عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Apr-2021

الشعب الفلسطيني*عبدالهادي راجي المجالي

 الراي

...حين تقرأ الثورة الفلسطينية, وترى حجم الدم فيها تُذهل...
 
الثورة لها أطراف, كانت الجبهة الشعبية تمثل طرفا والديمقراطية طرفا آخر وعنوانا لليسار الفلسطيني.. فتح الحركة الأم, حماس وما إلى ذلك من فصائل...
 
كم دفعت الثورة من دم؟ في كتابها أول ما يبرز الشهداء, أبو يوسف النجار, كمال عدوان.. أحمد ياسين, أبو جهاد.. أبو علي مصطفى, ياسر عرفات, سعد صايل.. ميشيل النمري..الخ لكن الشعب الفلسطيني بعد كل شهيد لم يكن يسمح بالإنقسام, كان يجدد التلاحم.. ويبث الثورة من جديد في أوردته..
 
كل هؤلاء الشهداء حين تقرأ تاريخهم, لن تجد واحدا منهم قال انا ابن قباطيا أو ابن نابلس او ابن غزة أو ابن ابوي, كل خطابهم كان يرتكز على جملة واحدة: (انا ابن فلسطين).. لأن الوطن كان هو الأساس والقضية هي المسار, وحتى غسان كنفاني الذي قاتل بالقلم وبالرواية والمقال.. لم يتحدث يوما عن أصله أو فصله أو عشيرته, كانت فلسطين هي العنوان وهي الرسالة.. ودفع دمه ثمنا.
 
أحمد ياسين كان ابن لاجئ, ولكنه أمام الله سيكون سيد الشهداء وأعظمهم.. وابو على مصطفى الذي اغتيل بصاروخ كان ابن فلاح.. ولم يكن من السادة النجب, ودلال المغربي قائدة عملية (الشاطئ)..كانت بنت لاجئ فلسطيني, وبنت الصفيح والمخيم.. وأبو جهاد كان لاجئا من الرملة, خرج منها حافي القدمين.. ولكنه عاد إلى إسرائيل وأوجعها وأذاق جنودها اللوعة والألم والنزف..
 
سعد صايل (مارشال بيروت), استشهد وهو يخطط للمعركة ويضع على الطاولة بندقيته.. ويعرف أن الموت يحيط به, ولكن فلسطين لاتترك.. والموت في لحظة يواجهه الرجال فقط..
 
كل هؤلاء الذين قتلتهم إسرائيل, لم أسمع واحدا منهم يتحدث عن محافظته, لم اسمع واحدا منهم يقرأ بيانات القبيلة, لم اسمع واحدا منهم.. يحمل عباءة الوالد أو يناكف اخر باسم الأب أو تاريخ الوالد.. كلهم كانوا من اللاجئين, وكلهم أصبحوا نجوما في سماء الأمة.. لأنهم استشهدوا دفاعا عن وطن وقضية..
 
الفلسطينيون لم يتعاملوا يوما مع أحمد ياسين على أنه شهيد حماس بل هو شهيد قضية, وشهيد المبادئ.. وشهيد أمة, وأبو جهاد في أبجديات حماس هو شهيد المقاومة والمخطط العسكري الفذ والذي رفض أن تنخفض البندقية.. الشعب الفلسطيني أكثر شعب أنتج حركات مقاومة وأنتج شهداء, لكنه لم ينقسم.. لم يغير بوصلته يوما, حتى بالرغم من الإحتلال والتنكيل والنفي والتشريد.. لم أسمع فلسطينيا واحد يقول أنا ابن فلان, كانوا يقولون فقط أنا ابن فلسطين وابن القضية.
 
أليست تلك صورة تحتاج لأن تقرأ جيدا.. حتى نعرف مواصفات القائد الإجتماعي.. حتى نعرف معنى الإنحياز للتاريخ, وحتى نفهم مع من نتحالف.. وكيف نؤسس مساراتنا.