عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Apr-2025

«الإخوان».. آن أوان المراجعة*عصام قضماني

 الراي 

يبدو أن جماعة الاخوان المسلمين تعاني أزمة أفراد في داخلها انحرفوا لكن ذلك لا يعفي قيادتها من المسؤولية السياسية والتنظيمية عن هذه الانحرافات.
 
في التنظيمات السياسية والفكرية لا يعد انحراف الأفراد فيها سلوكا فرديا كما يرغب البعض تسويقه بأنه يدل بلا ادنى شك على ضعف القيادة وفقدانها السيطرة وهو اختلال خطير وإما غض الطرف عن مثل هذه السلوكات لسبب او لآخر وكلاهما يعفيان القيادة من المسؤولية.
 
كنت واحداً من كثير تمنوا ان يقر الإخوان المسلمين بالخطأ وان يقروا بالمسؤولية السياسية والأخلاقية والتنظيمية وان يعلنوا على اقل تقدير اجراء تحقيق داخلي يظهر الحقيقة الكاملة أمام الرأي العام وما إذا كان ما حدث من تورط هو سلوك فردي من بعض منتسبيهم او حتى ادعاء باطل قبل ان يقرروا سلفا الانسحاب من المسؤولية.
 
هي ذات الأخطاء التي تكشف عن ان هذه الجماعة وبعد سلسلة الأحداث المفصلية التي مرت بها منذ الربيع العربي لم تفكر او تقف في مواجهة مع النفس او نقد الذات او محاسبة ما او مراجعة ما وهي التي كان يفترض ان تفرضها لحظة افول نجمهم في مصر (البلد الذي ولدت فيه الجماعة وهو ما كنا نظن انه سبب كاف سيدفع أطرافها عموما وخصوصا في الأردن أن تعمل على إعادة تأهيل نفسها، وان تندمج اكثر في جسم الدولة وان تعتمد المعارضة السلمية البناءة وان تكون جزءا من مؤسسات الدولة، شريحة اردنية خالصة وأن تقبل الرأي الآخر، وان يعلو فيها صوت الاعت?ال لكن يبدو ان بريق الشعبوية قد أغراها خصوصا عندما قررت ان تركب موجة تعاطف ودعم الأردنيين على اختلاف مشاربهم والذي عز نظيره لأشقائهم الفلسطينيين وقد اعتقدوا او كما أرادوا ان يعتقدوا بان هذا التعاطف وهذا الدعم هو لفصيل معين في الساحة الفلسطينية وهو حماس، فبالغوا في حساباتهم المتوهمة ولاحظوا ان نجوميتهم التي فقدوها او كادوا يمكن ان تستدرك وتنتعش من جديد عبر هذا الباب.
 
لا يجب ان نغفل ان في صفوف الجماعة وفي قياداتها عقلاء وطنيين الاردن وسلامته ومتانته نظاما وشعبا اولاً ويتقدم على كل شيء كما لا يجب ان نستبعد ان بينهم وفي قاداتهم من ذهب بهم الحماس لما هو ابعد من ذلك.
 
يبدو ان التجارب التاريخية التي مرت بها الجماعة لم تفدهم كثيرا او بعضهم على الأقل في الفهم وان الدروس التي يجب ان تكون مستفادة غابت تماما، فلم تتمكن الجماعة من تطوير أدواتها السياسية ولم تتمكن من تعميق وعيها السياسي ولم تتمكن من تغيير خطاباتها التقليدية وهي التي سادت منذ خمسينيات القرن الماضي ولا تزال على جمودها وسكونها، فلم تبذل الجماعة اية خطوة نحو ثورة بيضاء داخلية تطهر فيها نفسها وتتخلص من دعاة التطرف ودعاة المواجهة فيها وها هو يخرج من بين يديها ما كان يفترض أن تخشاه هي قبل أن يخشاه الآخرون.
 
عندما صدر القرار المصري باعتبار الإخوان المسلمين تنظيما ارهابيا لأنها لجأت إلى العنف وهو التعريف الدولي للارهاب لم ينسحب ذلك على اخوان الأردن
 
وما كان ينطبق على إخوان مصر لم يجر عليهم في الأردن بل بقوا على مكانتهم على قعدة الرشد والحكمة او هكذا كان مامولا منهم بالرغم من ان ما حدث في مصر، ترك تداعيات وأبعادا سياسية غاية في التعقيد والتشابك وليس سرا ان الأردن لم يستجب للضغوط الدولية والإقليمية وبعضها وصل إلى مستوى التحذير ولا أقول الإنذار، وبينما كان الأردن ينتظر منهم سلوكا سياسيا معتدلا وملتزما بالدستور خطفتهم نشوة فوزهم في مقاعد لم يتوقعوها في البرلمان ولم يلتفتوا كما هي عادتهم إلى الدروس المستفادة واهمها أن صفة الإرهاب التي كانت يفترض ان تدفعهم ?لى الحذر من ارتكاب الأخطاء لا أن تدفعهم إلى الشعور بالنشوة والتمادي في خرق الخطوط الوطنية التي اجمعت عليها الأمة وابسطها عدم تعريض الأمن الوطني إلى اهتزازات او اختبارات غير محسوبة.
 
على جماعة الاخوان ان يعملوا على مكانتهم ويواجهوا السؤال الأهم وهو هل مصلحتهم في ان يكونوا جزءا من النسيج الوطني وجزءا من الدولة وخياراتها أم خارج هذا كله، لكن يتعين ان يسبق هذا كله مراجعة شاملة ليس فقط للمواقف بل لمنهج عملهم، ويتعين عليهم كشريحة فكرية من شرائح المجتمع أن يتوقفوا عن اعتقادهم باحتكار الحقيقة واحتكار الموقف فأين رأوا أن المجتمع على اختلاف مذاهبه الفكرية والسياسية الأردنية قد تباين او تقاطع مع اولوية القضية الفلسطينية ومع دعم الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه كاملة على تراب وطنه واين رأوا ان الأردن?فرط او تنازل عن القدس والمقدسات؟.
 
جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أمام لحظة حاسمة بإعادة تقييم أوضاعها، فلم يعد مناسباً مواجهة التحديات الراهنة بادوات قديمة فيها من التشدد ما يخالف روح منهجهم المعلن وهو الدعوة وتعزيز قيم وصلابة المجتمع وقوة جبهته الوطنية وصلابة موقفه في مواجهة مخاطر التهجير والوطن البديل وعلى قادتهم الذين استنزفتهم الأدوات القديمة والأفكار المتشددة وادعاء احتكار الحقيقة وزعم احتكار الوطنية إخلاء مواقعهم لقادة جدد أكثر اعتدالاً وقبولاً للآخر واتساقا بالبلد وإيمانا بمواقفه..