عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-May-2020

الروائية لما سخنيني: أزمة “كورونا” جعلتني أكثر تقديرا لنعمة العلاقات الإنسانية

 

عزيزة علي
 
عمان-الغد-  تجربة الحظر وصوت صافرة الإنذار ومنع التجول، تجربة عايشتها الروائية والقاصة والمترجمة د.لمى سخنيني في الأردن، تقول: “عندما سمعت صافرة الإنذار لأول مرة لا شعورياً أردت البحث عن ملجأ أختبئ فيه إلى حين انتهاء الغارة، فألف ذكرى من ألف حرب هرولت إلى عقلي”.
تتابع: “كنت في بيت أختي وقتها فكان طبيعياً أن أهرع إليها وأحتضنها كما كنت أفعل أثناء القصف العنيف في بيروت عندما كنا طفلتين، ولكن في زمن الكورونا ممنوع ويجب أن أتذكر هذا جيداً، المسافة الاجتماعية وكل هذا، نظرت في عينيها فقط وشعرت بعجزي وعجزها”.
وسخنيني التي كانت في زيارة للأردن عندما حصلت جائحة كورونا بينما أسرتها موزعة في دول عدة، زوجها في البحرين وأبناؤها في دول أوروبية، إلا أنها تشير إلى أنه رغم الحظر ورغم القلب الموزع بين أنحاء العالم المتعددة، ورغم ذلك الشعور المفاجئ بعدم الأهمية، وبالإخفاق لعدم القدرة على مساعدة الآخرين المنكوبين، إلا أنها عاشت تجربة جميلة مع أختها؛ إذ تقول: “لأول مرة منذ أن تزوجت وتركت بيت أهلي كان لنا مثل هذه الفرصة من فسحة في الوقت لنتبادل الحديث بسلاسة وعدم استعجال ونسترجع قصص الطفولة المرحة”. وتضيف سخنيني: “هذه التجربة جعلتني أقدر نعمة العلاقات الإنسانية الدافئة، فهي الأغلى في هذا العالم سريع الوتيرة، وقد اعتدنا أن نتجاهل هذه العلاقات ومدى حاجتنا لها في ظل انشغالاتنا المتعددة في أعمالنا وحياتنا اليومية”.
وتصف سخنيني تجربة العودة للبحرين وحالة الخوف والهلع التي عايشتها هي والمسافرون؛ حيث سيطر عليهم الخوف من لمس أي شيء، وكان المطار معتماً ومرعباً والطائرة كئيبة، اختفت منها فرحة السفر، تقول: “عندما وصلت إلى البحرين استقبلنا موظفو المطار، وبالرغم من الترحيب الحار من الطاقم الطبي، فنحن العائدون لبيوتنا، إلا أن الأقنعة أخفت الابتسامات المرحبة، عُقمت أشياؤنا وحقائبنا على باب الطائرة، وتم اقتيادنا إلى خيمة لإجراء فحص الكورونا علينا جميعاً”، مشيرة إلى أن زوجها كان ينتظرها على بوابة المطار.
أما العالم ما بعد فيروس كورونا، فترى سخنيني أنه سؤال كبير حول هو ما مقدار التغيير المجتمعي الذي ستتركه هذه الجائحة في أعقابها، فهي لن تخوض في التغييرات الاقتصادية، تقول: “سأترك الموضوع لذوي الاختصاص، ولكن هل نحن في خضم تحول هائل محتمل للمجتمع؟ أم أننا نعاني من صدمة شديدة ستغير مجتمعنا على المدى القصير، ولكنها ستتركه بشكل أساسي سليماً؟”.
هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات فلسفية افتراضية، كما تقول سخنيني، وقد نعتمد على تجارب مجتمعاتنا في الماضي وإن لم تكن تجارب مشابهة تماماً، فهذه الأزمة تؤثر على العالم بأسره وعلى جميع طبقات المجتمع وعلى المراحل العمرية المختلفة.
وعن الظواهر التي ظهرت أثناء هذا الفيروس، فتشير سخنيني إلى “ظهور الهوة الاجتماعية بشكل واضح؛ حيث كشفت عن إهمال وتجاهل طال بعض العاملين في مجال الصحة العامة، وعمال السوبر ماركت، وجامعي النفايات، وخدمات الطوارئ، وكانت المفاجأة أن الذين يتنقلون عادة في شوارع العواصم المكتظة -أعني المستثمرين الماليين والمديرين التنفيذيين للأعمال ومديري الشركات الكبرى- لا يقدمون في الواقع قيمة اجتماعية، خاصة أثناء الوباء”.
وترى سخنيني أن “عمال الخط الأمامي الجدد هم الآن العمود الفقري الاجتماعي للمجتمع الذي يقدم الدعم لمعظم كبار السن والمحتاجين والمرضى، ويتنقلون بين البيوت لتوفير الضروريات اليومية، فقد أثبت هؤلاء العمال الذين عاشوا طويلاً على هامش المجتمع سرعة تأثيرهم الاجتماعي الهائل على تجربتنا المعيشية بالرغم من أنهم لم يكونوا مرئيين”.