عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Sep-2022

حرب المخدرات*د. هزاع عبد العزيز المجالي

 الراي 

كنا والى زمن قريب نتعامل مع انتشار آفة المخدرات بأنها حالة استثنائية، وكانت نسب الترويج والتعاطي بسيطة وربما يعود ذلك الى أن أنواع المخدرات التي كانت سائدة آنذاك محدودة مثل الحشيش او الكوكائين،وهذه الأنواع من المخدرات تحتاج الى زراعة أنواع من النباتات مثل (القنب) وبالتالي فإن عملية مكافحة انتشارها أسهل، لاسيما عند محاولة نقلها عبر الحدود من دولة الى أخرى،وفي هذا السياق فإن بعض الدول في اميركا الجنوبية وآسيا كانت الاكثر شهرة في زراعة هذه الانواع، بل وكانت بعض الإنظمة الفاسدة، تعتمد عليها كدخل قومي او تستغله? لاغراض سياسية،وكان يدير تلك التجارة عصابات (مافيات)تقوم بانتاجها وتوزيعها وهي مرتبطة بشبكات عابرة القارات ترتبط فيما بينها لضمان ترويجها.
 
لقد دخلت تجارة المخدرات منعطفا كبيرا منذ ما يزيد عن عشرين عاماً عندما اصبحت تعتمد على تصنيع مواد مخدرة ذات طبيعة كيمائية على شكل (اقراص)، يسهل ترويجها ونقلها بكميات كبيرة وتصنع في معامل بمساحات ضيقة، بمعنى لم تعد بحاجة الى أرض بمساحات كبيرة، بل والإدهى من ذلك أنها تصنع من مواد كيميائية متوفرة،. اما الحديث عن أنواعها وخطورتها فحدث ولا حرج لها مضار جسدية وعقلية تفوق بعشرات اضعاف المخدرات التقليدية. خلاصة الحديث وفي ظل المعطيات التي تحدثنا عنها، فإن انتشار وارتفاع اعداد المصنعين والمروجين المتعاطين بهذه النسب?العالية، يعتبر نتيجة طبيعية لارتفاع اعداد متعاطيها،وفي المقابل ما تقوم به الاجهزة الأمنية وعلى رأسها مكافحة المخدرات تعتبر جهودا جبارة بل وتفوق في كثير من الاحيان امكانياتها، فلم تعد هذه التجارة محصورة في منطقة جغرافية او فئة محددة، ورغم ذلك نتابع يوميا انجازات هذا الجهاز في مكافحة انتشار هذه الجريمة.
 
يقال ان المصائب لا تأتي فرادى، فان كان الأردن الى زمن قريب يعتبر ممر عبور لتجارة المخدرات للدول المجاورة اصبحت هي أيضا مستهدفة بعدما اصبحت الشقيقة سوريا على الحدود الشمالية مهدا ومركزا لتصنيع المخدرات، من قبل الميليشيات المنتشرة على الحدود الأردنية، والتي تعتبر المخدرات بالنسبة لها اضافة الى الدخل المادي، جزءا من مخطط ومشروع ترعاه دول لها أجندات ومآرب سياسية أخرى.
 
من المؤكد ان الاردن يتعامل مع حرب المخدرات غير المعلنة باستخدامه لسياسة السهل الممتنع، فمن جهة لجأ الى ضبط النفس وعدم الانجرار الى حرب عسكرية مفتوحة على الحدود الشمالية وعمل على تعزيز قدراتها العسكرية وتطبيقها لاقصى قواعد الاشتباك العسكري،لمنع وضبط عمليات تهريب المخدرات ومن جهة اخرى لجأت الى الحلول الودية الدبلوماسية مع الدول التي تقف وراء هذه الميليشيات في محاولة لاقناعها في وقف هذه الحرب غير المبررة.
 
نعلم أن آفة المخدرات لها بيئتها الخصبة في الدول التي تعيش أزمات اقتصادية وارتفاع نسبة البطالة والفقر،لذا نجد ان الاجهزة الامنية في الاونة الاخيرة تشددت وبكل حزم في مكافحة ومداهمة اوكار المخدرات ولقد حرص جلالة الملك في كتاب تكليف لمدير الأمن العام الجديد بتشديد اجراءات مكافحة المخدرات فالمطلوب ان نقف جميعا في وجه هذه الحرب فالمستهدف وطن ومستقبل وفي النهاية اقول ان تغليظ العقوبة وتنفيذ احكام الإعدام بالسرعة الممكنة أكبر رادع لقوله تعالى «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون».