عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Dec-2021

الحرب التي نخسرها*إسماعيل الشريف

 الدستور

«إن طفرات كوفيد تفوز بالسباق على اللقاحات»، د. تيدروس أدحانوم غيبرييسوس، مدير منظمة الصحة العالمية.
 
قال د. تيدروس هذا التصريح الشتاء في الماضي، وها هو الشتاء الحالي يبدأ بسلالة جديدة من كورونا أطلق عليها «أوميكرون». حتى الآن يدرس العلماء هذه السلالة التي تختلف عن سابقاتها؛ فهي قد تطورت على الأرجح في جسم شخصٍ مصاب بمرض «الإيدز» في جنوب إفريقيا.
 
يقول العلماء بأن هذه السلالة قد تكون أخطر من سابقاتها مع أنها جاءت من 32 طفرة، متفوقة على سلالة دلتا التي جاءت من عشر طفرات فقط، وهذه الطفرات تعطي دلالات من أن الفيروس سريع الانتشار، وكلما زاد الانتشار ارتفعت نسبة الوفيات، ونتائج فحصه تأخذ وقتًا أطول، وحتى الآن يبدو أن المطاعيم توفر الحماية الكافية لهذا التحور، فاعتبر العلماء أن هذه رسائل طيبة.
 
ولكنني مع هذا أقول هذا الشتاء تحمل لنا كورونا رسالة خطيرة وعميقة، وعلينا أن نأخذها على محمل الجد، رسالة تحمل في ثناياها تحذير من خطر مقدح توجهه للبشرية.
 
بدأت الحضارات تظهر بسبب الوفر الذي أعيد توظيفه فظهرت الصناعات والأسواق وانتقلت السلع والمهارات، وكثير من العلماء يعزون تطور الحضارات إلى الاستثمار الجماعي الذي يعود بالنفع العام، ولكن مع سيطرة الرأسمالية الشرهة أصبح هذا الوفر بأيدي قليل من أصحاب المليارات فتم توجيهه إلى الأسواق المالية أو تكدس في البنوك.
 
يتحدث علماء الاقتصاد بأن 20% فقط من الأرباح تعود مرة أخرى للصالح العام، والنسبة الصحية يجب أن تكون بحدود 50%، ولو تحققت هذه النسبة فستتوفر اللقاحات لجميع سكان العالم.
 
اللقاحات هي إحدى أهم السلع التي تحقق الصالح العام، ولكن الدول الغنية تخزنها وتحرم منها الدول الفقيرة، وما لم يتم تطعيم سكان العالم أجمع فلن نستطيع القضاء على الوباء.
 
تتحدث الأرقام عن فروق كبيرة في نسب التطعيم بين دول العالم، فحتى الآن 28% من سكان العالم قد حصلوا على المطعوم. في البلدان الفقيرة، فقط 1.1% من السكان تلقوا الجرعة الأولى، فيما بلغت النسبة 50% لمن تلقى جرعتين في العالم الأول، وما لم يحصَّن الفقراء من المرض فلن ينتهي، فهنالك علماء يتحدثون عن عشرة أعوام قادمة بوجود المرض، تخيل عشرة أعوام من الجحيم والكمامات والإغلاق والموت والتردي الاقتصادي.
 
نظرية المؤامرة التي يجب أن تكتب هي لماذا تم حصر ترخيص إنتاج اللقاح لشركة استرازينيكا مع أن جامعة أكسفورد التي قامت بالأبحاث من أموال الضرائب والتبرعات قد أعلنت أنها ستهدي البشرية براءة اختراع اللقاح؟ وهذا ينطبق على العملاق الآخر شركة فايزر؟ حقيقةً لا جواب لدي، قد يكون كله من مخرجات الرأسمالية الشرهة التي تتحكم بالعالم، أو اجتماع المال الفاسد مع السياسيين الفاسدين، فثروات أصحاب الثراء الفاحش قد زادت 1.8 تريليون دولار، فيما تجاوزت أرباح شركات الأدوية خمسين مليار دولار.
 
ولماذا يمنع علماء جنوب إفريقيا الذين اكتشفوا هذه السلالة، وسلالتين أخريين من أصل خمس سلالات لكورنا، من إطلاق اسم على أيٍّ منها؟ بل أوكل لسيدة العالم إطلاق الأسماء وإصدار كافة المعلومات عنها، فيما يبدو أن عصابة تقف وراء كل ما يتعلق بكورونا.
 
فالجشع والطمع والعنصرية ونظرية تفوق الرجل الأبيض هي أسباب خسارتنا في حربنا مع كورونا، وما لم تُجبر شركات الأدوية على مشاركة العالم ببراءات الاختراع التي تستحوذ عليها سيبقى الوباء.
 
يسجل لدولتنا توفيرها اللقاحات تحت إجراءات احترافية عالية. في زمن الحروب أحيانًا تسقط الحريات المدنية تحقيقًا للصالح العام، فلماذا لا يصبح التطعيم إلزاميًّا؟ اقتراح برسم المناقشة!