نحو أجندة نووية مُربكة لإسرائيل: الدورة السادسة لمؤتمر ME WMDFZ ومؤتمر مراجعة NPT*د. عادل الحواتمة
الراي
بعد الإعلان عن المُبادرة في ستينيات القرن الماضي من قبل مصر وإيران، وتبنيها من قبل الأمم المتحدة 1990 بدعم مصري، سيعُقد المؤتمر السادس حول إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط في تشرين الثاني هذا العام في مقر الأمم المتحدة برئاسة مُمثل المملكة المغربية. لقد كان للأردن دور محوري في تبني تجسيد المبادرة من خلال عقد المؤتمرات الدورية السنوية والانتقال لفكرة الجِدية والتأسيس بعد أن ترأس أول مؤتمر في 2019.
يهدف المؤتمر إلى التحول نحو اتفاقية، والوصول للهدف النهائي بأن يكون الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى كالكيميائية والبيولوجية. وعادة ما تشارك 20-22 دولة، ودائمًا ما يغيب الكيان الصهيوني، وتحضر أربع دول لها مركز المراقب: روسيا، وبريطانيا، والصين، وفرنسا، وتمثيل ثلاث منظمات ذات علاقة: الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ووحدة دعم تنفيذ اتفاقية الأسلحة البيولوجية.
إذا كانت حدود مفهوم الشرق الأوسط الوارد بالمُبادرة هي تلك التي اُستخدمت سياسيًا في مبدأ آيزنهاور في خمسينيات القرن الماضي والمتعلقة بأزمة السويس، فإن فرص التأثير، وربما النجاح ستكون أكبر؛ لأن وجود باكستان والهند قد يُعّقد مجريات سير المؤتمر ليُصبح معاهدة كما هي أمه الكُبرى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية 1970، وبالتالي فإن تحقيق ذلك الهدف النهائي يستوجب: أولًا، التخلص من الترسانة النووية الإسرائيلية، وربما غيرها من الأسلحة البيولوجية والكيميائية التي تمتلكها إسرائيل؛ وثانيًا، التزام باقي الدول بعدم السعّ? لامتلاك أسلحة الدمار الشامل. ولا يعني هذا عدم تبني البرامج النووية للأغراض السلمّية بإشراف تام للوكالة كما هو حال الأردن، والإمارات، والسعودية ومصر. وبالرغم من بعض الغموض الذي يكتنف البرنامج النووي الإيراني، إلا أنه لا يُمكن أن يقارن بالبرنامج النووي الإسرائيلي؛ فطهران عضو في المعاهدة، وقد صادقت على البروتوكول الإضافي لمعاهدة منع الانتشار النووي، والذي فرض رقابة صارمة على برنامجها، حيث انتهى بها المطاف لتوقيع الاتفاق النووي 2015 والذي قيّد تخصيب اليورانيوم والتفاصيل الأخرى معلومة لدى كثيرين.
لقد ناقش المؤتمر في دورته الخامسة العام الماضي برئاسة ليبيا، وبحضور ٢٢ دولة: التأكيد على أهمية هذا المؤتمر والذي تبنته معاهدة عدم الانتشار في 1995؛ والتعبير عن الأسف للإخفاقات التي طبعت مراجعة معاهدة عدم الانتشار في مؤتمرات 2015 و2022، حيث يجري كل خمسة أعوام مراجعة دورية للمعاهدة؛ والحق غير القابل للتصرف للدول الأعضاء في استخدام الطاقة النووية والكيميائية والبيولوجية للأغراض السلمّية؛ وناقشوا أيضًا جهود «فريق العمل» الذي أنشأه مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار 2022 بما في ذلك فهرس قائمة المواضيع ومناقشات ال?واضيع السابقة، متضمنًا ذلك التحقق النووي، والاستخدامات السلمية، والتعاون التقني، والاجتماع الإقليمي في الدوحة؛ كما وأدان المؤتمر أيضًا الحرب الجارية على غزة، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول استخدام السلاح النووي ضد غزة وإيران، وغير ذلك من المواضيع المُهمة.
هنالك فرصتان سانحتان لاستثمارهما ضد إسرائيل: مؤتمر مراجعة معاهدة الانتشار في العام القادم 2026 والمؤتمر السادس لـ إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط هذا العام. وهذا الاستثمار يتطلب لغة مُختلفة باتجاهين–إسرائيلي وغربي. كما يتطلب أيضًا العمل العربي المُشترك الجاد والمُكثف في البناء على الاجتماع الإقليمي الذي عُقد في الدوحة، والمفيد في هذا هو قرب المُناسبتين وبالتالي تماسك وحيوية أكبر في العمل المؤثر، حيث سيعقد مؤتمر مراجعة المعاهدة اللاحق في 2031. تنبع الأهمية من ضرورة الضغط على إسرائيل?وتدجينها مستقبلًا قبل التفكير في شن حروب أخرى على مناطق فلسطينية أو لبنانية أو حتى الاعتداءات المُتكررة على سوريا، وأيضًا تسليط «سيف ديموقليدس» حول عنق تل أبيب من خلال إعادة فتح الملف النووي للمناقشة الجادة في كل مناسبة، وفرض العقوبات، وإن لم يحقق ذلك أهدافًا جوهرية، فعلى الأقل فإن هذا سَيربك إسرائيل، ويدفعها صاغرة مُنّكَسة لتبني سياسات أقل عدوانية في العالم العربي.