوترات  اجتماعية – طبقية حادة.
 
حتى الساعة لا يبدو لي أن الحكومة قد بلورت خطة ورؤية مقنعة للشهور المقبلة. ولا نلومها كثيرا فالمهمة صعبة وهي محل اجتهادات نظرية متباينة. لكن لا نبرر للحكومة ابدا استمرار التعامل بالقطعة وتغييب الشراكة والحوار اللازم لاستقراء الموقف والخروج برؤية للمستقبل تنضبط اليها إجراءات الحاضر.