عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Dec-2021

من أوراق المئوية: آخر المقابلات الصحفية للشريف الحسين بن علي*محمد يونس العبادي

 الراي 

تنقل لنا الوثائق الوطنية، آخر مقابلات باعث النهضة العربية الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه بتاريخ 18/9/1929م، وكان قد أجراها معه الصحفي حسن صدقي الدجاني صاحب جريدة القدس الشريف التي صدرت عام 1920 في القدس.
 
وهذه إحدى أهم الوثائق، التي تشرح دور الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه، وتوضح سبب نكبة فلسطين، كما تؤكد على موقفه طيب الله ثراه، المتمسك بالحق العربي في فلسطين.
 
ويقول صاحب المقابلة: «رست بنا الباخرة (ساردينيا) من بواخر شركة سيتمات في ميناء لارنكا صباح يوم الجمعة في16 آب 1929م، ولما كانت الباخرة ستسافر الى سيماسول وتظل في ليماسول لغاية الساعة التاسعة ليلاً رأيت من واجبي أن أنتهز هذه الفرصة وأزور صاحب الجلالة الحسين بن علي, فركبت السيارة من لارنكا الى نيقوسيا وهي تبعد ساعة عنها».
 
ويصف رؤيته للشريف الحسين، بقوله"رأيت جلالته جالساً على مقعد أمام نافذة وبيده كتاب يطالعه فوقع بصر جلالته على مقرع الجرس الذي أمامه وأمر الحاجب بادخالي قبل أن أصل الى باب قصر جلالته فأستاذنت بالدخول فقبلت يديه وأبى إلا أن يقوم عن مقعده رغم اصراري أن يظل في راحة ثم أمرني بالجلوس،فجلست أمام جلالته ثم بدأ بالكلام،وقال: إني لعاجز عن شكرك يا بني لتحملك المشاق في سبيل زيارتي في هذه البلاد غير أنكم معشر الفلسطينين قوم كرام تبرهنون في كل فرصة على كمالات أخلاقكم ونجابتكم فبارك الله فيكم».
 
وينقل الدجاني، في مقابلته مع الشريف الحسين، قوله: «إنني اتساءل يا عزيزي والله وكثيراً ما كانت الدموع تنزل من عيوني كلما قرأت حوارتكم في فلسطين، فما هذا التخاذل وما هذا الشقاق والتنافر والنزاع الضارب أطنابه في بلادكم ولم هذه الحوادث المؤلمة انكم تضحون ببلادكم وترتكبون خطيئة سيسجلها عليكم التاريخ. أنتم تعلمون والله ما أقول وكيل بإنني لم أصل الى ما وصلت اليه من النكبة إلا من اجل فلسطين، ولم اتمسك بها ولم أحافظ على التفريط بهذه البقعة الطاهرة لما حصل شيء مما أنا فيه الان وإنه ليؤلمني والله أن أراكم على هذه الصورة من التخاذل والشقاق فلماذا لا توحدوا صفوفكم ولماذا تقاتلون بعضكم بعضاً إنكم في اعمالكم هذه تضعون البقية الباقية من الحرمة والاعتبار التي كانت عالقة في أذهان الأجانب».
 
ودعا الشريف الحسين، في هذه المقابلة، إلى الوحدة، موضحاً موقفه من عروبة فلسطين، خلال سنوات الثورة العربية الكبرى، قائلا «سيأتي يوم تعرف فيه الأمة العربية أنني قمت بكل ما أوحاه علي الضمير والاخلاص، وضحيت بكل عزيز وغالٍ غير أن تخاذلنا وتفرقنا هو الذي ضيع الآمال، ثم جرنا الى العهود المقطوعة لجلالته من انجلترا والحلفاء فأمر حاجبه بدعوة كاتب جلالته ثم آمر الكاتب بابراز الوثائق التي عنده وأطلعني عليها فإذا هي والله لو قارناها بوعد بلفور وجدنا ان بينهما وبين وعد بلفور بوناً شاسعاً وأننا لو تمسكنا بهذه الوثائق وعرفنا كيف نطالب بها وندافع عنها لكان اليوم في البلاد العربية امبراطورية مستقلة استقلالاً حقيقياً لا غبار عليه ابداً».
 
ويواصل الشريف الحسين القول «لكننا للاسف لم نعرف كيف نطالب بتنفيذه هذه الوعود، فاضعناها وأضعنا ملكاً وبلاداً وحرية ووطننا أضعنا كل شيء مع ان اليهود تمسكوا بتصريح بسيط خرج من فم بلفور وقيدوه ودافعوا من اجله وبذلوا كل رخيص وغالٍ حتى سجلوه في جمعية الأمم ووضوعها في صك الانتداب وفازوا بموافقة جميع الحلفاء عليه وهكذا اصبحنا والحمد الله بين الهداء والسماء معلقين لا وطن لنا ولا بلاد ولاشيءيذكر».
 
وتختم المقابلة بالقول: «استاذنت من جلالته لقرب سفر الباخرة ثم ركبت السيارة وذهبت الى ليماسول وهي تبعد ساعتين ونصف بالسيارة حيث اخذت الباخرة وتابعت السفر ورايت من واجبي أن انقل الى أبناء البلاد العربية ما دار بيننا من الحدديث لا سيما أبناء فلسطين».
 
ستبقى كلمات وتعابير الحسين بن علي (طيب الله ثراه) شاهدةً حتى اليوم على شرعيةٍ هاشمية تفدي وتعطي وتدافع وتمنح في سبيل القدس وفلسطين، وهي شرعية لا زالت حاضرة، حتى زمان مليكنا عبدالله الثاني ابن الحسين، ومواقفه الراسخة في حماية عروبة مقدسات فلسطين.