عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Dec-2019

عربة أبو مالك لبيع الترمس والذرة تعج بحكايات المكان

 

أحمد الشوابكة
 
مادبا-الغد - على مدى أكثر من ثلاثين عاما وبائع “الذرة والترمس” الخمسيني خليل سليم طويطع، يجر عربته في شوارع وحارات مدينة مادبا، يتنقل من رصيف إلى آخر، يحمل بها بابا من أبواب الرزق، يشتري منه المارة، قليلاً أو كثيراً من “الترمس” أو الذرة المسلوقة، وتراه يجيد فن الإقناع مع شرائح المجتمع كافة، بأهمية “الترمس والذرة” الطبية والصحية.
ينبئك صوت طقطقات ملقط الحديد المقبل من بعيد بأن بائع الذرة المسلوقة والترمس “أبو مالك” قد وصل.
ما تزال شوارع وحارات مدينة مادبا تعج بالناس، الذين يحملون ذكرياتهم مع عربته، مع هذا المكافح الذي أمضى في هذه المهنة ما يزيد على ثلاثين عاما ثابتا في أرصفة شوارع المدينة مادبا، لا بد أن يتذوق المتحابون والأطفال ما لديه، لأنه الثابت في الزمان، المصمم على العيش والبقاء، الجميع يحبون “أبو مالك” البالغ من العمر خمسين عاما، ولديه أسرة كبيرة استرزق لقمة عيشها من هذه المهنة، ويشكل رمز هذه السلعة التي بدأها منذ ثلاثين عاما، واكبته كثير من الأحداث التي مرت في هذا العمل، وبالتحديد في بداية منتصف التسعينيات؛ حيث كان يعج بحركة ناس المدينة الأحلى والأجمل “مادبا”، تلك التي وصفها بـ”الحالمة” بتاريخها وحضارتها العريقة، ستبقى مادبا وشوارعها عالقة في أذهانه، وسيبقى أناسها الأغلى، الذين تعلم منهم التآخي، والترابط الاجتماعي، ولم يشعر بأنه أقل منهم قدرا، ورغم المتغيرات المستمرة التي تطرأ، إلا أنهم هكذا أبناء مادبا أوفياء، علموا أطفالهم كيف يتعاملون معه بالأسلوب نفسه، عندما يأتي طفل مار مع والديه يتوجه إلى عربته التي يسوقها تارة، وتارة يقف على قارعة الطريق، ليطلب منه ذلك الطفل أن يملأ له كيسا من النايلون “ترمس”، أو حبة “ذرة مغلية” ويقوم بتقطيعها وفق ذوقه، بعد أن يعطيه الكيس، يقوم بتقديم الشكر له ويرفع يده، يشعر بالسعادة لمثل هذه المواقف الجميلة، معتبراً أهل مدينة مادبا طيبين في معاملتهم.
ثلاثون عاما أو أكثر، يجول في أرجاء المدينة، لكنه لم يلبث قليلا، إلا والحنين يسوقه إلى شوارع وحواري وأزقة المدينة التي أصبحت جزءا من حياته.
يقف خلف عربته يراقب المارة الذي يلقون عليه التحية كل واحد منهم على طريقته الخاصة، كما ينتابه إحساس بالدفء والأمان بوقوفه في هذا المكان الذي يحمل عبق وتاريخ هذه المدينة.
أبو مالك لديه ستة أولاد، بالإضافة إلى زوجته التي تحملت معه الحياة بقسوتها، وحلاوتها، يأمل أن يتحقق حلمه الذي يراوده في أن يدخل أبناؤه الجامعة.
هكذا هو أبو مالك الإنسان المكافح والمثابر، الذي كسر كل الحواجز ومعه عربته، التي رافقته طوال السنين التي خلت، ماض عالق في الأذهان، وسيجارته التي يعج عليها، أثناء استراحته.