عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jul-2019

ترکیا تلقت من روسیا صواریخ متطورة - برئیل تسفي
ھآرتس
في یوم الجمعة رفض البنتاغون ”حتى اشعار آخر“ ودون تفسیر التوجیھ الذي خطط لاعطائھ للمراسلین عن ھبوط الارسالیة الاولى لصواریخ اس 400 الروسیة في تركیا. في مركز ھذا الاعلان كان یتوقع طرح اسئلة حول رد امیركا المتوقع – خاصة حول العقوبات التي تنوي الادارة الامیركیة فرضھا على تركیا. ولكن حتى الآن لا یوجد للبیت الابیض أي موقف حول ذلك.
وبالأحرى فیما یتعلق بالسیاسة التي علیھ اتباعھا في علاقاتھ مع الدولة التي تستخف بطلبات
ترامب.
البنتاغون وقف على رأس المعارضین لصفقة الصواریخ، في الوقت الذي عرض فیھ التھدیدات بأن
الصفقة یمكن أن تضع أمام الولایات المتحدة وشركائھا في الناتو، ترامب أید بشكل كامل وزارة الدفاع لدیھ، بل وخرج بنفسھ بعدة تغریدات ضد شراء الصواریخ. مع ذلك واصل حتى اللحظة الاخیرة اجراء مفاوضات مكثفة مع الرئیس التركي رجب طیب اردوغان حول احتمالیة الغاء الصفقة الروسیة التي تبلغ 5.2 ملیار دولار. الاقتراحات الامیركیة التي تشمل الاستعداد لبیع صواریخ بطاریات باتریوت بدل الصواریخ الروسیة، تعاون استخباري وثیق وحتى عروض مالیة مغریة، تمت مواجھتھا بسور معارضة تركي.
بعد ذلك، كما ھو متوقع، غیر ترامب موقفھ. في اللقاء مع اردوغان في الشھر الماضي في مؤتمر
اوساكا في الیابان تطرق للرئیس التركي وكأن سلفھ، براك اوباما، خانھ عندما رفض بیعھ صواریخ
باتریوت – بل حتى أنھ اظھر تفھمھ لصفقة الشراء وكأنھا نبعت من عدم وجود البدیل. اردوغان فھم رسالة ترامب كمباركة من واشنطن، وحتى كتعھد للامتناع عن فرض العقوبات. معضلة الولایات المتحدة في ھذا الامر مركبة: العقوبات على تركیا ستعتبرھا كدولة معادیة حسب قانون العقوبات الذي تم سنھ قبل سنتین في الكونغرس. ومن شأنھا أن تختفي تماما من دائرة الدول المؤیدة للغرب (وأمیركا)، وتذھب الى دائرة النفوذ الروسي.
ولكن عدم فرض عقوبات كما یقتضي القانون أو استغلال ثغرة في القانون تمكن الرئیس من الامتناع عن فرض العقوبات بسبب المصالح الامنیة، ستجعل الادارة الامیركیة تظھر كوسیلة فارغة أمام تركیا وایران ودول عربیة اخرى. الى جانب تعریض جھاز استخبارات الناتو للخطر والمس المحتمل بالتعاون العسكري لھ مع تركیا، لأن شبكة الصواریخ الجدیدة یجب أن تكون مغذاة بالارقام السریة لتشخیص طائرات الغرب وبھذا ھي تخدم روسیا، تركیا تعطي اشارات لكل دولة في العالم بأن الولایات المتحدة لیست النمر الذي یجب الخوف منھ.
موقف تركیا یقتضي ایضا من دول اوروبا الاعضاء في الناتو أن تفحص مجددا علاقاتھا مع تركیا.
وذلك لأن الضرر الامني في الناتو یمس مباشرة بنظام دفاعھا ومبدأ التعاون بین دول الناتو. ھذه
القاعدة الاستراتیجیة تلزمھا بالانضمام الى موقف ترامب وأن تفرض على تركیا عقوبات اذا قررت واشنطن القیام بذلك. ولكن باستثناء تصریحات حادة لرئیس الناتو، فان اوروبا تصمت وتنتظر كیف سیتصرف ترامب.
