هآرتس
التسهيلات الجديدة التي قدمتها اسرائيل أمس في القطاع تعتبر انجازا كبيرا بالنسبة لزعيم حماس يحيى السنوار. السنوار الذي يقلل من ظهوره العلني مؤخرا (حتى انتشرت شائعات في القطاع بأنه يخاف من اغتيال اسرائيل له)، واصل استخدام الضغط العنيف حتى حصل على طلبه. قائمة التسهيلات التي هي في العادة لا تنشر بشكل رسمي في اسرائيل، خلافا لما هو معتاد من نشر العقوبات الجديدة التي يتم فرضها، هي التسهيلات بعيدة المدى والتي تمت المصادقة عليها للغزيين منذ سيطرت حماس بالقوة على القطاع في حزيران 2007.
الخطوة الاكثر اهمية بالنسبة للفلسطينيين هي توزيع 2000 تصريح عمل للعمال الذين يوصفون بأنهم تجار. عمليا، هذا كذب متفق عليه من قبل الطرفين. في القطاع لا يوجد برنامج لاختيار افضل تاجر، والاقتصاد الفلسطيني المدمر لن يخلق 2000 رجل اعمال جديد طموحين بين عشية وضحاها. وبدون تصريح واضح وبقناع دخول تجار بدأ المستوى السياسي والامني بمنح شرعية تدريجية لفكرة استئناف تشغيل الغزيين في اسرائيل. في السنة الماضية بدأت اسرائيل باعطاء تصاريح دخول وعمل لنحو 5 آلاف شخص من سكان القطاع، الذين اعتبروا ايضا تجار. الكثير من هؤلاء الفلسطينيين هم عمال وجدوا عمل في فرع البناء والصناعة والزراعة. والآن سيضاف اليهم 2000 عامل آخر. هذا هو التسهيل المطلوب لغزة مثل الهواء للتنفس. وهو يضاف الى تسهيلات اخرى حصلت عليها حماس مؤخرا من اسرائيل بوساطة المخابرات المصرية ومنها توسيع منطقة الصيد المسموح بها لـ 15 ميل؛ ادخال كمية كبيرة من الاسمنت لغرض البناء دون تطبيق نظام الرقابة المتشدد الذي تم اتباعه في القطاع بعد عملية الجرف الصامد والمصادقة على ادخال مواد هندسية التي تم تأخيرها في اسرائيل لسنين، والوعد بالعودة الى الدفع قدما بشكل سريع لمشاريع كبيرة للبنى التحتية.
حماس تحصل الآن على ما لم تنجح في ابتزازه من اسرائيل خلال سنة ونصف من العنف على الجدار. ومثلما نشر في “هآرتس” في الصيف الماضي، كان هناك تردد طويل في قيادة حماس حول مواصلة المظاهرات في أيام الجمعة قرب الحدود مع اسرائيل. وفي الاحداث التي حدثت في الاساس حول المظاهرات قتل اكثر من 300 فلسطيني وأصيب الآلاف، وكثيرون منهم تم بتر اطرافهم بسبب اطلاق النار عليهم من القناصة الاسرائيليين.
هذا كان فشل كبير ودموي. فالضغط لم يؤد الى خنوع اسرائيل أو الى تسهيلات كبيرة. وتطورت في القطاع خيبة أمل كبيرة من حماس. هذا هو الوضع الذي أدى بالسنوار الى وقف المظاهرات، وفي نفس الوقت عدم التنازل عن استخدام العنف. ربما يكون الاستخدام الذكي والمحدود للعنف مؤخرا، اطلاق البالونات التي علقت بها عبوات ناسفة واطلاق محدود للصواريخ والقذائف (على الاغلب من قبل فصائل) حقق لحماس هذا الانجاز. وهذا لم يكن ليحدث لو أن اسرائيل لم تكن موجودة في حمى الانتخابات. حماس لاحظت الضائقة السياسية التي توجد فيها حكومة نتنياهو، واستمرت بالضغط وحصلت في هذا الاسبوع على التسهيلات. بالطبع يجب الاخذ في الحسبان بأن رئيس الحكومة يحضر مفاجأة عملياتية لحماس، مثلما ألمح في الاسبوع الماضي. ولكن حسب ما حدث حتى الآن على الارض فان حماس تحصل حتى الآن من اسرائيل على تسهيلات بالاساس.
في صباح أمس وبعد بضع ساعات على دخول التسهيلات الى حيز التنفيذ، اطلقت النار على حدود القطاع في شرق خانيونس. المتحدث بلسان الجيش قال إن قناصة الجهاد الاسلامي اطلقوا النار نحو الاراضي الاسرائيلية. ومن القطاع تم الابلاغ عن اصابة مواطن فلسطيني بالنار الاسرائيلية دون ذكر لإطلاق النار الذي سبقه من الجانب الغزي. وفي القريب سيتبين اذا كانت حماس مستعدة لأن توقف بشكل كامل العنف مقابل التسهيلات، أو أنها ستواصل الغمز للتنظيمات الصغيرة وتوافق بصمت على نقل رسائل بواسطة البالونات المتفجرة والصواريخ. حسب ما هو معروف، اسرائيل لا تطلب من حماس فرض سلطتها بصورة عنيفة على التنظيمات واجراء اعتقالات لنشطائها أو وقف الاعمال العدوانية لخلايا حماس في الضفة الغربية.
في سيناريو متفائل، التسهيلات يمكن أن تكفي لضمان الهدوء حتى موعد الانتخابات للكنيست في 2 آذار القادم، وبعد ذلك سيكون على الطرفين الانشغال بتسوية على المدى البعيد. الجيش الذي أيد التسهيلات خلال الاشهر الاخيرة يواصل اظهار درجة من التفاؤل بالنسبة للقطاع. وقريبا سنعرف اذا كان على حق.