عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Sep-2025

التقويم المدرسي.. هل يواكب متطلبات التعلم الحديث؟

 الغد- آلاء مظهر

 في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع التعليم عالميا، وتغير خريطة المهارات المطلوبة، تزداد الحاجة إلى إعادة النظر في آليات تقويم الطلبة، التي لم تعد تقتصر على قياس التحصيل المعرفي، بل باتت مطالبة بمواكبة متطلبات التعلم الحديث، وتنمية المهارات المستقبلية.
 
 
وجاءت رسالة وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة، في مستهل العام الدراسي الحالي، لتؤكد هذا التوجه بقوله" إن تسارع الأحداث، وتغيير خريطة المهارات المطلوبة عالميًا، يضع أمامنا مسؤوليات جسام، تتطلب المضي قدما في تطوير المحتوى التعليمي، وطريقة تقديمه، وآلية تقويمه، لذلك تبذل الوزارة كل ما في وسعها لتهيئة بيئة تعليمية ملائمة، وآمنة، وشاملة، تراعي التنوع، وتضمن العدالة في الوصول إلى التعليم النوعي".
هذا التوجه الرسمي ينسجم مع ما يطرحه خبراء التربية، الذين يرون أن تطوير منظومة التقويم لم يعد خيارًا تربويًا، بل ضرورة ملحّة تفرضها طبيعة التحولات في أنماط التعليم ومخرجاته،لافتين إلى أن على التقويم الحديث أن يركز على التفكير النقدي، والابتكار، والعمل الجماعي، بدلاً من الاقتصار على الحفظ والاسترجاع، ليصبح أداة فاعلة في تعزيز التعلم، لا مجرد وسيلة للقياس.
وأشاروا في أحاديثهم المنفصلة لـ"الغد"، إلى أن التقويم الفاعل لا يكتفي برصد الأداء، بل يسهم في توجيه العملية التعليمية نحو تنمية القدرات، وتحفيز الطلبة على التفاعل مع المعرفة بطرق أكثر عمقًا ومرونة.
 
