عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Aug-2019

30 آذار 2018 یوم استثنائي - الون مزراحي
ھآرتس
 
30 آذار 2018 لم یكن یوما اسرائیلیا استثنائیا في التاریخ الجغرافي لھذا المكان. معظم الیھود في
اسرائیل لن یتذكروا بأنھ حدث شيء ما استثنائي في ذاك الیوم. بدون صلة بالذاكرة أو غیابھا، ھذا
الیوم یدلل، وربما افضل من أي یوم آخر، على أنھ یوجد شيء ما في ھذا المكان یقتل روح الاشخاص الذین یعیشون فیھ ویحولھم الى روبوتات لھا وعي مقلص وخاضع، وعي یتم تحدید آفاقھ حسب المصالح السیاسیة السائدة.
في ذاك الیوم بدأت مسیرات العودة في قطاع غزة باطارھا الجدید: عشرات آلاف الفلسطینیین الذین
اقتربوا من الجدار في احتجاج تاریخي على المظالم التي ارتكبتھا الصھیونیة ضدھم، بدء من النكبة
وحتى الوقت الحالي. یمكن الافتراض أنھ بین المتظاھرین كان ھناك اشخاص من نشطاء حماس،
لكن لم یتم اطلاق أي رصاصة من غزة على القوات الاسرائیلیة، ولم یصب أي جندي اثناء نشاط
المتظاھرین الفلسطینیین. رغم الطابع غیر العنیف الواضح للاحتجاج الغزي، فان الجیش رد بعنف
شدید جدا – مئات الفلسطینیین أصیبوا باطلاق النار وتم احصاء 16 قتیلا في الطرف الفلسطیني.
المظاھرات على حدود القطاع استمرت. وبعد شھر ونصف، في 16 نیسان، قتل 61 فلسطینیا
واصیب أكثر من ألف شخص. خلال فترة المظاھرات العاصفة استخدم الجیش القبضة الحدیدیة
واصبع خفیفة على الزناد: 187 فلسطینیا قتلوا حتى الآن في ھذه المظاھرات، والآلاف اصیبوا
نتیجة اطلاق النار الحیة من قبل جنودنا. لذلك، یجب عدم الدھشة: اسرائیل تتعامل مع الحیاة
والكرامة والممتلكات الفلسطینیة باستخفاف، وبغطرسة شعب من السادة، منذ سنوات كثیرة. قتل
الفلسطینیین لا یعني كثیرا للاسرائیلیین.
لكن الامر المفاجئ والمسلي الذي حدث في 30 آذار 2018 ھو أنھ نتیجة لإطلاق النار بھذا القدر
الكبیر على الناس لم یقم أي ضابط اسرائیل بترك الجیش احتجاجا على ذلك، ولم یترك أي جندي
قناص وظیفتھ. في كل الجیش الاسرائیلي، وھو المنظمة التي تشمل مئات آلاف الاشخاص، لم یكن
ھناك أي شخص قال ”أنا لم أعد أحتمل اطلاق النار الجماعي على متظاھرین غیر مسلحین“.
الغیاب المطلق للمعارضة كان مخیبا للآمال لیس أقل من ذلك وربما أكثر، من استعداد الكثیرین
للقیام بالفعل بأعمال وحشیة وقاتلة كھذه. احد الاشخاص القلائل، ربما شخصین، عمید منفرد لو أنھ
قام وانسحب بألم لكان سینقذ أرواحنا، لكن لم یتم العثور على أي شخص كھذا.
اسرائیل ھي دولة الالتزام الرسمي الدائم الذي فیھ لا یوجد أي شخص ولا في أي مرة لا یقوم ضد
النظام أو یتنازل عن موقع قوة، وعن مزایاه باسم موقف ضمیري. علینا أن نذكر أنھ كانت ھناك ایام مختلفة: في حرب لبنان أكثر من ضابط رفضوا القیام بالمھمات. والمشھور من بینھم ھو ایلي غیفع، قائد لواء 211 في المدرعات، الذي رفض الدخول الى بیروت وقال لرئیس الاركان في حینھ إن ”الدخول الى بیروت ھو قتل لعائلات“. في اسرائیل الحالیة مكبس الوعي للصھیونیة، اللیكود والمستوطنین والحاخامات، ثقیل ومنغلق جدا الى درجة أنھ لا یوجد بیننا اشخاص سیرفضون المس بالأبریاء. نفس الصمت الخانق ھو الروح الاسرائیلیة في ایامنا – ایام موت الروح الفردیة، لذلك ایضا موت الاخلاق. نفس الصمت یرافق الدوائر التي تحافظ على عائلة نتنیاھو وتخضع لكل نزواتھا رغم أن ادانة افعالھا مفھومة ومعروفة لھم جیدا.
نفس الصمت ایضا رافق الشباب في قبرص، الذین لم یظھر أحد منھم الندم أو دعا اصدقاءه للتوقف
اثناء الفعل. جمیعھم حتى آخر واحد منھم ذھبوا الى الجرف واجتازوه. الاساس ھو عدم كسر الصف والمبنى. أحد الامور التي یحب الاسرائیلیون أن یعتقدوھا عن انفسھم ھو أنھم وقحون وشجعان وكاسرون للاطر والقوانین. عندما ینظرون اكثر قلیلا في العمق وباستقامة اكثر قلیلا في اللحظات والمسائل الحقیقیة التي یتم فیھا فحص البشر، یكتشفون أن اسرائیل ھي مجتمع یلتزم جدا بالخط الرسمي الى درجة مخیفة وجماعیة مثل أسوأ الدیكتاتوریات