عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Nov-2021

أفغانستان التالية: كيف لا نخسر الحرب على الإرهاب في إفريقيا؟

 الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة

 
تقرير خاص – (الإيكونوميست) 20/11/2021
 
للانتصار على الجهاديين في منطقة الساحل، يجب أن يتعلم الغرب من أخطاء الماضي. قد يجادل البعض بأن الدرس الرئيسي من حرب أفغانستان هو تجنب قتال المتمردين في الأراضي البعيدة، حيث لا توجد مصالح وطنية ملحة على المحك. لكن هذا ليس هو واقع الحال في منطقة الساحل، حيث استهدف الجهاديون المتحالفون مع تنظيمي “القاعدة” و”داعش” الدول الغربية، وفجروا سفاراتها وخطفوا أو قتلوا مواطنيها. وإذا تم منح الجهاديين الملاذات والوقت، فمن المؤكد أنهم سيشنون هجمات على الأراضي الأوروبية أو الأميركية أيضًا.
* * *
في العديد من البلدان الغربية، يجتمع السياسيون والجنود والمحاربون القدامى في كل تشرين الثاني (نوفمبر) للإشادة بالرفاق الذين قتلوا وهم يقاتلون من أجل بلدهم. ومن بين أولئك الذين تم الاحتفال بهم هذا العام أكثر من 3.500 جندي من أميركا وحلفائها قتلوا في أفغانستان قبل الانسحاب الغربي المهين من هناك هذا الصيف. ومن بين أولئك الذين يدفعون هذه الجزية، بعيدًا عن النصب التذكاري في لندن أو قوس النصر في باريس، كان هناك جنود غربيون يغطيهم الغبار في حاميات صغيرة عبر مساحات شاسعة من إفريقيا. ومع انتهاء الإجراءات الاحتفالية والرسميات، استأنفوا شغل مواقعهم بين ما يقرب من 9.000 جندي أوروبي وأميركي يقفون على خط المواجهة فيما يعد الآن أكبر هجوم يشنه الغرب ضد الجهاديين في منطقة الساحل. ولا تسير الأمور هناك على ما يرام. أما كيف سينتهي الأمر، فيعتمد إلى حد كبير على ما إذا كان الغرب يتعلم الدروس الصحيحة من إخفاقاته في أفغانستان.
قد يجادل البعض بأن الدرس الرئيسي من تلك الحرب هو تجنب قتال المتمردين في الأراضي البعيدة، حيث لا توجد مصالح وطنية ملحة على المحك. لكن هذا ليس هو واقع الحال في منطقة الساحل، حيث استهدف الجهاديون المتحالفون مع تنظيمي “القاعدة” و”داعش” الدول الغربية، وفجروا سفاراتها وخطفوا أو قتلوا مواطنيها. وإذا تم منح الجهاديين الملاذات والوقت، فمن المؤكد أنهم سيشنون هجمات على الأراضي الأوروبية أو الأميركية أيضًا. ويقول جنرال غربي: “هذا هو هدفهم وتصميمهم، كانوا صريحين حيال ذلك”.
كما ترى الحكومات الغربية مصالح أخرى على المحك أيضًا. وتُعد البلدان الأكثر تضررًا في منطقة الساحل (بوركينا فاسو، ومالي والنيجر) من بين أفقر البلدان في العالم، ولديها أسرع معدلات نمو السكان في العالم أيضاً، وهي من بين البلدان التي يتسبب فيها تغير المناخ بأكبر قدر من الضرر. ولن يتطلب الأمر الكثير من الضغط من قبل المتمردين لجعل بعض هذه الدول الهشة تنهار. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تشريد الملايين، الذين سيفر الكثير منهم من الكارثة الإنسانية التي تعقب ذلك شمالاً، إلى أوروبا.
كيف يمكن درء النكبة؟ تؤكد التجربة في أفغانستان ضرورة التحلي بالصبر. وقد عارضت هذه المجلة “الإيكونوميست” الانسحاب من ذلك البلد في حين كان بإمكان قوة صغيرة أن تبقي طالبان في مأزق من دون تكبد الكثير من الضحايا. ويجب أن توضح الحكومات الغربية -وخاصة فرنسا، التي تقوم قواتها بمعظم القتال- أنها تخوض معركة طويلة في منطقة الساحل.
كانت محاولة بناء ديمقراطية كاملة في مواجهة ساعة لا تتوقف عقاربها عن الدوران في أفغانستان مهمة حمقاء. وسوف يستغرق القيام بذلك في منطقة الساحل عقودًا، إذا كان ممكنًا على الإطلاق. وبالتالي، على الرغم من أن الغرب يجب أن يقدم أكثر من حل عسكري بحت، فإنه يجب أن يكون واقعياً بشأن ما يمكنه تحقيقه. سوف تكون البداية هي الاستجابة للمظالم المحلية. وقد هزمت النيجر تمردًا شنته أقلية الطوارق في التسعينيات من خلال الجمع بين العمل العسكري والمحادثات والوعود بالتمثيل السياسي ونصيب من عائدات الدولة. وفي مالي، قدمت أكثر من 40 اتفاقية سلام محلية بعض الراحة من الصراع المستمر. ويجب على الغرباء سقاية هذه البراعم الخضراء النادرة للسلام.
كما أظهرت خبرة أفغانستان أيضًا أنه، حتى مع القوة العسكرية الساحقة، من الصعب هزيمة التمرد من دون كسب قلوب وعقول السكان المحليين أيضًا. وفي منطقة الساحل، يتسبب كل طلب لرشوة، وكل مذبحة يرتكبها رجال الميليشيات أو الجنود، إلى تنفير المدنيين من الأنظمة المدعومة من الغرب وتدفعهم نحو الانضواء تحت راية الجهاديين السوداء. لكن الحكومات تتردد في نزع سلاح الميليشيات أو ملاحقة الانتهاكات خوفا من إثارة المزيد من الانقلابات. ويجب أن ينظروا إلى النيجر التي نجحت في تثبيط عزيمة الميليشيات العرقية. وعلى الرغم من تضررها بشدة من التمرد الجهادي، إلا أنها تجنبت إلى حد كبير دوامة العنف الطائفي التي ابتلي بها جيرانها. وأبعد من ذلك، أظهرت أوغندا أنه من الممكن محاسبة القوات بلا رحمة من خلال الحكم على اثنين من قوات حفظ السلام التابعة لها بالإعدام لقتلهم مدنيين في الصومال.
يجب أن تكون الحكومات الغربية صادقة مع ناخبيها. وما لم تتمكن من بناء الدعم الشعبي لحرب طويلة، قد ينتظر الجهاديون ببساطة حتى تصاب العملية التي تقودها فرنسا بالإنهاك. وسوف تكون تلك وصفة للهزيمة المخزية نفسها التي عانى منها الغرب في أفغانستان. ولا يجب أن يحدث ذلك مرة أخرى.
 
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: The next Afghanistan: How not to lose the war on terror in Africa