عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Apr-2019

عامان على تأسيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر: صناعة جمهورية الصوت الواحد

 

القاهرة ـ «القدس العربي»: عامان مرا على تأسيس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، في مصر، بهدف «خلق جمهورية الصوت الواحد في الإعلام»، وفق ما أكدت مؤسسة «المرصد المصري للصحافة والإعلام»، في تقرير لها، أمس الإثنين، مشيرة إلى أن المجلس «يمثل خطرًا يهدد مهنية واستقلالية وسائل الإعلام، على عدد من المستويات، وقد خلقته السلطة التنفيذية لتستطيع من خلاله السيطرة على وسائل الإعلام، ووفرت له غطاءً شرعيًا يعمل من خلاله في سبيل تحقيق هدف وحيد وهو السيطرة على وسائل الإعلام وتأميم محتواها لصالح الفصيل السياسي الحاكم».
وحسب التقرير: «خلال عامين منذ إنشائه أصدر المجلس الأعلى للإعلام 86 قرارًا بعقوبات مختلفة على وسائل الإعلام والعاملين بها، ما يمثل مؤشرا يدق ناقوس خطر يستدعي من جميع الكيانات والمؤسسات التي تدافع عن حرية الرأي والتعبير، سرعة التصدي لسلوك المجلس، والضغط عليه بكافة الطرق القانونية والمشروعة لإلزامه بالدور الذي يكفله له الدستور، وهو حماية حرية الرأي والفكر والتعبير وضمان استقلال الإعلام، والبحث في مصادر تمويل تلك المؤسسات ومنع احتكارها».
وأشارت المؤسسة إلى أن «تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام اقتصر على تمثيل طفيف لنقابتي الصحافيين والإعلاميين، حيث تم تقليص أعدادهم من أربعة أعضاء إلى عضوين فقط، كما تم تقليص عدد ذوي الخبرات الذين يرشحهم مجلس النواب من عضوين إلى عضو واحد، وبهذا التشكيل ظل رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) له اليد العليا في تشكيل المجلس».
وتابعت: «لا شك أن هذا التشكيل ينذر بتوغل السلطة التنفيذية في التنظيم الحاكم لحرية الصحافة والإعلام في مصر، ما يجعل المجلس في أحضان السلطة التنفيذية، ويفتح الباب نحو تمكين السلطة التنفيذية من وسائل الإعلام للتحكم فيما يبث وينشر عن طريق فرض سياسة موحدة عليها، وهو أمر يهدد مبادئ الديمقراطية والاستقلالية والفصل بين السلطات، ويكرس للحالة الفردية التي تعتمد تهميش الصحافيين والإعلاميين في إجراء أي نقاشات حول القرارات والسياسات التي يتبناها المجلس الأعلى للإعلام».
وزادت : «كما يؤدي هذا التشكيل إلى خلق جمهورية الصوت الواحد، وتقييد حرية الرأي والتعبير وخنق المجال الإعلامي، ويفتح الباب نحو غلق المساحات الإعلامية أمام المعارضين والمخالفين لسياسات الحكومة المصرية، ما يهدد مبدأ التعددية السياسية، ويهدم حرية الصحافة والطباعة والنشر».
 
مؤسسة حقوقية أكدت أنه أصدر 86 عقوبة… والسيسي يمتلك اليد العليا في تشكيله
 
وأشار التقرير إلى إصدار المجلس، تأكيدًا لتلك الاختصاصات في 18 مارس/ اذار الماضي، لائحة الجزاءات والتدابير التي يقوم بتوقيعها على المؤسسات الإعلامية بما فيها الحسابات الشخصية التي يتجاوز عدد متابعيها 5000 شخص».
وأوضح أن «أغلب مواد هذه اللائحة منهجية تهدف إلى التضييق على حرية الرأي والتعبير وخنق المجال الإعلامي، وغلق المساحات الإعلامية أمام المعارضين والمخالفين لسياسات الحكومة المصرية، وتوسعت كذلك في تطبيق اختصاصات المجلس حيث منحت اللائحة في حالات الضرورة سلطة مطلقة لرئيس المجلس لإصدار أو إلغاء أي جزاء أو تدبير بحق الوسيلة الإعلامية دون عرضها على المجلس للموافقة».
 
