عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Apr-2020

يكافحون الكورونا ويكافحون بعضهم بعضا - بقلم: تسفي برئيل

 

هآرتس
 
إعلان حرس الثورة الايراني عن اطلاق ناجح لقمر صناعي عسكري الى القضاء بعد ثلاث محاولات فاشلة، تنافس في هذا الاسبوع مع نبأ فتح الحوانيت. يصعب قياس درجة السعادة بسبب هذا الانجاز التكنولوجي، في حين كان من الاسهل مشاهدة شوارع طهران عن طريق الافلام والصور وهي تعج بالجمهور وكذلك اصحاب الحوانيت الذين تنفسوا الصعداء بعد فترة طويلة من الاغلاق. ايران تحاول العودة بحذر الى الحياة الطبيعية، وهي تسجل انخفاض في عدد الوفيات والمصابين في اليوم. البيان الاجمالي اليوم يبلغ 5 آلاف حالة وفاة ونحو 85 ألف مصاب.
ولكن بالضبط قسم الابحاث في البرلمان الايراني قال إن البيانات الحقيقية هي ضعف البيانات التي نشرت. رئيس بلدية طهران يطالب النظام بأن يعرض بصورة منفصلة بيانات المصابين في العاصمة ولا يضمها الى البيانات القطرية. لأنه حسب رأيه طهران مصابة أكثر بكثير من اجزاء الدولة الاخرى. وقرار فتح الحوانيت، بناء على ذلك، يمكن أن يؤدي الى اصابة أكبر في مدينته وأن يعرض للخطر مواطنين أكثر بكثير مما هو في مدن اخرى. ولكن عندما يقف النظام في مواجهة ازمة اقتصادية شديدة، وحسب المتحدث بلسان الحكومة، علي ربيعي، فان نحو 7 ملايين عامل ومستقل تضرروا اقتصاديا بسبب الكورونا، فان من الحيوي اظهار وجود سيطرة على تفشي الوباء وعرض بيانات متفائلة من اجل تجديد نشاط الاقتصاد.
مثلما في كثير من دول المنطقة، فان البيانات هي سر كبير وكأن الامر يتعلق بمعلومات استخبارية ثمينة. ومثلما في اسرائيل وفي الدول الغربية فان قرار العودة الى الحياة الطبيعية أو “استراتيجية الخروج” خاضع لقرارات سياسية واقتصادية. من هنا، حيث توقيت قرار اطلاق قمر صناعي الى الفضاء الآن بالضبط، والحديث عن اعطاء طائرات عسكرية بدون طيار من انتاج ذاتي لسلطات الجيش، يريد القول للجمهور وللعالم بأن ايران تواصل حياتها كالمعتاد.
ولكن روتين الحياة اليومي هو الامر الاخير الذي يميز في هذه الاثناء ايران. داخل الحكومة تجري مؤخرا مواجهة بين الرئيس حسن روحاني وبين حرس الثورة ووزارة العدل على الطريقة التي فيها انفقت الحكومة مليارات الدولارات التي خصصت لشراء السلع الاساسية. حسب تقرير مكتب المراقب المالي فقد “اختفت” 4.8 مليار دولار من المخصصات للمستوردين والتي بيعت لهم حسب السعر الرسمي المنخفض كثيرا عن سعر الدولار في السوق الحرة. التقرير يظهر من ضمن امور اخرى بأن هذه الاموال اعطيت، لكن البضائع لم تستورد، وأن اموالا كثيرة حولت الى مستوردي السيارات الفاخرة خلافا للتعليمات دون أن يقدم أي أحد تقريرا عن ذلك. روحاني الذي يعتبر هذا التقرير نية مسبقة للمس به وبحكومته، طلب معرفة لماذا لا يفحص المراقب السلوك المالي لحرس الثورة ووزارة العدل والجيش. في البرلمان الايراني بدأ الجناح المحافظ بحملة اتهامات ضد سلوك الحكومة في فترة ازمة الكورونا، لأنها ترددت في تطبيق سياسة الاغلاق والعزل في مراكز الوباء، ولأنها لم تتزود مسبقا بمعدات الحماية وأجهزة الفحص. والآن لأنها تسارع الى فتح الحوانيت وتخاطر بتفشي جديد للوباء.
من اجل الرد على هذه الادعاءات نشر هذا الاسبوع موقع “مهر” الايراني قائمة طويلة من الخطوات التي اتبعتها الحكومة لمكافحة الفيروس، في بعضها ذكر بالتفصيل وحسب التاريخ القرارات التي اتخذتها الحكومة لإغلاق المطارات والحدود، واغلاق المدارس والجامعات، وتقييد الحركة بين المدن ومنع الحج الى الاماكن المقدسة. وأيضا برنامج المساعدة الاقتصادية الذي تم تنسيقه مع البنك المركزي. تقارير اخرى تتحدث عن أن روحاني أيد الحصول على مساعدات من الولايات المتحدة ومن أي دولة اخرى توافق على مساعدة ايران، لكن حرس الثورة والزعيم الاعلى وضعا فيتو على المساعدات الامريكية. وقائد حرس الثورة اقترح بصورة ساخرة تقديم المساعدة للولايات المتحدة.
