عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Jan-2020

“بوسعي أن أقول” للعامري.. القصيدة إذ تصوّر تضادات الحياة

 

عمّان-الغد – “على الشاطئ.. يَحْتَضِنُ البَحْرُ وُجوهَهَمُ.. مُوَلِّينَ ظُهورَهَمُ للحَياة..”
بهذا المقطع يهدي الشاعر لبيد والده الشاعر مبارك العامري قصيدة حملت عنوان “زرقة”، في مجموعته الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” بعمّان، بعنوان “بوسعي أن أقول”، لترصد أجواء الحياة التي تختلط فيها الصورة بمتخيل الشعر الذي يتيح للكائنات مساحة الأمنيات.
ولعل الشاعر ينهل من مرجعية الانتساب لسميّه الشاعر والفارس صاحب معلقة “عفت الديار محلها فمقامها” لبيد بن ربيعة العامري، وإرث والده الشاعر مبارك العامري الذي اختار له اسم لبيد تيمّناً وعتبة لما سيكونه الفتى، فلم يخذل الاسم والانتساب فصار شاعرا.
ولاختلاف الزمان والبلاغة وجماليات القصيدة تشبّع الشاعر بالتراث، وارتوى بما خطّ والده، ولكنه ذهب للقصيدة الغنائية باختلاف موضوعاتها التي تفيد من الجماليات المعاصرة ببلاغة الصورة والتكثيف والمفارقة.
ويتجلى ذلك الاختلاف بين الإرث الذي حمله الشاعر الشاب، وتراث ما حمله والده وسلفه باختيار العنوان الذي ينطوي على جواب غيّب فيه السؤال، حيث حمل الديوان عنوان “بوسعي أن أقول”.
وبما أن العنوان في المجموعة التي تقع في 152 صفحة من القطع الوسط يمثل ملامح ما يجول في النفس بما يتبدى في الظاهر، فإن الشاعر لبيد كانت تثقله الأسئلة عن المساحة التي يمكن أن يرتادها، وهي مساحة تنطوي على التحدي الذي يتيح له ما يمكن أن يقال إزاء ما تراكم في البيئة التي عاش فيها وتشبعت بظلال القصائد وعلامات السرد.
وفي لحظة كمن يكتشف الجواب، كما قال أرخميدس “يوريكا”، قال لبيد: نعم، بوسعي ذلك، أستطيع أن أفيد من الصورة السينمائية المتحركة التي تمتزج فيها الموسيقى والمؤثرات والإضاءة والأشخاص، لأكتب القصيدة السينمائية، التي تنطوي على الحكاية بتقنية القطع كمقترح جمالي يوائم لغة العصر وروحه. فكان القول صورة.
وفي قصيدة لبيد ذهب إلى اللقطة/ اللحظة التي تصور الأحاسيس والمشاعر بتداعيات المشهد وبلاغة الاختزال وجماليات الصورة ، فيقول:
“في الصَّباحِ.. أَفْتَحُ النَّافِذَةَ كَعادَتي.. ثَمَّةَ نَسَماتٌ عَليلةٌ.. تَتَنَفَّسُ بِهُدوءٍ.. وَكَأنَّها.. مُسْتَغْرِقَةٌ عَميقاً في “يوجا”.. بَيْنَما الرُّوحُ تَتَراقَصُ.. كَما دَراويشَ في حَلْقَةِ وَجْد..”
هي شعرية اللحظة التي يلتقطها الشاعر، ويقبض عليها ليؤبدها في النص/ القصيدة كي لا تهرب منه لأنها تمثل سيمفونية الحياة:
عِنْدَما تَسْتَيْقِظُ صَباحاً.. افْتَحْ النّافِذَةَ.. لِتَتَأَمَّلَ.. النَّسَماتِ وَهِيَ تَعزِفُ .. قيثارَتَها عَلى رُؤوسِ المَّارة..”
وفي اللقطة/الصورة، لا يكتفي بالأحاسيس، ولا يتوقف عند غرضية الشعر، بل يصور الحياة، يشبعها بالحركة، ويضفي عليها قوس الألوان التي يستبدلها بالوصف، ليكون النص ليس مجرد صورة، بل حياة موازية تعيش في الذاكرة. الحياة بكل تفاصيلها وصورها وتضادتها.
“بِوِسْعِيَ الآنَ أَنْ أَقولَ.. يَا جَدِّي العَزيزُ.. وَأَنْتَ تَنَامُ بِطُمَأنينَةٍ.. في عالَمِكَ الأَبَدِيّ:
لَمْ يُغْرِقْنِي البَحْرُ.. أَيَّها النَّقِيُّ.. لكِنَّها الحَياة..”