عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Nov-2021

لماذا نجحت الديمقراطية في أوروبا الشرقية؟*احمد ذيبان

 الراي 

ثمة سؤال لا بد أنه يخطر ببال السياسيين والمراقبين، لماذا نجحت الانتفاضات الشعبية واستقرت الديمقراطية وتحققت إنجازات اقتصادية لافتة، في دول أوروبا الشرقية والجمهوريات الأخرى التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي مثل أوكرانيا، بعد انهياره، فيما فشلت وتعثرت ثورات الربيع العربي؟ ليس هناك وصفة واحدة يتم استنساخها، ولا يجوز افتراض أن تجارب تلك الدول يمكن نقلها حرفيا إلى البلاد العربية، بسبب التباين الكبير في الموروث الاجتماعي والثقافي ومستوى التعليم، فضلا عن المتغيرات والاضطرابات السياسية التي شهدها العالم العربي خلال القرن العشرين، التي كرست عوامل التخلف السياسي والاقتصادي والتعليمي.
 
استقرت العملية السياسية في تلك الدول وفق مبدأ التعددية، وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع، ونشأت بسرعة أحزاب سياسية فاعلة، بعد أن كانت تلك الدول تخضع لسلطة الحزب الواحد الشمولية، لكن حدث العكس في العالم العربي، حيث تعثرت التجارب الديمقراطية، وتم الإطاحة بثورات الربيع العربي، والانقلاب عليها من قبل مؤسسات الدولة العميقة، وتم إشعال حروب أهلية تغذيها تدخلات خارجية، لا تزال تلتهم أرواح ومقدرات وأحلام الشعوب في العديد من الأقطار العربية.
 
ورغم أن مستويات المعيشة كانت متواضعة في ظل الأنظمة الاشتراكية، التي حكمت في العديد من البلدان الأوروبية الشرقية، لكنها بالمقابل ركزت على تطوير التعليم وتحسين قدرات المواطنين المهنية، وبفضل هذه السياسات أصبحت تملك ثروة بشرية مهمة، سهلت عملية التحول الاقتصادي والسياسي.
 
ولا بد من التأكيد على أن الولايات المتحدة الاميركية وحلفاءها في دول الغرب، كانت معنية بدرجة أساسية، بتسجيل «هدف تاريخي» بحسم الحرب الباردة لصالحها، من خلال تفكيك الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية «أوروبا الشرقية»، التي كانت تهيمن عليها موسكو سياسيا، فيما كان الإطار العسكري يتمثل بـ"حلف وارسو».
 
وعليه فقد قدمت واشنطن وحلفاؤها دعما سياسيا ودبلوماسيا كبيرا، لقوى المعارضة وحركات التمرد على هيمنة الكرملين، التي انطلقت في العديد من تلك الدول، بعد أن بدأت مؤشرات الترهل والضعف واضحة على الاتحاد السوفييتي، وبلغت ذروتها خلال ولاية غورباتشوف، وبدأت تلك المنظومة تتساقط مثل «أحجار الدومينو» الواحدة تلو الأخرى! كما قدمت أميركا ودول أوروبا الغربية، خاصة الأكثر غنى ونفوذا مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، مساعدات مالية واقتصاديا وعسكرية وأمنية هائلة، تقدر بمئات المليارات من الدولارات لدول أوروبا الشرقية التي خرجت على سلطة «الأخ الأكبر» في موسكو! لجذبها باتجاه المعسكر الغربي، وبالفعل تم ضمها بسرعة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي.
 
مقابل ذلك فإن واشنطن وحليفاتها الغربية، رغم ما ترفعه من شعارات عن الديمقراطية وحقوق الانسان، لكنها لم تدعم عمليات التحول الديمقراطي في البلاد العربية، وكانت دائما معنية بدعم الديكتاتوريات لسببين أساسيين: أولهما، الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والمالية الهائلة في العالم العربي، وثانيا لضمان أمن الكيان الصهيوني!