عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jun-2020

دراما الـ30 حلقة.. هل تفشل في جذب الجمهور؟

 

إسراء الردايدة
 
عمان-الغد-  بعد نهاية الموسم الدرامي الرمضاني، لوحظ أن أعمالا مختلفة عانت من مشاكل “مطمطة” الأحداث وتفاصيل مختلفة ارتبطت بتحديد عدد حلقات العمل المكون من 30 حلقة.
أعمال درامية مختلفة بين مستوى جيد وآخر متدن، نافست هذا العام في ظروف صعبة جراء وباء كوفيد-19، وتوقف التصوير في بعض المسلسلات، وتم تأجيل العديد منها، فيما استمرت أخرى وأنهت التصوير في النصف الثاني من شهر رمضان.
معضلة 30 حلقة في كل موسم هي الحديث عن جودة العمل والانتقادات التي ترتبط ضعف العمل بحلقاته، ولو أنها كانت أقصر لنجح بشكل أكبر، إلا أن الحقيقة مختلفة.
30 حلقة ولكن..
أي عمل درامي يعتمد أساسا على طبيعة القصة والأحداث التي يرويها، وليكون عملا ناجحا ويحتمل 30 حلقة لابد أن يكون سير الأحداث بالتوازي مع شخصيات ثانوية متعددة تصب كلها في الحدث الرئيسي، كما يقول الناقد المصري أندور محسن.
ومن هنا فعليا لا يوجد فورمات معينة للمسلسل الدرامي، فمسألة 30 حلقة شائعة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهي أساسا ترتبط بجودة العمل، سواء كان 15 حلقة أو 10 فقط، فالأمر يرتبط بالمعلنين وموعد العرض.
فهنالك مواسم درامية تعرض 60 حلقة، وأخرى مكونة من النصف وحتى أقل، خلدت بذاكرة الجمهور من 15 و12 حلقة، مثل “ليالي الحلمية” في جزئها الأول (18 حلقة)، ذئاب الجبل (18 حلقة)، رأفت الهجان الجزء الأول (14 حلقة).
ومن هنا، فإن الأمر كله يرتبط بالأصل بطبيعة المحتوى والقصة وعدد الشخصيات الثانوية التي تصب في الأصل في الحدث الرئيسي لتحرك كل هذه الحلقات.
فاليوم مع وجود منصات البث الرقمية مثل: “نتفلكس”، “شاهد”، “هولو”، “اتش او بي”، “او اس ان”، وغيرها، وهذا من شانه أن يطور الأمر ويغير من وجه المعادلة.
يقول الناقد محسن اندرو “ليس غريبا أبدا أن موسم رمضان 2018 الدرامي مضروب بشهادة كثير من الجمهور والنقاد، الغريب، إننا مندهشون، وبالرغم من أن الأسباب تتراكم أمام أعيننا من عام لآخر، لحد ما وصلنا للي بنشوفه وبنسمعه”.
فخ “مطمطة” الأحداث
أي عمل سواء كان 15 حلقة أقل أو أكثر، فإن نجاحه مرهون بقدرته على تقديم حدث وتفاعل في كل حلقة، بحيث ترتبط بمنطق الأحداث وتترابط الشخصيات الثانوية، وبكل تفاعلها وتفاصيلها وما يدور معها ليصب في الحدث الرئيسي.
وقد يكون محرك الأحداث شخصية واحدة ترتبط به كل الشخصيات والأحداث الأخرى، بحسب الناقد محسن أندرو، مبينا أن الأحداث الفرعية تتطلب وجود أحداث ثانوية وخطوط درامية متوازية مترابطة معا.
وما يحمل إنتاج 30 حلقة لابد من وجود موضوع يحتمل تلك الأبعاد والعناصر كافة، وعمل قادر على تأدية ذلك بدون استسهال، فصناعة عمل ذي جودة، ويعمل تشويقا ليس بالأمر السهل، ومهما كان جيدا قد يقع في مشكلة الملل والتطويل والخطوط الفرعية الكثيرة من أجل استيفاء شرط الـ30 حلقة، وفق محسن.
ويلفت محسن إلى أنه من الحلول السهلة هي فكرة الكتابة بإيجاد مهمة في العمل في أحداث توزع على حلقات منفصلة، فالاستغناء عن حلقة معينة بدون أن تضر بسير الأحداث الأخرى، فكل حلقة تحمل حدثا مختلفا.
الوقت عدو المؤلف
مؤلفو المسلسلات يقعون في فخ واحد وهو عدوهم الأول “الوقت”، وهذا يعني توقيت العرض والبدء بالتصوير وغيره، وفقا للسيناريست الكاتبة مريم نعوم.
نعوم التي نجحت بتحويل كثير من الأعمال الأدبية في المواسم الماضية لمسلسلات حققت نجاحا كبيرة من 30 حلقة، مثل “موجة حارة” المأخوذ عن رواية “منخفض الهند الموسمي” للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، و”بنت اسمها ذات” عن رواية لـ”صنع الله إبراهيم”، ثم “سجن النسا” المستوحى من مسرحية للكاتبة فتحية العسال.
