عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Nov-2019

كف عن العويل - ناحوم برنياع

 

يديعوت أحرونوت
 
نتنياهو لم يولد مجرما. كما لا يمكن أن يقال عنه انه اختار الاجرام كطريق حياة. لقد تورط. لوائح الاتهام التي نشرت أمس تشرح في ما تورط، ماذا أعطى، ماذا أخذ وما طلب أن يأخذ، ولكنها تمتنع عن الدخول إلى مسألة ما الذي شوش فكره. السؤال ربما لن يقف في مركز الجدال القضائي، ولكن يوجد له مكان مهم في الجدال الجماهيري. نتنياهو هو رجل فهيم؛ هو حذر، مجرب، منصت لكل تهديد، حقيقيا كان ام وهميا.
كيف حصل أن رجلا كهذا يقيم خط توريد لمنتجات ترف بمئات آلاف الشواكل على حساب رجلي أعمال اجنبيين؟ كيف يحصل ان مثل هذا الرجل يدير مفاوضات سرية مع عدو روحه على الدفع إلى الأمام بمشروع قانون مقابل تغطية إعلامية ايجابية في صحيفة؟ في الملف الأخطر، كيف يحصل أن مثل هذا الرجل يرتب خيرات متاع بقيمة قرابة مليار شيكل لرجل أعمال محلي، مقابل تكريس موقع اخباري لنزواته ونزوات ابنه وزوجته؟
الجواب لا يكمن في الذكاء. هو يكمن في الطبع: نتنياهو تشوش. في حالته، غرور الحاكم التقى بعقلية الضحية. وكان اللقاء فتاكا. ولد كلمتين محظور ان تكونا في قاموس رئيس وزراء: استحق. استحق لاني قاتلت؛ استحق لاني اصبت؛ استحق لاني اعمل بكد؛ استحق لاني نجحت في مناصبي؛ استحق لان لي عائلة مظلومة؛ اكلو لي؛ شربوا لي؛ حاكوا لي. هذه الرسالة مرت كالخيط الثاني في خطاب العويل الذي القاه امس من البيت في بلفور.
أردت أن آخذ نتنياهو من الغرفة الزرقاء البيضاء التي صمموها له من منصة الخطابة ومن الميكروفون، وان اقول له بهدوء: لا تستحق شيئا. قل شكرا على الفرصة التي منحت لك للوقوف على رأس احدى الدول الهامة في العالم، دولة اليهود؛ قل شكرا على القوة الهائلة التي اعطيت لك، على الفرصة التي اعطيت لك للتأثير على مصير الملايين، وليس فقط لكتابة التاريخ مثل ابيك بل لصنع التاريخ.
ثمة في هذه الدولة مئات الآلاف الذي قاتلوا واصيبوا واعطوا، وفقط لك اعطي الحق لقيادتهم. اعطيهم الاحترام الذي يستحقونه. وكن رجلا: كف عن العويل. كل مرة يصف فيها زعيم دولتي نفسه كضحية اخجل. كل مرة يصفني فيها زعيم دولتين ويصف اصدقائي وقرائي كضحايا اخجل. آباؤنا لم يقيموا هذه الدولة كي يكونوا فيها ضحايا.
السؤال فيما إذا كانت الأفعال المنسوبة لنتنياهو في لائحة الاتهام تتجاوز الحافة الجنائية يجب أن يحسم في المحكمة. هناك مكانه. ولكن تكفي تلك الافعال كي تبقي بظلال ثقيلة على استمرار ولاية نتنياهو كرئيس وزراء. الحكم يفسد، قال اللورد أكتون. الحكم الطويل جدا يفسد باضعاف. نظراء نتنياهو في قيادة الليكود وفي كتلة اليمين يعرفون هذا. ولكنهم يخافون فقط ان يقولوا ذلك علنا.
ظل ثقيل ملقي ايضا على موني موزيس، المتهم بعرض رشوة في ملف 2000. موزيس مقتنع بان في نهاية عملية المحاكمة سيخرج بريئا، وانا اتمنى له من كل القلب ان يكون كذلك. ولكن للقرار برفع لائحة اتهام نتائج خاصة به. على موزيس ان يقصي نفسه من اليوم عن كل انشغال في مواضيع المضمون في “يديعوت احرونوت”، “واي نت” ومنتجات صحفية اخرى من بيت الصحيفة. “يديعوت احرونوت” هي صحيفة حرة: كانت كذلك حتى عندما عرض نتنياهو وموزيس الواحد للاخر عروضا مشينة. ولكن الحرية لا ينبغي فقط أن تتم – بل وان ترى.
عودة الى نتنياهو: بعض من انتقاده على النيابة العامة ليس بلا اساس. النيابة العامة ليست نقية من الاخطاء. فقد وقعت على مدى السنين غير مرة بخطيئة الغرور، رفض قبول النقد، الشرانية، الاهمال، التسامح تجاه مخالفات رجالها. المشكلة في انتقاد نتنياهو أنه يتركز كله على الظلم الذي يزعم انه احيق به، بعائلته وبمقربيه. الأشخاص الذين يشكون منهم في الشرطة وفي النيابة العامة، هو الذي عينهم. وهو لا يمكنه ان ينزل باللائمة الا على نفسه. والاساس، مثلما قال قاصوا الاثر (الكوميديون)، تشرنوحه تجاوزت وانت تجاوزت ايضا. تعلم من ايهود اولمرت، الذي انتقد بشدة النيابة العامة ولكنه دفع دينه للمجتمع بكرامة وبظهر منتصر. ان جملة “التحقيق مع المحققين” تنز رائحة انظمة ظلامة. وحدة التحقيق مع الشرطة يجب أن تحقق مع المحققين، وليس المتهمين.
وملاحظة أخيرة: خطاب نتنياهو جاء لتحريض مؤيديه للخروج الى الشوارع، للتظاهر، للانقضاض على المبنى في شارع صلاح الدين. قد أكون متفائلا جدا ولكني اعتقد بان هذا سيحصل. سينقضون على شاي نيتسان في فيسبوك وسيشتمون مندلبليت على التويتر. في عاصفة الإنترنت يمكن للديمقراطية الإسرائيلية ان تصمد.