عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2020

مع خدمة العلم ولكن*نضال منصور

 الغد

“خدمة العلم” واجبة على كل أردني وأردنية لهذا الوطن وترابه، وبالتأكيد قرار اعادتها خطوة مقدرة للحكومة ولوزارة العمل بقيادة الوزير نضال البطاينة، ومن قبل ومن بعد للقوات المسلحة “الجيش العربي”.
لا نجادل أن خدمة العلم تعلم الشباب والشابات الانضباط، والالتزام، وقيم العمل الطوعي، وترسخ الانتماء، ولكننا نستميح الحكومة عذرا لنؤكد ان خدمة العلم حتى تحقق هدفها الأسمى يجب أن تكون إلزامية للجميع لترسيخ قيم المساواة في المجتمع، فالغني قبل الفقير عليه ان يخدم وطنه مكلفا، فيأكل الجميع من نفس الطعام، ويلبسون ذات اللباس، وينامون على أسرة متشابهة ومتماثلة تقلص الفجوات الطبقية في البلاد.
وفقا للمعايير الجديدة التي أقرت لخدمة العلم فإن من يعمل لن يؤدي خدمة العلم، والشريك في شركة لا ينطبق عليه قرار الخدمة، وكذا المتزوج، وهي غير إلزامية للإناث.
واقع الحال أن الانطباع الذي خرج به الناس أن خدمة العلم ستكون “للغلابى” الذين لم يجدوا عملا فقط، والتحاقهم بخدمة العلم كمكلفين ستوفر لهم مكافأة 100 دينار، وقد تكون بوابة لعمل محتمل بعد التدريب والتأهيل.
أدرك صعوبة إلزام الجميع بخدمة العلم وكلفتها الاقتصادية، ولكن على الاقل ألزموا الجميع ذكورا وإناثا بالتدريب العسكري لمدة 3 اشهر، وبشكل مكثف من أجل ترميم الروح القتالية وقيم الذود عن الوطن.
مطالبتي بخدمة العلم لا تنبع من صورة سلبية عن شباب وشابات هذا الجيل، وأرفض حملة التنميط والتنمر على وسائل التواصل الاجتماعي التي قدمتهم كنماذج للميوعة واللامسؤولية، فهم يبدعون في قضايا لم نكن نعرفها منذ عقود حين كانت خدمة العلم، والعالم يتغير وهم تغيروا ايضا، وخدمة العلم فرصة لصهرهم في بوتقة الوطن بتنوعه واختلافاته، مما يعزز قيم المساواة والعدالة أكثر فأكثر.
تقول الحكومة إن قرار خدمة العلم لم يتخذ على عجل، وقدم بعد دراسة معمقة، وأتمنى أن يكون كذلك، فلا تأتي حكومة جديدة فيكون أول قرار لها شطبه، واستبداله بمبادرة أخرى.
فهمي لقرار الحكومة بإعادة خدمة العلم بهذا الشكل أن الهدف الابرز عدا عن الصياغات البراقة عن تعزيز الانتماء والهوية الوطنية هو إيجاد حلول ومخارج لأزمة البطالة المتفاقمة.
الدفعة الأولى من خدمة العلم ستستوعب 5 آلاف مكلف، والثانية 15 ألفا وسيتصاعد الرقم، وما أعلن أن الأشهر الثلاثة الأولى ستخصص للتدريب العسكري المكثف من بينها اسبوعان لخدمة المجتمع، ويتبعها مساران الأول تدريب تحضيري في مواقع العمل، والثاني تدريب تقني ومهني.
تمكين الشباب وحتى الشابات بمهارات تقنية ومهنية مسألة في غاية الاهمية، والسؤال الاهم هل تتوقع الحكومة أن يفتح هذا التدريب القصير الأبواب للمكلفين على مصاريعها ليجدوا عملا، وينخرطوا بالسوق باعتبارهم عمالة ماهرة؟
خدمة العلم غاياتها ليس حل مشكلة البطالة، ومعالجة هذه الازمة المستفحلة يكون بخطوات شجاعة في تغيير فلسفة التعليم، وطرقه وادواته، ولا يتحقق بين ليلة وضحاها، وعلى الاقل نحتاج إلى 10 سنوات جدية لإعادة بناء تعليم مهني وتقني وفني، والتوقف عن الزج بالطلبة والطالبات في الجامعات بسياسات قبول عفا عنها الزمن، ليحملوا بعد سنوات شهادات تعلق على الحيطان دون عمل.
قيل الكثير عن هذه المشكلة، فالأكثرية المجتمعية للأسف تريد ان يصبح ابناؤها وبناتها اطباء ومهندسين حتى ولو جلسوا في البيوت، والسوق يحتاج ميكانيكيا ماهرا معتمدا ومعترفا به، ومعلم ادوات صحية محترفا وتثق بعمله، ودهانا، ونجارا وهكذا.
لو بادرت الحكومة بثورة في التعليم منذ الصفوف الالزامية، وفي إغلاق “دكاكين” الجامعات، وفي توجيه إلزامي للطلبة والطالبات للتعليم التقني والمهني بما يتناسب مع قدراتهم وميولهم وابداعهم لتغير الحال، ولما عشنا كارثة البطالة.
خدمة العلم ضرورية للجميع لعلها تشذب النفوس، وتعيد الاعتبار لقيم العمل المنتج بدل الاكتفاء بهجاء الفقر، والجلوس في “القهاوي” وتمضية كل الوقت في استخدام السوشيل ميديا.