فضلا عن أعمال كتبت مباشرة للتلفزيون مثل “تحت السيطرة” الذي ناقش مشكلة الإدمان وقضية التعافي من الإدمان، و”بالشمع الأحمر”، “جمع مؤنث سالم”،” سجن النسا”، “ذات”، و”تحت الغروب”، “سقوط حر”، “أبو عمر المصري”، “زي الشمس” وآخرها “ليه لأ” الذي سيبدأ عرضه نهاية الأسبوع.
وتقول نعوم، في تصريح لـ”الغد”، إن العوامل التي تحدد مدة المسلسل بين 30 حلقة أو أقصر ارتبطت لفترة زمنية بعوامل إنتاجية تفرض على الكاتب أكثر منها فنية.
وتضيف “في الأعوام الأخيرة فتحت المنصات الالكترونية أبوابها لإنتاج مسلسلات قصيرة يتم تحديد حلقاتها وفقا لقصة العمل ومسار الأحداث والشخصيات”.
وتحدد مدة الحلقة، بحسب نعوم، من قبل الجهة العرض، وتكلفة الإنتاج التي يتم إعلام الكاتب بها للتلفزيون، وهنا بدأ التفكير في إنتاج مسلسل بعدد حلقات مختلف، سواء 8 أو 10 أو 4 حلقات، والمعيار هنا له علاقة بالقصة وبالتكلفة الإنتاجية.
ومع وجود تجارب ناجحة في إنتاج مسلسلات من 15 حلقة وحتى أقل، فإن موسم العرض الرمضاني يرتبط بطبيعة المحتوى لا كمية النوعية والجودة، عوامل أهم من طول المدة، وفق نعوم.
وتضيف “إلا أن الإعلان والطرح يمثلان فرصة لتحقيق أرباح عالية بناء على أنه موسم قوي للقوة الشرائية، ولأن رمضان 30 يوما، فالطبيعي أن يقدم للجمهور مسلسل من 30 حلقة لأنه الرقم الأكثر تحقيقا للأهداف الإنتاجية والإعلانية والتسويقية”.
وتوضح “حين لا يأخذ الكاتب الوقت الكافي لكتابة الحلقات ينجم عنه ضعف فني ويرافقه عدم وجود وقت كافٍ للمخرج للتصوير، لأنهم يرزحون تحت ضغط التصوير بعجلة مع بقية الفريق من ممثلين وغيرهم”.
وهذا ينطوي عليه عرض العمل، والجميع ما يزال لم ينته من تنفيذه، ما يتيح التقاط أخطاء المط والتطويل ومشاكل فنية وتقنية أخرى كان يمكن تفاديها لو أتيح لهم الوقت.
ولكن لكي تخرج من فخ الملل والترابط بين الشخصيات، تقول نعوم “يحتاج الكاتب لخلق الكثير من الحبكات الفرعية التي تأخذ الشخصيات إلى عوالم متنوعة تكسر الملل”، مبينة “فالحبكات والشخصيات الفرعية ليس الهدف منها إضافة المزيد من الأحداث فقط، ولكن دعم الحبكة الرئيسية”. وتضيف “فالحبكات الفرعية قد يكون دورها عرقلة رحلة البطل، وبالتالي خلق صراع، أو دعم البطل وخلق جدل، وغيرها من الأسباب التي تجعل الحبكات الفرعية نقاط قوة وليست نقاط ضعف طالما تم توظيفها كما ينبغي، أما ما يجعل المسلسل وحدة متماسكة فهو وجود حدث مهم في كل حلقة”.
الإنتاج.. عامل السيطرة
المسلسل المكون من 30 حلقة يقع تقريبا في 22 ساعة ونصف بواقع 45 دقيقة لكل حلقة، تتخللها إعلانات وتتر، واليوم السمة الغالبة لكل المسلسلات 40 دقيقة بواقع 20 ساعة للعمل بأكمله، ومع تأخر وقت التصوير وزيادة حجم الإعلانات قلت مدة المسلسل لتصبح 35 دقيقة، وأحيانا 25 دقيقة أو حتى 20 دقيقة، ما يعني أن 30 حلقة أصبحت 15 حلقة.
ولأن غالبية السيناريوهات تكتب بمنطق حلقة بين 35 و40 دقيقة، تليها عمليات التصوير التي تقع تحت الضغط والتأخير، فينتهي بهم المطاف بالحذف وإلغاء مشاهد وتغيير في الديكورات، وتترهل عملية الإنتاج.
فالنهايات في بعض الأعمال ليست هي نفسها التي حصلت في السيناريو، لكنها كانت ضحية العملية الإنتاجية بدءا من التأخر في التصوير ومباشرته قبل اكتمال النص وصولا لما يريده المنتج، ليحصل على عمله كما يريد.
وهذا الأمر يتم في المونتاج وبناء على المادة المصورة التي تحدد نهاية الحلقة، وليس كما يريد المؤلف أو المخرج خلال كتابتهم الحلقات، وهذا بالطبع يرتبط أيضا بوقت الحلقة التي تم الاتفاق عليها سابقا، وظروف التصوير واحتياجاته، وظروف فنية ولوجستية كلها ذات تكلفة.
وفي انتظار مواسم درامية أخرى، وسيبقى العامل الأساسي المهم هو أن تتسم المسلسلات بوحدة درامية متقنة، تتصاعد فيها الأحداث بالتوازي مع شخصياتها، لتصب في الحدث العام حتى النهاية، ولترضي الأطراف كافة.