عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Nov-2021

الحقيقة - ما هي - إلى أين؟*د. فايز الربيع

 الراي 

الحقيقة كلمة سامية ونبيلة، هي مطلب إنساني، فالكل يبحث عن الحقيقة والكل ينشد الوصول إليها.. الشيء الحقيقي هو الشيء الواقعي، وهي التي تتطابق مع الفعل ومنذ فلاسفة اليونان والبحث جار عن الحقيقة «من أين أتينا؟ لماذا جئنا؟ إلى أين نحن ذاهبون؟ وما هي القوة الحقيقية المسيطرة التي تسير كل هذه الاتجاهات؟».
 
الرسالات السماوية - كمنهج - والإسلام الممتد من لدن آدم إلى لدن محمد صلى الله عليه وسلم ثبتت في أذهان الإنسان الحقيقة التي يبحث عنها–فأجاب عن هذه الأسئلة إجابات واضحة–دون هدر للطاقة التي هدرها العلماء والفلاسفة وهم يبحثون عن علم الميتافيزيقيا (ما وراء الطبيعة)..
 
إن الحقيقة هي الثبات والاستقرار والقطع واليقين ومخالفة المجاز، وفي لسان العرب الحقيقة هي الحق–والصدق–والصحة–واليقين والوجوب والرصانة ومقابلة التجاوز–تقول العرب فلان يسوق الوسيقة ويحمي الحقيقة–يقال حق الشيء إذا ثبت، وهي تتعارض مع الخطأ–فهي كل ما هو صادق وواقعي وثابت ويقيني وتناقض مع الكذب والوهم والظن والشك والتخمين والرأي والاعتقاد الباطل–وتناقش الفلاسفة المسلمون مطولاً في مسألة الحقيقة ورد بعضهم على بعض ومنهم الغزالي في كتاب «تهافت الفلاسفة».
 
وإذا تجاوزنا الحقيقة السامية، وهي الأصل، التي تدرَك عن طريق النص والعقل والقلب، ثم الحقيقة الدنيوية؛ التي تستلزم العقل والتجربة، وهي حقائق نسبية واحتمالية تتغير مع الواقع–ونقول مثلاً قول حقيقي–وأمر حقيقي وزمن حقيقي وهذا مغاير للفلسفة البراجماتية التي تؤكد أن الحقيقة هي اختراع والحقيقي ليس هو الثابت وإنما هو المفيد–وبمقدار ما يتحقق لنا من آثار عملية من خلال مبدأ التحقق التدريجي والنفعية-..
 
وفي الحقيقة التي نرددها ككلمة كثيراً–اثناء مقابلاتنا التلفزيونية نبدا بالقول (الحقيقة هي)–وفي مداخلاتنا–والأكثر إيلاماً في تصريحاتنا الرسمية نقول أن الحقيقة هي–ليست كما قالت الصحيفة الفلانية، أو ما أشيع على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما تناقلته وسائل الإعلام الغربية المغرضة، وإنما الحقيقة (هي) ونورد ما نود تأكيده على أنه صدق وحقيقي وثابت وقطعي ولا يقبل الشك ثم نكتشف عكس ذلك مما يصرَّح به–أو ما يتم محاولة تسويقه.
 
اليوم تواجهنا قضايا كثيرة نريد أن نعرف الحقيقة عنها–إلى أين نحن ذاهبون إزاء قضايانا المصيرية؟ ما هي حقيقة علاقاتنا الدولية واتفاقاتنا الخارجية؟ لماذا وصلنا إلى هذه الأرقام في الدين العام؟ والى أين نحن ذاهبون؟
 
أسئلة كثيرة برسم الإجابة للوصول إلى الحقيقة بأي طريقة يختارها من يجيب حتى ولو كانت الإجابة تندرج تحت الفلسفة البراجماتية النفعية في ظل عدم الاتفاق على فلسفة محددة–ترسم إطاراً نظرياً وعملياً لمسيرة حياتنا في اتجاهاتها المختلفة.