هل سيكون الـمستقبل مرعبا مع الذكاء الاصطناعي؟*د. محمود أبو فروة الرجبي
الغد
واهم من يعتقد أن الذكاء الاصطناعي لن يغير العالم في وقت أقرب مما نتصور، وسيكون بعيدا عن مجريات الحياة من يظن أنه سيكون بمعزل عنه بأي شكل من الأشكال، فهو تسونامي جارف لن يرحم أي إنسان يعيش في هذا الكوكب ما دام متصلا بالإنترنت.
دخل الذكاء الاصناعي مختلف مجالات الحياة، وأصبح واقعا لا يمكن التغافل عنه، وما دامت حياتنا بدأت تتغير بسببه، فلا بد من استشراف بعض التغيرات التي ستصيب البشرية بسببه.
من المؤكد أن الحياة مع الذكاء الاصطناعي ستصبح أسهل، وأكثر تعقيدا في الوقت نفسه، فبقدر ما قدمت لنا الحضارة اختراعات جعلت حياتنا أسهل، أدت إلى جعل حياتنا الاجتماعية أعقد، والمتابع لشؤون الحياة يعلم أن كل اختراع جديد تضيفه البشرية، تتأثر به الحياة الاجتماعية، وتنعكس على الفرد الذي يصبح أكثر فردانية، وأنانية، ويقل شعوره مع الآخرين– في غالب الأحيان-.
ستزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء وبين العالم الأول وبقية العوالم، مع زيادة انتشار وتأثير الذكاء الصناعي، وسيتحول العالم مع مرور الوقت إلى طبقة صغيرة من الأثرياء، تتحكم بالنسبة العظمى من ثروات وموارد العالم، وستعود العبودية تدريجيا، فيما أطلق عليه مصطلح العبودية الرقمية، وهي عبودية تجعل الإنسان يشعر انه حر، ولديه الخيارات كلها، وفي الواقع هو عبد لا يملك قراره، فبقدر ما سيوسع الذكاء الاصطناعي خيارات الإنسان، ولكنها ستكون وهمية، ووبالا عليه في غالب الأحيان.
والأمر نفسه سينعكس على الرقابة على الناس في مختلف أنحاء العالم، مما يؤدي إلى ذوبان الحرية الفردية، وفي هذا السياق سأتحدث عن موضوع واحد يعد وكأنه من الخيال العلمي، ولكن السنين القادمة ستجعله واقعا وهو التجارب القائمة على محاولة ترجمة الأفكار في داخل الإنسان إلى كلام يمكن أن يقرأ من الآخرين، ومن يرد على مثل هذا الطموح ويقول إنه ضرب من الخيال، يمكن أن يعود بالذاكرة إلى التاريخ القديم فيجد أن الطيران، وعمليات نقل الأعضاء، والإنترنت، وغيرها من المستحدثات كانت خيالا محضا، ولكننا نجدها اليوم واقعا في حياتنا، وعندما يصبح هذا الأمر واقعا تزداد الحلقة إطباقا على الناس، وتجعلهم غير قادرين على التعبير عن مشاعرهم بحرية، مما سيؤدي إلى عقد نفسية، ومشاكل لا حصر لها.
في عالم الذكاء الاصطناعي، وقدرته على إنجاز الأعمال التي تقوم بها البشرية، ستقل الحاجة للعمال، والموظفين، ويزداد جشع الشركات عابرة القارات وغيرها، ولا نستبعد أن يستيفظ الناس ليجدوا أنفسهم بلا وظائف، وكي لا يتهمنا أحد بالتشاؤم، ليرى ما يحصل في العالم الآن، وبعدها سيعرف أن هناك مقدمات غير مبشرة في هذا المجال، تزيد من معاناة الفقراء، وقد تقضي على بقايا الطبقة الـمتوسطة التي تتآكل في غالبية دول العالم.
هذه بعض التغيرات البسيطة التي ستطال البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي، وهي ذكرت هنا على سبيل المثال لا الحصر، ويبدو أننا قادمون على مجهول مليء بالتحديات، ومع ذلك، فهناك بعض الأمل، ولكنه معقود على أخلاقيات الأطراف الأقوى في العالم، ولا نعتقد أنها ستلتزم بها، والقادم سيرينا ما قد يحصل.