ضرورة التقويم
وفي هذا السياق، أكد وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي، أن تطوير آليات تقويم الطلبة يعد ضرورة تربوية ملحة في ظل التحولات المتسارعة في أنماط التعليم ومخرجاته، لافتا إلى أن ما تطرق إليه وزير التربية والتعليم أمر في غاية الأهمية وخطوة إيجابية كون تطوير آليات التقويم يمثل ركيزة أساسية لضمان جودة التعليم.
وأوضح السعودي أن التقويم لم يعد مجرد وسيلة لقياس التحصيل الدراسي، بل أصبح أداة إستراتيجية لفهم احتياجات الطلبة، وتوجيه العملية التعليمية نحو تنمية القدرات والمهارات الفكرية والوجدانية والسلوكية وتحفيز الطلبة على التفاعل مع المعرفة بطرق أكثر عمقا ومرونة.
وقال إن تحديث أدوات التقويم لتشمل التقييم التكويني، والمشاريع التطبيقية، يسهم في تعزيز التعلم النشط، ويمنح الطلبة فرصة للتعبير عن قدراتهم بطرق متعددة تتجاوز الامتحانات التقليدية، كما يتيح للمعلمين رؤية أكثر شمولية لأداء الطلبة، ما يساعد في اتخاذ قرارات تربوية أكثر دقة. 
وأضاف إن التقويم الواقعي يقيس قدرات الطلبة والإمكانيات التي يمتلكونها، سواء كانت معرفية أو مهارية أو قيمية، لافتا إلى غياب إستراتيجية واحدة لقياس قدرات الطلبة، فعلى المعلمين تنويع إستراتيجات داخل الغرف الصفية لتناسب جميع الطلبة، موضحا أن التقويم المستند إلى الورقة والقلم يقيس القدرة التحصيلية، وأما المهارات فلها أدوات تقويم مختلفة عن الورقة والقلم تعتمد على الأدائية مثل مشاريع أو أوراق عمل، والأبحاث وغيرها من الأمور.
وأشار إلى أن التقويم يعد جزءا من العملية التعليمية، فالهدف منها قياس مستوى الطلبة ومدى امتلاكه المهارات والمعارف التي اكتسبها خلال سنوات تعلمه، بالإضافة إلى توجيه أصحاب القرار لاتخاذ القرارات بشأن المحتوى التعليمي المناسب للفروق الفردية بين الطلبة.
وبين أن التقويم الحديث يجب أن يركز على التفكير النقدي، والابتكار، والعمل الجماعي، بدلاً من الاقتصار على الحفظ والاسترجاع، ليصبح أداة فاعلة في تعزيز التعلم، لا مجرد وسيلة للقياس.
تعليم المهارات
بدوره، قال الخبير التربوي د. محمد أبو غزلة: "في ظل ما يشهده العالم من تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعلمية وتكنولوجية متسارعة، أدت إلى تغير جوهري في المهارات المطلوبة للفرد في القرن 21، يبرز دور الأنظمة التعليمية باعتبارها الأدوات الفاعلة والممكنة القادرة على إحداث الاستجابة لهذه التغيرات والمهارات المطلوبة لتمكين المؤسسات من القيام بالأدوار المطلوبة منها."
وأضاف أبو غزلة إن الأنظمة التعليمية وفي ظل تنوع واتساع خريطة المهارات التي أصبحت المعيار الأساسي في اختيار القوى العاملة التي تحتاجها المؤسسات ويحتاجها سوق العمل، أصبح من الضروري للقائمين على الأنظمة التعليمية العمل على تطويرها وتطوير عناصرها المختلفة من خلال إعادة صياغة أهدافها ومحتوى مناهجها التعليمية التي تقدم للطلبة وأدواتها، وأن تركز على تعليم المهارات وتطويرها بدلا من التركيز على المحتوى المعرفي النظري.
كما من المهم، بحسبه، أن يتم التوسع في تضمين المناهج والكتب المدرسية مهارات التفكير النقدي، والابتكار، وحل المشكلات، والتواصل الفعّال، والعمل الجماعي، والمهارات الرقمية، بالإضافة إلى مهارات التعلم المستمر، والمرونة في التكيف مع المتغيرات المتسارعة، هذا بالإضافة إلى تركيز هذه النظم على أهمية التعلم النشط والتفاعلي، الذي يعزز من دور المتعلم كفاعل رئيس في بناء المعرفة، وتطوير دور المعلم وتمكينه من إستراتيجيات وأساليب التدريس وتوظيفها في تنفيذ وتصميم الأنشطة التعليمية.
وأشار إلى أنه "في ضوء هذا التطوير للمحتوى التعليمي وإستراتيجيات تقديمه، لا بد من العمل على تطوير إستراتيجيات وأساليب وآليات وأدوات التقييم، لتركز على قياس مهارات الطلبة وقدراتهم في مواقف تعليمية حقيقية، وعندها يمكن القول بأن النظام التعليمي أسهم في تمكين مخرجاته من المهارات التي تحتاجها المؤسسات، والتي أصبحت أساسا لآليات التوظيف بدلا من الاعتماد التقليدي على الشهادات العلمية فقط".
وشدد على أهمية التعلم من الممارسات والتجارب الناجحة التي عملت عليها الدول المتقدمة بسبب التحولات المتسارعة، حيث تبنت تطوير المحتوى التعليمي وتضمينه مهارات القرن الـ21 مثل مهارات التكنولوجيا، والتفكير النقدي، والابتكار، ومهارات العمل الجماعي، والمهارات الرقمية، كما عملت على تدريب معلميها على توظيف أشكال التعليم المختلفة، وإستراتيجيات التعلم النشط، والتعلم عبر المشاريع والمهام التي تسمح للطلبة بتطبيق ما تعلموه في مواقف حياتية حقيقية.
ولفت إلى أنه في ضوء التوجيهات والمناشادات والمطالبات بتطوير التعليم، لا بد من التركيز المستمر على تطوير المحتوى التعليمي لتضمينه تعليم المهارات، والمطالبة المتكررة بضرورة تحسين طرق وإستراتيجيات وأساليب التدريس، وتهيئة بيئة تعليمية ملائمة وآمنة ومحفزة على التعليم، وشاملة تضمن العدالة وتراعي التنوع.
وأوضح أهمية تطوير الإستراتيجيات والأساليب والأدوات التقييمية المناسبة لتقييم هذه المهارات ومواءمتها مع منطلقات وأهداف الإطار الوطني لتقييم الطلبة بعناصره المتعلقة باختبار الاستعداد المدرسي، وتحسين التقييمات الصفية والوطنية والدولية، وحتى إصلاح امتحانات الثانوية العامة، وذلك لضمان تقييم المهارات وقياس تعلم الطلبة المبني وفق احتياجاتهم وقدراتهم الفعلية، وبشكل عادل وفاعل، ومواءمة نواتج التعلم مع المهارات المستقبلية المطلوبة، بدلاً من الاكتفاء بالاختبارات التقليدية التي تركز على الحفظ والاسترجاع.
تطوير المحتوى الدراسي
من جانبه، أكد مدير إدارة الامتحانات والاختبارات في وزارة التربية والتعليم سابقا علي حماد، أن الوزارة أخذت على عاتقها تطوير المحتوى الدراسي التعليمي وعرضه بأفضل صورة، فقد خرجت الكتب المدرسية بشكل مميز ومطور يضاهي المناهج العالمية، وقامت بعقد ورش عمل للمشرفين والمعلمين لتدريبهم على هذه الكتب بالتنسيق مع المركز الوطني للمناهج.
وبين حماد أن هذا التطوير يجب أن يواكبه تطوير في أساليب التقويم للتأكد من استفادة أبنائنا الطلبة ووصول المعلومة بأسهل وأفضل الطرق، ولنضمن أيضا الوصول إلى التعلم النوعي، لافتا إلى أن هذا التعديل والتطوير لأساليب التقويم الحديثة لمسناه من خلال أسس النجاح والإكمال والرسوب للعام 2025 / 2026 التي صدرت في الأيام الماضية.
وتابع أن هذه الأسس أظهرت إصرار الوزارة على المضي قدما في تطوير أساليب التقويم ومتابعة الطلبة وفق قدراتهم المعرفية، إذ وفرت لهم التقييمات الصفية التكوينية والتي تفيد في تعزيز التدريس وتحسين التعلم، ومن خلالها تستطيع تقييم الطالب وإصدار الأحكام بنجاح الطلبة وترفيعهم إلى الصفوف اللاحقة أو حاجة بعضهم إلى خطط علاجية يتعاون في إنجازها كل من المعلم والمشرف التربوي، وتعتمد من مدير المدرسة حتى نقلل ما أمكن من الفجوة بين طلبة الصف الواحد.
ودعا حماد وزارة التربية إلى الالتزام بالتوسع في تطوير أدوات التقييم والاعتماد على التقويم الواقعي، لا الكتابي فحسب، في الاختبارات التقويمية.