حتى لو فرضت عقوبات امیركیة، فلیس ھناك أي تأكید على أن اوروبا ستنضم الیھا لأن شبكة
المصالح الاوروبیة مع تركیا مكونة من عدة طبقات وتشمل علاقات تجاریة متشعبة وواسعة، مرور النفط والغاز عبر تركیا الى اوروبا وصد موجات اللاجئین من تركیا. من ناحیة اوروبا، الامر یتعلق بمصالح وجودیة لا تقل عن التعاون العسكري في اطار الناتو. في نفس الوقت، رد امیركي مرن سیعطي لدول الاتحاد الاوروبي تبریر آخر للامتناع عن فرض عقوبات على ایران – وبھذا سیتسع الشرخ بینھا وبین واشنطن، حیث إنھ اذا كانت الولایات المتحدة لا تتعامل بجدیة مع الضرر الذي یمكن لتركیا أن تسببھ لقدرات الناتو، فلماذا على اوروبا المس بالاتفاق النووي الذي تعتبره ضمانة لابعاد التھدید النووي الاقلیمي والدولي؟ صحیح أن ھناك فرق جوھري بین العقوبات على ایران والعقوبات على تركیا، بالاساس بسبب الامكانیة الكامنة في تھدید كل واحدة منھما.
ولكن العقوبات على ایران كانت مركز للصراع من اجل الھیمنة، ومنافسة لي اذرع بین امیركا واوروبا، فان الحالة التركیة یمكن أن تستخدمھا اوروبا كذخر ضد سیاسة الولایات المتحدة.
من شأن الرد الأمیریكي أن تكون لھ تداعیات ایضا على التعاون العسكري بین دول عربیة مثل السعودیة ومصر وبین روسیا. الدولتان وقعتا على صفقات ضخمة مع روسیا، تشمل ضمن امور
اخرى، بناء مفاعلات نوویة لانتاج الكھرباء في مصر وطائرات قتالیة متطورة لجیشھا، واستعدادا
من السعودیة لشراء صواریخ ”اس 400 ”وتطویر صناعة عسكریة متقدمة، بما في ذلك صواریخ
بالستیة تساعد الصین في بنائھا (بعد ذلك روسیا یمكن أن تنضم). اذا كانت واشنطن تنوي تقیید
حریة عمل الرئیس ازاء ایران، وحتى أنھا بادرت الى سن قانون یمنع بیع السلاح لدول عربیة ودول اخرى في آسیا یمكنھا الاستنتاج أنھ من الافضل لھا تقلیص اعتمادھا على السلاح الامیركي وتنویع المزودین بدون تعریض نفسھا لخطر العقاب.
ھبوط منظومة الصواریخ في تركیا معناه أن الصفقة لا رجعة عنھا. السؤال ھو بناء على ذلك، ماذا ستحقق العقوبات على تركیا في الوقت الذي ستكون فیھ ھذه الصواریخ في الاسابیع القادمة قید
العمل، واحتمالیة اعادتھا الى روسیا أو تخزینھا ھي أمر غیر واقعي. صحیح أن تركیا خضعت في السابق لعقوبات روسیة فرضت علیھا في اعقاب اسقاط الطائرة الروسیة على اراضیھا في 2015،
ومرة اخرى خضعت لعقوبات امیركیة فرضت علیھا بعد رفضھا اطلاق سراح القس الامیركي اندرو برنسون من السجن. ولكن في الحالتین كان یجب على تركیا تلبیة شروط سھلة جدا – الاعتذار لروسیا واطلاق سراح القس الامیركي. في ھذه المرة الحدیث یدور عن صفقة تبلغ الملیارات، وتحدید الاستراتیجیة الاقلیمیة لتركیا وحتى مكانة اردوغان التي لا یتھاون فیھا.