حق التأديب والعقاب
 
ووفق المؤسسة «ضمت اللائحة العديد من الاختصاصات للمجلس الأعلى للإعلام، فمنحت سلطة التحقيق وتوقيع العقوبة والجزاء بحق الصحافيين والإعلاميين إلى المجلس دون وضع أي اعتبار للنقابات المهنية وأحقيتها في تأديب أعضائها، وبالتالي، فقد حولت تلك المواد اختصاص المجلس من تقديم الشكاوى إلى النقابات المختصة إلى حق التأديب والعقاب، كما تغولت اللائحة على عدد من اختصاصات السلطة القضائية ففرضت عقوبات جنائية على أفعال محلها قانون العقوبات وحاكمها القضاء المصري».
وأكد التقرير أنه «حتى صدور لائحة جزاءات الأعلى للإعلام، لم تكن الخلافات بين نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ظاهرة على السطح، ويرجع ذلك إلى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لم يتخذ الكثير من الإجراءات المباشرة ضد الصحافيين، وكان يكتفي بتحويل الصحافيين إلى التحقيق في النقابة فيما يخص المخالفات المهنية، بالإضافة إلى أن قرار المجلس ضد الصحافة الورقية بحظر النشر في قضية 75357 الصادر بتاريخ الرابع من يوليو / تموز، سرعان ما أبطله قرار للنائب العام باستدعاء مكرم محمد أحمد، للمثول للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة بشأن تعديه على اختصاصات السلطة القضائية».
وأضاف: «كرس وجود عبد المحسن سلامة، النقيب السابق للصحافيين المصريين القريب من مؤسسات الدولة، حالة الصمت المعلن بين المجلس الأعلى للإعلام، ونقابة الصحافيين، وسارت الأمور بهدوء وسلام بين المؤسستين، لم يعكر صفوها إلا بعض التصريحات من جانب عدد من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين الموالين لتيار الاستقلال في النقابة، منتقدين قرارات المجلس والتوسع والتعسف في استخدام صلاحياته»
ولكن، طبقاً للتقرير «جاء مشروع لائحة الجزاءات الخاصة في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في ديسمر/ كانون الأول 2018، واعتماد صيغتها النهائية في مارس/ آذار الماضي، ليكسر حالة الصمت الوهمي الهشة بين النقابة والمجلس، لتتخذ نقابة الصحافيين مواقف حادة ضد لائحة الجزاءات المعيبة على مستوى رسمي، عن طريق بيان من نقيب الصحافيين، ضياء رشوان، أعلن فيه أن النقابة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد اللائحة، كما رفض جانب كبير من أعضاء المجلس لائحة المجلس الأعلى للإعلام جملة وتفصيلالما فيها من خروقات مهنية وتعدٍ على اختصاصات النقابات والسلطة القضائية، وشبهة عدم الدستورية لعدد من المواد، بالإضافة إلى العقوبات الغليظة التي أقرها المجلس في لائحته».
 
استغلال الألفاظ المطاطة
 
وأكدت المؤسسة في تقريرها على أن «المجلس الأعلى للإعلام سعى منذ البداية لتأكيد سطوته على وسائل الإعلام والعاملين بها، ولم يترك الباب مفتوحًا لفتح النقاشات حول ماهية اختصاصاته وحدود صلاحياته، وبعدما انتهى من معركة الصلاحيات شرع في تنفيذ الإجراءات العقابية والتعسفية بحق وسائل الإعلام مستغلاالألفاظ المطاطة والمصطلحات الواسعة التي تمتاز بها اختصاصاته، بجانب وجود إرادة سياسية وفرت له غطاء شرعيا يعمل من خلاله في سبيل تحقيق هدف وحيد وهو السيطرة على وسائل الإعلام وتأميم محتواها لصالح الفصيل السياسي الحاكم».
وتابعت: «هذا الهدف الذي لم يتهاون المجلس في تحقيقه عن طريق تنفيذ القرارات العقابية، والكيل بمكيالين في إصدارها وترجيح الكفة لصالح الإعلاميين المقربين والمروجين لسياسات الدولة، بالتوازي مع مطالبته الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية، وكذلك القنوات الفضائية بتطبيق المعايير الأخلاقية والمهنية التي يراها المجلس عند تناول القضايا والأخبار، ما يؤدي إلى خلق نمط إعلامي موحد».