عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jun-2024

مرافقة المريض والتأثيرات النفسية.. ما أهم استراتيجيات التعامل والدعم؟

 الغد-ديمة محبوبة

 عادة ما يمر الشخص المريض بحالة نفسية صعبة نتيجة لشدة الألم والتحولات الجسدية التي يشعر بها، لكن هناك من يتألم بصمت ويجب عليه أن يبقى قوياً ومسانداً للمريض رغم الأسى الذي يعيشه والخوف من فقدان العزيز عليه.
 
 
مرافقة المريض تعد من التجارب الصعبة التي يمكن أن يمر بها الشخص. يتطلب الأمر تحمل الكثير من الألم النفسي والقلق المستمر، خاصة إذا كان المريض عزيزًا على القلب.
 
تروي نجلاء أبو الهيجاء تجربتها في مرافقة والدتها خلال إصابتها بمرض سرطان الرحم. كانت والدتها تشتكي من نزيف مستمر لأكثر من ثلاثة أشهر، وكانت نجلاء دائمة التوتر والخوف عليها، حتى أنها ابتعدت عن أسرتها الصغيرة وعملها لتجلس مع والدتها طوال الوقت، محاولَةً إقناعها بإجراء الفحوصات اللازمة. بعد إلحاح كبير، رضخت والدتها وبدأت معها رحلة طويلة من الفحوصات ثم العلاج.
وتوضح نجلاء أن مراحل هذا المرض كانت صعبة عليها، فالمريضة هي أمها وصديقة الروح والمقربة لها، كان عليها أن تبقى محافظة على هدوئها وابتسامتها ونفسيتها لتخفف من معاناة وصدمات والدتها.
وتؤكد أنها كانت تشعر بألم كبير في روحها وقلبها، فلم تستطع حتى أن تذرف الدموع. كان عليها أن تشحذ قواها وتقوي ذاتها، لكنها أحيانًا كانت تشعر بالعجز عندما تسمع والدتها تتألم أثناء مرحلة علاجها.
اختصاصي علم النفس الدكتور موسى مطارنة، يؤكد أن المرافق عادةً يعاني من مشاعر متناقضة بين الرغبة في تقديم الدعم الكامل والحفاظ على قوته، وبين الشعور بالعجز والخوف من فقدان الشخص الذي يرافقه.
هذا الأثر النفسي يمكن أن يكون جسيمًا، ويجب معالجته بطرق مناسبة للحفاظ على صحة المرافق النفسية والجسدية؛ حيث يشعر المرافق بضغط نفسي كبير ناتج عن مراقبة المريض ومعاناته المستمرة، ويكون في حالة تأهب دائمة للتعامل مع أي طارئ قد يحدث. وكذلك الخوف والقلق من فقدان المريض هو شعور دائم يرافق المرافق، وقد يؤدي إلى القلق المزمن والاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب.
أما العجز والإحباط، حسب مطارنة، فيشعر بهما المرافق في كثير من الأحيان نتيجة عدم قدرته على تقديم المزيد من المساعدة للمريض، مما يخلق شعورًا بالإحباط والتقصير. كذلك الإرهاق الجسدي؛ فرعاية المريض تتطلب جهودا جسدية مستمرة، مما يزيد من متاعب المرافق ويؤثر على صحته الجسدية والنفسية.
وفيما يتعلق بكيفية التعامل مع الآثار النفسية، يوضح مطارنة أنه يكون من خلال التشجيع من الأشخاص المحيطين، مثل الزوج أو المرافق الآخر أو أفراد العائلة أو الأصدقاء على التعبير عن المشاعر. من المهم أن يتحدث المرافق عن مشاعره وألا يكبتها، ويمكن أن يكون الحديث مع صديق موثوق به أو حتى مستشار نفسي وسيلة فعالة للتخفيف من التوتر.
وينصح بالحصول على دعم اجتماعي، ويجب على المرافق ألا يتردد في طلب الدعم من الأسرة والأصدقاء، وتكوين شبكة دعم يمكن أن تساعد في تخفيف العبء العاطفي.
وينوه إلى ضرورة الاعتناء بالنفس ونصح المرافق بأخذ فترات راحة والاهتمام بصحته الشخصية، مثل ممارسة الرياضة والحصول على نوم جيد، وتناول الطعام الصحي، وذلك يمكن أن يعزز الصحة النفسية. كما ينبغي للمرافق أن يشارك في أنشطة ترفيهية ويخصص وقتًا لنفسه لممارسة هواياته المفضلة والأنشطة التي تجلب له السعادة والراحة.
وفي بعض الحالات المرضية تحتاج إلى سنوات طويلة من المراقبة المستمرة. التدريب على مهارات التعامل مع التوتر، مثل التأمل، والتنفس العميق، واليوغا، يمكن أن يكون فعالا في تقليل التوتر والقلق. من المهم البحث عن مساعدة لمراقبة المريض وعدم الشعور بالتقصير. إذا كانت الحالة النفسية تتدهور بشكل كبير، من الضروري طلب مساعدة مهنية من مختصين في الصحة النفسية. ويمكن أن يقدم المعالج النفسي استراتيجيات وتقنيات لمواجهة التحديات النفسية بفعالية.
اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي، يؤكد أن المجتمع والمؤسسات الصحية يجب أن يعترفوا بالدور المهم الذي يلعبه المرافقون، ويقدموا الدعم اللازم لهم. يجب توفير برامج دعم نفسي للمرافقين وتقديم دورات تدريبية حول كيفية التعامل مع المرضى بطرق صحية وفعالة. كما ينبغي تعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية للمرافقين وتقديم المشورة والإرشاد الضروريين لهم.
ويبين أن المعظم يهتم بحالة المريض بشكل أساسي، ولكن يجب أيضًا الالتفات إلى المرافق، فهو يتحمل ضغطًا كبيرًا على نفسيته وما يترتب عليه من عبء مالي وجسدي ونفسي.
وفي النهاية، يجب على المرافق أن يدرك أن رعاية نفسه ليست أقل أهمية من رعاية المريض، بل هي جزء أساسي من تقديم الدعم الفعال والمستدام، والحفاظ على التوازن بين تقديم الرعاية للمريض والعناية بالنفس هو المفتاح لتجاوز هذه التجربة الصعبة بسلام.