عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Feb-2019

العفو العام..خرج ولم يعد - كمال زكارنة

 

 
الدستور - الارادة الملكية السامية باصدار قانون العفو العام، ادخلت الفرح والسرور الى آلاف البيوت الاردنية على امتداد مساحة الوطن،وجمعت شمل آلاف الاسر، وأراحت عشرات الآلاف من اعباء مالية ترتبت عليهم لاسباب مختلفة، مخالفات سير وغرامات وقضايا اخرى متعددة، وشكلت هذه المكرمة الملكية السامية افراجاً وفرجاً عن السجناء والمحكومين والمخالفين، وعودة الامور الى نصابها بالنسبة للمشمولين بالعفو العام، تتوقف عليهم انفسهم، فهم الذين يقررون مصيرهم ومستقبلهم بعد اليوم؛ اذ من المفترض اولا وقبل كل شيء، احترام الارادة الملكية السامية التي ادت الى الافراج عنهم، وازاحت عن كاهلهم ثقلا ماليا ارهقهم شهورا وربما سنوات،وهذا الاحترام يتجسد باثبات القدرة على الالتزام بالسلوك الصحيح، وعدم العودة مطلقا الى ممارسة الاسباب التي اودت بهم الى السجون، بحيث ينطبق عليهم قول خرج ولم يعد، اي انه لن يعود نهائيا الى مراكز الاصلاح والتأهيل، ولن يرتكب اي خطأ او ذنب او اعتداء او سلوك او مخالفة، يمكن ان يعيده الى مهاجع المعتقلات، وعدم التسبب بتراكم اية اعباء مالية جديدة على انفسهم.
العفو العام لا يعني المذنب وحده، بل يتأثر به كل فرد من افراد اسرته، واقاربه وجيرانه واصدقائه، وبالتالي ينعكس على افراد المجتمع كافة، فهو فضيلة وفرصة لاعادة النظر بالمنهج والنمط السلوكي لكل مشمول بالعفو مهما كانت قضيته، ليعيد التفكير بمسار حياته جذريا، وينتقل من التيه والضياع والتمرد على الاخلاق والقيم الصحيحة،الى الاستقامة والهدى والانخراط في صفوف المواطنين العاملين والمنتجين، الباحثين عن مسقبل آمن ومضمون لهم ولأسرهم، والانضمام الى الاسوياء والتقرب منهم، والابتعاد عن المنحرفين الذين يفسدون غيرهم ويوقعون بهم، لتضيع اعمارهم دون فائدة ويخسرون فرصتهم في الحياة، ويتجهون الى مستقبل مظلم ومصير مجهول.
العفو العام يعني وقوف جلالة الملك الى جانب كل من شمله هذا القانون، كما يعني مكرمة ملكية سامية لكل فرد مشمول بالقانون،وهذه المكرمة غالية جدا ولا تقدر بثمن، ويجب على الجميع الحفاظ عليها بالنواجذ، وان يثبت كل منهم لجلالة الملك، بأنه كان اهلا لهذه المكرمة ويستحقها عن جدارة، بعدم العودة للماضي، والتقيد التام بالسلوك الايجابي الصحيح والسليم، واحداث التغيير الذاتي نحو الافضل وكسب ثقة الجميع، وعدم الارتداد مرة اخرى والرجوع الى ارتكاب الاخطاء، والممارسات المخالفة للقانون والنظام العام.
الاسرة لها دور مهم في التوجيه والارشاد في مثل هذه الحالات، وكذلك الاصدقاء ورفاق الخير، لهم ايضا دور مؤثر في الاقناع والاستقطاب الايجابي، والعمل على نزع الجانب السلبي والتفكير العبثي من شخصية الانسان المعني.
التعامل مع المفرج عنهم بنوع من الحذر والخوف والتوجس، قد يخلق لديهم ردات فعل عكسية ويشعرهم بأنهم منبوذون في الوسط الاجتماعي الذي يعيشون فيه، ومن الافضل التعامل معهم باسلوب يعزز ثقتهم بأنفسهم وبالمجتمع، بعيدا عن التشكيك بسلوكهم بأنهم دائما موضع اتهام وشكّ، يؤدي في النهاية الى تشجيعهم وحرصهم على الاندماج الحقيقي الملتزم بالحياة الاجتماعية بشكل طبيعي وعادي.