هذا الاسبوع عرض قائد حرس الثورة، حسين سلامي “اختراع” جديد من انتاج خبراء الثورة، وهو جهاز يمكنه اكتشاف اصابة شخص بالفيروس عن بعد 100 متر. العرض الذي تم بثه في التلفزيون الرسمي آثار المزيد من المواجهة بين حرس الثورة والحكومة، عندما هاجم المتحدث باسم وزارة الصحة قناة التلفاز لأنها تبث اعلانات دعائية على شكل اختراعات طبية. “إن جدوى الجهاز لم يتم اثباتها، وهو لم يحصل على مصادقة وزارة الصحة”، قال المتحدث، لكن حرس الثورة، ليس للمرة الاولى، تمكنوا من جني مكاسب سياسية صغيرة، وبالاساس اظهار قدرات البحث لديهم ازاء عجز الحكومة. بالمناسبة، اختراعات سابقة لحرس الثورة مثل كمامات خاصة واجهزة تنفس، تم اهمالها لفترة قصيرة بعد لحظة من نشرها بسبب عدم مناسبتها.
المراوحة بين ضرورة كبح تفشي الكورونا وبين الحاجة الى اعادة الاقتصاد الى النشاط ومساعدة القطاعات التي تضررت بسبب التوقف، تجبر ايران على ايجاد قنوات تمويل جديدة تشمل ضمن امور اخرى، اطلاق اليد الى صندوق الاحتياط الوطني واخراج مليار دولار منه. هذا “صندوق مقدس” تم ضخ فوائض الارباح التي جاءت من الفروق بين مداخيل النفط وميزانية نفقات الدولة، اليه خلال سنوات. وظيفته هو ضمان بقاء ايران في المستقبل وليس تمويل الحاجات الجارية التي يجب أن تمولها المداخيل من الضرائب والتصدير.
للمرة الاولى منذ ستين سنة، ايران ايضا قدمت طلب للحصول على قرض، لصندوق النقد الدولي، بمبلغ 5 مليارات دولار،حيث المصادقة عليه مرهونة بموافقة اميركية ما زال اعطاؤها غير واضح حتى الآن رغم الضغوط المستخدمة على واشنطن من الدول الاوروبية واعضاء في الكونغرس. اضافة الى ذلك، ايران تدير الآن مفاوضات مع الدول الاوروبية حول توسيع نظام استخدام العقوبات الامريكية الذي بدأ في هذا الشهر بصفقتين لبيع الادوية. ولكن ايضا اذا تحققت خطوط التمويل هذه فان ايران حتى الآن ستقف امام رزمة احتياجات ضخمة بعشرات مليارات الدولارات، التي ميزانية الدولة غير مستعدة لها. التقدير هو أنه يوجد لإيران احتياطي ضخم في صناديق سرية مسؤول عنها الزعيم الاعلى علي خامنئي وحرس الثورة. ولكن السؤال هو هل سيقرر المس بها من اجل مساعدة الحكومة على ادارة الدولة أم أنه سيفضل قضم المزيد من صندوق الاحتياط الوطني الذي افراغه لا يمس بجيبه وبمقربيه.
الضغوط الشديدة من الداخل ما تزال لا تدفع ايران الى اجراء تغيير في سياستها الخارجية، سواء بالنسبة للبرنامج النووي أو بالنسبة لتدخلها في النزاعات الاقليمي في سورية واليمن. في هذا الاسبوع جرى لقاء افتراضي ثلاثي، ايراني – روسي – تركي، لمناقشة سياسة متناسقة في سورية. تدخل ايران العميق في السياسة العراقية لم يتم تجميده في اعقاب الكورونا، ايضا القتال في اليمن الذي فيه يواصل الحوثيون والقوات السعودية الاشتباك. “ايران تحارب الآن ضد فيروسين. الاول، فيروس الكورونا. والثاني، فيروس العقوبات الاميركية”، قال في هذا الاسبوع محمد وآزي مدير مكتب الرئيس روحاني. ولكن في هاتين الجبهتين تحتاج ايران الى الدعم الدولي الذي يمكن أن يلزمها بتليين مواقفها، بالضبط في السنة التي فيها تستعد للانتخابات الرئاسية التي يتوقع اجراءها في حزيران 2021، وفي الوقت الذي فيه الصراعات والمواجهات الداخلية تدل على أن الحملة الانتخابية قد بدأت.