عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Nov-2020

ميجارا ترمب وبركانه*رمزي الغزوي

 الدستور

في موروثنا الشعبي يقولون للغاضب المتقادح شرراً: طارد�'. أي أن يركض ملاحقاً ظله في ميدان واسع؛ حتى تبرد جمراته ويعود إلى رشده. ولربما أن الرئيس دونالد ترمب الغاضب لخسارته رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية على معرفة بهذا التكتيك العظيم، وإلا لما حمل الميجارا (عصا الغولف) وراح يطارد كرة صغيرة بيضاء في ميدان أخضر شاسع؛ علّ براكينه تخمد أو تهدأ.
في طفولتنا كان يضاعف بهجة الفوز لدينا غضب الخصم من الخسارة. وكنا نعده فوزاً آخر لنا. ولهذا فكثيرا ما افتعلنا مناكفات خبيثة كي تبقي جمرات غضب الخصم ملتاعة حراقة ملتهبة. وفي المقابل كنا لا نشعر بلذة فوز لا يبالي فيه الخصم بالخسارة، أو يقابلنا فيه ببسمة واسعة. ولربما أن ترمب لا يعرف تكتيك أن يبتسم؛ كي يفقد خصمه بريق فرحته.  
لكن على ما يبدو، أن في حالة ترمب هذه ثمة ما هو أوجع من خسارة لعبة أو مباراة: أن تشعر أنك فقدت منصبا بحجم البيت الأبيض، وأنك ستعود مواطنا عاديا لا آمراً ولا ناهيا، بلا صولجان أو تيجان. وغضب الرئيس هذا وحمم براكينه يجعلنا نتخيل فيما لو كان رئيسا لدولة من دول العالم الثالث. فلربما أصبح دكتاتورا دموياً متشبثا بالكرسي وهيلمانه حتى التابوت وأبعد.
منذ أن كنت في السابعة من عمري وأنا أتابع أخبار الرؤوساء الأمريكيين المتعاقبين على هذا البيت من جيمي كارتر حتى جو بايدن اليوم. وهذا ما جعلني ويجعلني أكبر وأقدر هذه الديمقراطية التي ترفع الواحد ليكون رئيسا ثم تعيده مواطنا دون أية امتيازات.
ولو استعرضنا كل الدماء التي أريقت في الدول المنكوبة بويلاتها لوجدنا أنها كانت بسبب تشبث هؤلاء الرؤوساء بكرسيهم حتى خربت بلدانهم، وتفاقمت مشاكلها، وأشتعلت فيها الحروب والكروب. حتى أننا سنجد فيها أميناً عاما لحزب يطالب بتداول السلطة وهو في منصبه منذ أن تأسس حزبه، أو رئيسا لنادٍ رياضي مكث في منصبه نصف قرن، أو رئيسا لمنتدى ثقافي تشبث به ربع قرن أو أكثر.
السلطة غالية محبوبة مرغوبة في النفس البشرية، والفطام منها صعب وقاس ومؤلم. ومع هذا أتوقع أن الرئيس ترمب سيرضخ في النهاية، شاء أم أبى، فلا خيار آخر لديه. ففي قوانينهم ثمة ما يشير إلى أن على حرس البيت الأبيض أن يخرجوا الرئيس المنتهية ولايته بالقوة؛ إذا تعنت بالخروج. فمرحى للديمقراطية الحقيقية صانعة الازدهار.