"سجون خاصة".. قصص محملة بالإنسانية تعكس قضايا واقعية
"الغد-عزيزة علي
وقعت القاصة فوز أبو سنينة، أول من أمس، مجموعتها القصصية "سجون خاصة"، الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، وذلك في مقر المكتبة الوطنية.
شارك في الحفل الذي حضره مندوبا عن وزيرة الثقافة مدير الدراسات والنشر، د. سالم الدهام، كل من الروائي رمضان الرواشدة، وداد أبو شنب، والناشر جهاد أبو حشيش وأدار الحفل الزميلة الإعلامية تهاني روحي.
وقال الرواشدة "نجد في قصص أبو سنينة موهبة قصصية متميزة من حيث الومضة القصصية التي اختزلت خمس سنوات من الضجيج الداخلي والصراع بين حب الثأر الشخصي وانتظار عدالة المجتمع والسجن الخاص بها نتيجة الشعور بالعجز"، مبينا أن بناء المجموعة جاء محكم وذات لغة أثيرية وقص حكائي ممتع يشدك بقوة لأن تتابع قراءة باقي القصص في هذه المجموعة المتميزة الحقيقة.
وخلص الرواشدة إلى أن "أبو سنينة" تمضي في هذه المجموعة مع كثير من الدهشة، فقد "جعلتني أعيش مع قصصها ساعات من سجني الخاص مثلما بها من (سجون خاصة)، فنحن أمام كاتبة متميزة مبدعة تحتاجها الساحة الأدبية بقوة.
من جانبها استعرضت وداد أبو شنب المجموعة القصصية حيث قالت إنها تتقاسمها تسع عشرة قصة ومفتتح وإهداء من القصص ما كان مسكونا بهاجس نسوي، ومنها أولى القصص وعددها خمس، مبينة أن "أبو سنينة" برعت في صناعة الدهشة، ومهما تواطأت مع متلقيها بإرسال دلائل أو أدلة بين الفينة والأخرى، إلا أنها تكسر أفق انتظاره بخاتمة غير متوقعة، لافتة إلى مفارقات الغرائبية على متن هذه المجموعة، فالسارد الذي تبنته القاصة ليعرض مواضيعها، يأتي على ضميرين: هما المفرد المتكلم (أنا) والغائب (هو أو هي)، مبينة أن الكتابة عند "أبو سنينة" تتجاوز مبدأ الإسقاطات وهاجس الصوت النسوي، فاشتغلت على النص بأنساقه حسب السياق المطروح.
وقالت أبو شنب إن أبو سنية رسمت في قصة "هبوط اضطراري"، الشخصية التي تثور على المجرم، فجاءت بنهاية غرائبية خيبت أفق انتظار المتلقي وأخرجت منه دهشة قوية إلى نهاية غير متوقعة لقصة عادية جدا مساراها: "السردي والحكائي طبيعيان جدا، وذلك بأن جعلت المضيفة تركض باتجاه التراب بعيدا عن المهبط وهي تمسكه بكلتا يديها، وعند محاولة رجال الأمن إعادتها إلى الاسفلت، أو المهبط نبتت من أصابعها جذور متينة، وتجذرت أطرافها في التراب ثم تحجرت واستحالت تمثالا يرمز إلى النجاة والسلامة، ولحقها بعد ذلك ركاب كثر تحنطوا مثلها وتحجروا، هكذا كان التطهير من خطيئة الهجرة!!".
وبينت أبو شنب أن شخصية قصة "عشرة كاملة" تتحول إلى امرأة قوية جدا تجمع مكافآت ضعفها وخنوعها (الخواتم ذات الأحجار الكريمة الملونة بلون نوع الاضطهاد الذي مارسه زوجها عليها) في يد وتمسك بسلاح بوحها (القلم) باليد الأخرى، فجاء الثأر بالحرف المكتوب، وبالفعل "الضرب والطعن! نهاية طبيعية لكنها كسرت أفق انتظار المتلقي وأثارت دهشته! فهل تحررت الشخصية؟!"
وخلصت أبو شنب إلى أن هذه المجموعة هي ذات شجون، لا سيما تلك القصص ذات الطابع الإنساني: "مفلسو الأحلام"، والقصص النفسية مثل "تسونامي"، "هدوء عظيم". حيث أبحرت أبو سنينة في السرد والقص وصناعة الدهشة واقعا وغرائبية، لتبدع في ذلك وتخلق آفاقا من الانتظار لقارئها الذي يشكل في لحظة معينة أفقا جديدا يصنعه في لحظة تغيير الرسالة من المتوقع إلى ما وصله.
فيما قالت الناشر جهاد أبو حشيش إن أبو سنينة استطاعت من خلال قصصها المحملة بالإنسانية في تقديم قراءة متأنية للواقع الذي نعيشه فهي تحمل أبعادا فكرية عميقة لغتها قوية تمتلك الدهشة، ناهيك عن تنوع المشاعر في قصصها.
وفي نهاية الحفل قالت الكاتبة فوز أبو سنينة إن لكل منا سقطات، أحلام، تجارب حفرت في داخلنا علامات غائرة.. لكل منا وجع، تحد، فرح وخوف، تدفعنا في مجموعها إلى وضع أقنعة خفية عمن حولنا.. وكم دفعنا من أرواح و كم مرة دفعت فيها أرواحنا إلى هوامش الأيام أو إلى حجرات سجونها؟! هي سجون خاصة ندخلها لنختفي خلف قضبانها بأمر منا نحن أحيانا أو بأمر من الناس أو حوادث القدر فتقف حاجزا بيننا وبين أنفسنا وبيننا وبين الحياة التي تصبح كأسا مليئا بالهواء نحتاج أن نفرغه من الوهم ونملأه مجددا بما نحب.. سجون خاصة تسلط الضوء على أشخاص يعيشون بيننا، ربما كانوا نحن.. كتبتهم لأجرب أن أصبغ ببقعة ضوء ظلام اللامبالاة والنكران والنسيان ولأقول بأنهم ليسوا وحدهم.. بل لسنا وحدنا، فلكل واحد منا في هذه الدنيا سجونه الخاصة.
ثم قرأت أبو سنينة بعض القصص من مجموعتها منها "هبوط اضطراري، إعادة تدوير، أشياء جميلة، نيران صديقة، ورحلة شفاء".
وقد استهلت الزميلة الإعلامية تهاني روحي الحفل بالإشادة بأبو سنينة، مبينة أن قصصها محملة بالإنسانية وتقدم قراءة متأنية للواقع الذي نعيشه يوميا. وأشارت إلى أن كل قصة تجعلنا نتأمل في الدور الذي يمكن أن نؤديه لترسيخ مفهوم العدالة الاجتماعية. وأكدت أن "سجون خاصة" له دور كبير في توجيه بوصلتنا نحو التأكيد على الطبيعة الخيرة للإنسان وتعزيز أفكارنا نحو التفكير في الآخرين.
يذكر أن فوز أبو سنينة هي من مواليد القدس وتعيش حاليا في إيطاليا بعد أن تنقلت للعيش في عدة بلدان. حاصلة على ماجستير في الإدارة الهندسية من الجامعة الأميركية في بيروت.