عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Jan-2025

حلقة من مسلسل التحرير*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

قلنا سابقا؛ ونؤكد: القضية الفلسطينية لن تموت ما دام هناك شعب فلسطيني، فهو صاحب الأرض والحق، ومهما تقادمت الأيام وتكالبت قوى الشر والطغيان، فالحق ثابت راسخ، لن يموت ما دام صاحبه حيّا، ويطالب به، ولمن تاهت المعاني في ذهنه لتعريف «الكرامة»، فالكرامة في هذه الحالة ان لا تنسى حقك مهما كان حجمه، ومهما كانت فرصك للحصول عليه.
ذكرت في مقالتي الأولى عن السابع من اكتوبر الذي بات يعرف شعبيا وفلسطينيا بـ «طوفان الأقصى»، بأن وقت الحديث عن «جدوى» مثل هذه العملية الفلسطينية التاريخية الكبيرة، لم يحن بعد، وأكدت وما زلت أؤكد بأن الناس الذين يقبعون تحت نير أطول وأبشع احتلال، ويقاومونه بكل ما ملكوا، تختلف نظرتهم للفوائد والنتائج المتأتية من أي عمل مقاوم يقومون به، عن الناس الآخرين الذين يعيشون آمنين، وهنا نركز الحديث على ما يجب أن يقال، تذكيرا لأنفسنا قبل غيرنا:
حتى لو قرر الأردن عدم التدخل أو التواجد في أي معادلة سياسية متعلقة بفلسطين، فلا يمكنه ذلك، وفي الوقت نفسه، لا يمكنه ان يتبنى أو يتحمل «وحده وضمن إمكانياته»، مسؤولية قضية بهذا الحجم، لأن المملكة الأردنية دولة، متمسكة بمبادىء ودستور وقانون، وموجودة في العالم، ولها وعليها حقوق وواجبات ومسؤوليات، وبناء هلى هذه الحقائق، فإن الأردن ومنذ ما قبل تأسيس دولته الحديثة، وهو متمسك بحق الوجود الفلسطيني تاريخا وجغرافيا وشعبا، ولو تناسى العالم كله فلسطين، فالأردن لا ولن يفعل، ولا أتحدث فقط عن قناعة، ومبادئ وأخلاق القيادة التاريخية العربية المسلمة «الهاشمية»، بل أيضا عن التاريخ الواحد الممتد، الذي يجمع الكتلة البشرية الأردنية والفلسطينية، ولو افترضنا جدلا أننا نريد أن نضع حدودا تفصل بين مكونات هذا التاريخ وتلك الجغرافيا، فللأردن حقوق كثيرة، ومطالب كبيرة، حتى لو تحررت فلسطين وعادت إلى أهلها، وعادوا إليها، فالأردن أيضا له حسابات معقدة، فثمة نسبة كبيرة من الشعب الأردني، ذات أصول وولاءات فلسطينية، وأصحاب حقوق في فلسطين المحتلة.
 
 
بقية مقال إبراهيم عبد المجيد القيسي
حلقة من مسلسل التحرير
وكل هذه الحقائق، تجعل من الأردن الدولة الأقرب والأكثر تأثرا بفلسطين وقضيتها، وأكثر تضررا من بين كل دول العالم، باستمرار الإحتلال الصهيوني لفلسطين.
أما عن موقف الأردن أثناء حرب الإبادة التي انطلقت جولتها الأكثر بشاعة منذ الثامن من اكتوبر عام 2023، فهو ككل مواقف الأردن تجاه فلسطين وشعبها والمقدسات على أرضها، فالدولة الأردنية، فعلت كل ما في وسعها (كدولة)، وهو ما لم تقم أية دولة أخرى بفعله، وكان وما زال أثر موقفها وانعكاساته السلبية على الأردن، لم يظهر بعد، فالأردن بهذا المعنى ونتيجة لموقفه في دعم فلسطين وقضيتها وشعبها، ما زال يدفع الضريبة تلو الأخرى، ولم يشتكِ او يتأفف، لأنه يؤمن بأن هذا واجبه المطلوب منه كدولة عربية، ومملكة هاشمية، تقع في هذه البقعة الجغرافية، ويتشكل شعبها من هذا المزيج والمزاج السكاني.
يحق للشعب الفلسطيني كل صباح، ان يحمد الله بأنه ما زال موجودا، وأن يبتهج ويفرح كلما شن الاحتلال حربا عليه، وصمد، فصموده وبقاؤه بحد ذاته انتصار، وإشارة على استمرار حياة حقه، في العيش بأمن وحرية وكرامة كسائر الشعوب والناس، وهذه خصيصة كنا قلنا تمتلكها الشعوب التي تم احتلال ارضها، وتقاوم هذا الاحتلال، فاستمرار البقاء على قيد الحياة والمطالبة بالتحرر، يعتبر انتصارا لشعب تتآمر عليه أمريكا وأوروبا وغيرها من الدول الاستعمارية..
وما دام الأردن متمسكاً بهذه السياسة تجاه فلسطين وحقوقها بالعيش في دولة، ويعلن هذا الموقف، وتتمسك قيادته بحقها التاريخي في رعاية المقدسات في فلسطين المحتلة، وما دام يقدم كل ما ملك، ويغامر بكل معادلة استقراره ومعادلة علاقاته الدولية (الاقتصادية والأمنية قبل السياسية)، مقابل تمسكه بالحق الفلسطيني، فهو يقدم الكثير، الذي لا يمكن مقارنته بما يقدمه فصيل او ميليشيا او دولة بعيدة، لا تملك لا جغرافيا ولا ديمغرافيا تشبه الأردن.