عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Nov-2019

الغيرة الدراسية.. تحفيز من الأهل أم استعداد شخصي لدى الطالب؟

  

ربى الرياحي
 
عمان –الغد-  تختلف درجة الغيرة الدراسية من طالب لآخر، لكنها تبقى حالة صحية إيجابية إن تم التعامل معها بالأسس السليمة، فهناك من يعتبر أن وجودها لدى الطالب يرتبط ارتباطا وثيقا بتحفيز الأهل وتشجيعهم، بينما يرى البعض الآخر أن الشعور بالغيرة استعداد شخصي، بحيث يكون هناك اندفاع وحماس نحو تحقيق الأهداف والسعي وراء طموحات تتطلب مزيدا من التفوق والمثابرة والاجتهاد.
وتبقى الغيرة شعورا طبيعيا ومحببا ما دامت الغاية هي التقدم والنجاح، بعيدا عن الإيذاء والتقليل من شأن الآخر لمجرد أن لديه روح المنافسة والتحدي.
أم أنس تشعر بالاستغراب لكون ابنها يفتقد لمشاعر الغيرة، وخاصة في الدراسة، الأمر الذي جعلها تلجأ إلى مديرة المدرسة متسائلة عن سبب ذلك. تقول إن رغبتها الشديدة في أن يكون ابنها متفوقا ومن الأوائل أثارت في داخلها الكثير من التساؤلات رغم أنها حاولت تحفيزه بشتى الوسائل، معتقدة أن هناك أسبابا جوهرية تمنع ابنها من تحصيل أعلى العلامات، لذا وجدت أن سبيلها الوحيد للوصول إلى حل يرضيها هو التحدث مع المديرة والمعلمات.
وتبين أن إدراك الأهل لحقيقة أن لكل طالب قدراته الخاصة التي تختلف عن الآخر يساعد كثيرا على تقبل الفروقات، وبالتالي يصبح الابتعاد عن المقارنة قرارا لا بد منه، لافتة إلى أن أسلوب المعلمة داخل الغرفة الصفية قد يكون له دور مهم في تشجيع الطلبة وغرس روح المنافسة بينهم، بالإضافة إلى استعداد الطالب نفسيا لأن يتقدم ويتفوق.
أما هبة جمال التي تحرص دائما على أن تكون الأولى فتتملكها غيرة شديدة تجعلها خائفة طوال الوقت من أن يسبقها أحد ويحصل على علامة أعلى منها. هي ولأنها ترفض أن تكون طالبة عادية تسعى باستمرار لأن تتفوق وتكون عند ظن معلميها بها.
إحساسها بأنها متميزة وبأن على عاتقها مسؤولية إسعاد أهلها سببان يجعلانها تدخل في حالة بكاء وانهيار كلما حصلت على علامة أقل من المعتاد، غيرتها على نجاحها وعلى الجهد الذي تبذله في سبيل أن تتطور وتكون أفضل من غيرها في المقدمة هي مشاعر نابعة من داخلها تحفزها على استغلال كل طاقتها من أجل أن تحافظ على لذة الانتصار والفخر تلك التي تعيشها في كل مرة تحصل فيها على التكريم.
الأخصائي النفسي الدكتور موسى مطارنة، يرى أن أساس التفوق الدراسي هو وجود روح المنافسة لدى الطالب، ويتحقق ذلك تحديدا إذا كان هناك استعداد شخصي أثناء التنشئة، بالإضافة إلى دور الأهل والمدرسة في تحفيز الطالب وتمكينه من أن يستغل كل قدراته حتى يتميز أكاديميا.
ويوضح أن القدرة النمائية وطريقة التدريس أمران يساعدان على حل الكثير من المشكلات التي تواجه الطلبة وتكون عائقا في طريق تقدمهم وتطورهم، مبينا أن هناك تأثيرات سلبية تتسبب في إحباط الطالب وانعدام الدافعية لديه، أهمها الضغط المستمر عليه واتهامه بالفشل واستخدام أسلوب المقارنة، وتلك كلها طرق سلبية يلجأ إليها الأهل والمعلم أحيانا كمحاولة لتحفيزه لكن النتيجة تكون عكسية تماما. لذا لا بد من تنمية إمكاناته العقلية والتعامل مع الطالب كل حسب قدراته وإعطائه المساحة الكافية لأن يعبر عن نفسه وطموحه بالطريقة التي تناسبه.
الأخصائي التربوي الأسري الدكتور عايش نوايسة، يبين أن الغيرة شعور طبيعي بين الطلبة في المرحلة الأولى من الدراسة؛ حيث تنمو حاسة الإدراك الاجتماعي لديهم، ومعها تبدأ المقارنات بينهم وبين زملائهم. وهنا تكون الغيرة في المجال الإيجابي الذي يسهم في تحفيز الطلبة للتعلم وتحقيق مستويات متقدمة تتوافق مع توقعات المعلمين والأهل منهم، وخاصة عندما تتحول الغيرة إلى مجال النمذجة، بحيث يصبح الطالب المتفوق نموذجا لزملائه للاقتداء به فتكون هنا الغيرة إيجابية تحسن من تعلم الطلبة وسلوكهم وتوجههم الوجهة السليمة.
ويلفت نوايسة إلى أن أسباب الغيرة متعددة وإن كان التفوق الدراسي هو السبب الأبرز لا يقدر بعض الطلبة لقلة خبرتهم في الحياة وأنانيتهم أحيانا روح المنافسة ولا يدركون أن الاجتهاد في الدراسة هو الأجدر بالاتباع، ما يتسبب في مشكلات تفقد بعضهم القدرة على مواصلة الدراسة بالقدر المطلوب من التركيز خاصة مع فقدانهم الثقة بالذات. وهناك فرق كبير بين الغيرة والحسد؛ إذ إن الشعور بالحسد يختلف كليا عن الغيرة، ويؤدي بالطالب أحيانا إلى التقليل من تقديره لذاته ويقف في طريق تكوينه للصداقات السوية، خاصة إذا شعر بأنه أقل من زملائه.